وصف خبير تحدث لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية" قرار البنك المركزي المصري الصادر الخميس بزيادة أسعار الفائدة، بأنه يعد تحريرا كاملا لسعر صرف الجنيه أمام الدولار وجعل سعره يتحدد وفقا للعرض والطلب.
- وصباح الخميس رفع البنك المركزي المصري معدلات الفائدة بمقدار 200 نقطة أساس، خلال اجتماع استثنائي، ليصبح سعر عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة 13.25 بالمئة و14.25 بالمئة على التوالي.
- تضمن بيان المركزي فقرة مهمة قال فيها إنه "تم اتخاذ إجراءات إصلاحية لضمان استقرار الاقتصاد الكلي وتحقيق نمو مستدام وشامل، وتحقيقا لذلك سيعكس سعر الصرف قيمة الجنيه المصري مقابل العملات الأجنبية الأخرى، بواسطة العرض والطلب، في إطار سعر صرف مرن".
- وبمجرد صدور القرار أخذ الجنيه في التراجع أمام الدولار بمعدلات متسارعة حيث تخطى سعر الدولار بالبنوك 22 جنيها بعدما كان مستقرا لفترة عند 19.65 جنيها، ويستمر الدولار في الزيادة كل لحظة.
من جانبه، قال الخبير الاقتصادي والأكاديمي المصري، كريم العمدة في تصريح لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية" إن قرار البنك المركزي الصادر الخميس برفع الفائدة وتأكيده على اتباع سعر صرف مرن للجنيه أمام العملات الأجنبية، يعني تحرير كاملا للجنيه وترك سعره يتحدد وفقا للعرض والطلب.
وأوضح أن ذلك يؤكده الارتفاع المتسارع لسعر صرف الدولار أمام الجنيه في البنوك ومؤكد أنه حقق ارتفاعا أكبر في السوق الموازية، حيث أنه في البنوك تخطى 22 جنيها فهو في السوق الموازية قد يتخطى 24 جنيها للدولار الواحد.
وتابع العمدة أن هذا لا يعني أن الدولار سيستمر في الارتفاع دون توقف، ولكن أسعار الصرف ستظل متذبذبة ارتفاعا وصعودا حتى الأحد المقبل وقد يشهد الجنيه استقرارا نسبيا أمام الجنيه وتتحدد قيمته العادلة التي ستستمر وتتغير بشكل طفيف وفقا للعرض والطلب بعد ذلك.
وشرح العمدة أن السبب في ارتفاع سعر الدولار الآن بعد قرار المركزي المصري هو حالة المخاوف التي ينتج عنها مضاربات وحركة بيع وشراء كثيفة للدولار، فمن معه دولار يتخوف من إمكانية انخفاضه فيسعى لبيع جزء منه ومن يحتاج للدولار يخشى ارتفاعه بشكل أكبر فيسعى لشراءه بكثرة وكل ذلك ينتج عنه تذبذب سعر الصرف.
وأكد أن السوق سيكون قد امتص صدمة قرار المركزي مع مطلع الأسبوع المقبل، وستظهر القيمة الحقيقية للجنيه، ووقتها سيطلق المركزي مؤشر قياس أداء العملة المحلية أمام العملات الأجنبية التي يدرس إطلاقها.
- يوم الأحد أعلن محافظ البنك المركزي المصري حسن عبد الله، خلال مؤتمر اقتصادي، أن المركزي يدرس استحداث مؤشر للجنيه المصري يقيس أداء العملة المصرية مقابل سلة من العملات وعناصر أخرى مثل الذهب، وذلك في مسعى "لتغيير الثقافة والفكر" بشأن ارتباط سعر الصرف بالدولار، مؤكدا أن مصر ليست دولة مصدرة للبترول حتى يكون لديها سعر صرف مربوط بالدولار.
- وفي وقت سابق أكد خبراء لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية" أنه قبل إطلاق مؤشر أداء الجنيه لابد أن يتم تحرير سعر صرف العملة المحلية بالكامل، حتى يتحدد سعرها الحقيقي، ويكون مؤشر قياس أدائها دقيقا وتتحدد نقطة أساس انطلاق هذا المؤشر من السعر العادل والحقيقي للجنيه أمام بقية العملات.
وأوضح الخبير الاقتصادي، كريم العمدة أنه من المفترض أن مؤشر أداء العملة مع عقود التحوط المستقبلية التي يدرس المركزي إطلاقها أيضا، كل ذلك سيقلل المضاربات على الدولار حيث أن سعر صرف الجنيه لن يكون مرتبطا بالجنيه وحده بل بالعملات الرئيسية الأخرى وخاصة تلك التي لمصر تعاملات تجارية كبيرة مع دولها.
وشدد على أنه في تلك الحالة فلن يسعى كل مستورد لشراء دولارات خوفا من زيادة سعره مستقبلا لأنه يمكنه عمل عقود تحوط مستقبلية فضلا أن السعر سيكون عادلا بشكل كبير في أي وقت يقرر فيه شراء الدولارات أو أي عملات أخرى يحتاجها في أعماله كما أن الأسواق المحلية ستشهد تعاملات بالجنيه المصري بشكل أكبر وهذا يقوي من وضع الجنيه.
وأشار إلى أن التحرير هذه المرة رغم أنه تحرير كامل فإن صدمته على الأسواق لن تكون كبيرة بسبب آليات التدرج التي اتبعها المركزي قبل القرار والتي في كل مرة كانت تمتص جزءا من الصدمة، على عكس التحرير المفاجيء الذي تم عام 2016 أو في مارس الماضي، حيث في كل مرة كان الدولار يقفز حوالي 5 جنيهات بمجرد صدور القرار، بينما هذه المرة فالقفزة متدرجة في سعر الدولار.
واستطرد قائلا: إن قرار رفع أسعار الفائدة بالقطع سيؤدي لزيادة كبيرة في أسعار السلع وخاصة المستوردة وحتى السلع المحلية سترتفع أسعارها نظرا لزيادة التكاليف وهو ما يحتاج رقابة كبيرة من السلطات لضبط الأسواق ومنع المبالغة في الأسعار.
وكذلك أكد أن البنوك الحكومية بدأت في إصدار شهادات استثمار بفوائد مرتفعة تتخطى 17 بالمئة لامتصاص السيولة من السوق وتشجيع الناس على الاحتفاظ بالجنيه المصري، وكل ذلك من أدوات امتصاص صدمة قرار المركزي.
واتفق معه أستاذ الاقتصاد بجامعة حلوان، عمرو سليمان، الذي قال لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية" إن قرار المركزي الصادر الخميس يتفق مع توصيات المؤتمر الاقتصادي الذي عقد أخيرا، والذي وصى بضرورة تغيير بيئة الاقتصاد الكلي، لكي تكون جاذبة للاستثمار والصادرات، ومن ثم تم تحرير سعر الصرف ليعكس القيمة الحقيقية للجنيه بعيدا عن تحكمات البنك المركزي بقرارات لا علاقة لها بقيمته.
وتابع أنه لكون قرار تحرير صرف الجنيه ستكون له أثار تضخمية كبيرة فإنه تم زيادة أسعار الفائدة بالتزامن، كما أن القرار استبقه قرار من الحكومة بحزمة حماية اجتماعية تتمثل في رفع الحد الأدني للأجور من 2700 إلى 3000 جنيها، وكذلك طرحت البنوك الحكومية شهادات استثمار بعائدات كبيرة لتحد من صدمة القرار.
وأوضح أن قرارات المركزي هي مرحلة جديدة من مراحل الإصلاح الاقتصادي في مصر، ويتوقع أن يوافق صندوق النقد الدولي على القرض الجديد لمصر في أقرب وقت ممكن، لأن أحد أهم معوقات القرض كانت رؤية الصندوق أن قيمة الجنيه أكبر من الحقيقة، وأن السعر غير مرن وغير محرر.
وأوضح أنه ربما يشهد سعر الدولار أمام الجنيه ارتفاعا أعلى من القيمة العادلة له ولكن هذا لن يكون له تأثير كبير ولا ضرر، لأن هذه طبيعة تأثيرات قرار التحرير، وبعد ذلك ستستقر الأسعار عند مستويات تحقق الكفاءة للاقتصاد المصري.
وتوقع أن تزيد تحويلات المصريين بالخارج وكذلك عوائد الصدارات والسياحة بشكل كبير العام المقبل، وخلال الربع الأخير من هذا العام، وكل هذا سيقلل من صدمة التعويم أو نقص العملة الأجنبية في مصر.
واشار إلى أنه من المنتظر أن تشهد البورصة المصرية تدفقات عربية وأجنبية الفترة المقبلة، وكان من المستحيل حدوث ذلك وسعر الصرف مشوه وغير حقيقي.
تجدر الإشارة إلى أن قرار المركزي الخميس تبعه قرار آخر يشمل تسهيل عمليات الاستيراد من الخارج عبر العقود الآجلة والاعتمادات المستندية ومستندات التحصيل وغيرها من إجراءات هدفها التسهيل على المستوردين والقضاء على الأزمات التي نتج عنها تكدس البضائع بالموانيء المصرية نتيجة نقص العملات الأجنبية.