وسط مشهد سياسي وأمني متوتر، تتسارع التطورات بشأن مفاوضات التهدئة بين إسرائيل وحركة حماس، حيث تحاول الأطراف المعنية الوصول إلى صيغة اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة.

ومع ذلك، تبرز شروط إسرائيلية جديدة كعقبة قد تُفشل هذه المفاوضات الدقيقة، التي تجري برعاية وسطاء دوليين من الولايات المتحدة وقطر ومصر.

مطالب إسرائيلية تعقد المشهد

من بين الشروط الإسرائيلية المثيرة للجدل، اشتراط بقاء الجيش الإسرائيلي في عمق 700 متر داخل مدينة رفح، إضافة إلى ممارسة "الفيتو" على قائمة الأسرى الفلسطينيين الذين سيُفرج عنهم.

مصدر مطلع على المفاوضات أوضح لـ"سكاي نيوز عربية" أن هذه الشروط جاءت في اللحظات الأخيرة، مما أضاف تعقيدات جديدة قد تعيق التوصل إلى اتفاق شامل.

في المقابل، نفت إسرائيل هذه الاتهامات، حيث وصف مصدر سياسي إسرائيلي إدعاءات حماس بأنها "محاولة للتهرب من إتمام الصفقة".

ورغم ذلك، فإن الأجواء الميدانية والإنسانية الملحة تضغط على الأطراف للتوصل إلى اتفاق، خصوصاً مع تفاقم الأزمة في غزة واستمرار التصعيد.

الانسحاب التدريجي وإعادة الانتشار

وفق مسودة الاتفاق، إذا تم التوصل إلى تهدئة، ستبدأ إسرائيل عملية انسحاب تدريجي من القطاع تمتد على مدار 42 يوماً. تشمل هذه العملية إعادة الانتشار إلى مناطق عازلة على حدود غزة مع إسرائيل ومصر.

ومع ذلك، لا يزال هناك غموض حول تفاصيل الانسحاب، خصوصاً فيما يتعلق بآلية فتح معبر رفح الحيوي وإيصال المساعدات الإنسانية.

حرب غزة.. اتفاق على طاولة الانتظار

مواقف الأطراف المعنية

وأكد مدير المؤسسة الفلسطينية للإعلام "فيميد"، في تصريح لـ"سكاي نيوز عربية"، إبراهيم المدهون، أن حماس أبدت موافقة مبدئية على الاتفاق، لكنها تنتظر ضمانات إسرائيلية بشأن الانسحاب ومعبر رفح.

وأضاف: "الاحتلال الإسرائيلي يراوغ ولم يُقدم حتى الآن موافقة رسمية على الاتفاق، رغم الضغوط الأمريكية المتزايدة".

بدوره، أشار محرر الشؤون الإسرائيلية في "سكاي نيوز عربية"، نضال كناعنة، إلى أن حركة حماس تسعى لضمان تنفيذ إسرائيل لبنود الاتفاق دون التلاعب بها.

وقال: "رغم الشروط الإسرائيلية، يبدو أن التوصل إلى اتفاق بات قريباً، خاصة مع وجود ضغوط أمريكية كبيرة تدفع باتجاه التهدئة".

أما المتخصص في الشؤون الإسرائيلية، جاك خوري، فقد أوضح أن المشهد الحالي يعكس حالة من التوتر والمناورات السياسية، حيث تسعى إسرائيل إلى تحقيق مكاسب سياسية داخلية من خلال تصعيد مواقفها، بينما تحاول حماس استغلال الوضع الإنساني الضاغط لتحقيق تنازلات ملموسة.

تأثير الداخل الإسرائيلي

على الصعيد الداخلي، تسببت المفاوضات في خلافات بين الأجنحة السياسية الإسرائيلية. وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش عبّرا عن معارضتهما للاتفاق، متهمين رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بالرضوخ للضغوط الدولية. بن غفير صرح سابقاً بأن "الضغط الذي مارسه على الكابينت كان السبب في تعطيل اتفاقات سابقة"، في حين يسعى نتنياهو لتحقيق توافق داخلي لضمان تمرير الاتفاق.

ورغم التفاؤل الحذر بإمكانية التوصل إلى اتفاق، تبقى التساؤلات قائمة حول "اليوم التالي" للتهدئة. كيف ستُدار غزة بعد انسحاب القوات الإسرائيلية؟ وهل ستتولى السلطة الفلسطينية إدارة القطاع؟ وما هو مصير السكان الذين عانوا من ظروف إنسانية كارثية خلال الأسابيع الماضية؟.

اتفاق التهدئة في غزة.. انقسام إسرائيلي إلى العلن

الوساطة الدولية.. عامل حاسم

تلعب الوساطات الدولية، خصوصاً القطرية والأميركية، دوراً محورياً في دفع المفاوضات قُدماً. ومع ذلك، فإن تناقض المواقف بين الأطراف يجعل من الصعب التنبؤ بنتائج حاسمة.

وتشير مصادر مطلعة إلى أن إدارة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب تمارس ضغوطاً على إسرائيل لتقديم تنازلات، بينما تُتهم إدارة بايدن بالتماهي مع الموقف الإسرائيلي وعدم ممارسة ضغط كافٍ على نتنياهو.

مع استمرار التوتر وتصاعد الترقب، تبدو المفاوضات الحالية وكأنها "رقصة على حافة الهاوية"، حيث يتوقف تحقيق التهدئة على قدرة الأطراف على تجاوز العراقيل والشروط المتبادلة. في النهاية، يبقى الشعب الفلسطيني في غزة هو المتضرر الأكبر، وسط آمال بإنهاء المعاناة الإنسانية التي تفاقمت بشكل مأساوي.

اتفاق التهدئة في غزة.. تفاصيل الأمتار الأخيرة