يغذي اغتيال الرئيس الأميركي الأسبق جون إف. كينيدي، في 22 نوفمبر 1963، في دالاس، الذي يعد لحظة مفصلية في تاريخ الولايات المتحدة، نظريات المؤامرة منذ عقود، إذ يشكك البعض في أن يكون "المتهم الرسمي" لي هارفي أوزوالد المسؤول وحده عن العملية.
وجاء إعلان الرئيس دونالد ترامب، السبت، بالسماح بنشر آلاف الوثائق السرية المرتبطة بعملية اغتيال كينيدي (46 عاما حين قتل) بمثابة الخطوة التي انتظرها المؤرخون، وأصحاب "نظريات المؤامرة" منذ مدة طويلة.
تحقيقات متضاربة
وقد ينسف التعهد الذي قطعه ترامب على نفسه، عندما قال على تويتر "شرط تسلم معلومات جديدة، سأسمح بصفتي رئيسا بفتح ملفات جي.إف.كاي التي بقيت مغلقة فترة طويلة، ومصنفة سرية"، (قد ينسف) صحة التحقيقات السابقة التي وصفها البعض بأنها محاولة مستميتة للتعتيم على الحقيقة.
فقد خلص تحقيق رسمي، استغرق 10 أشهر، وأشرف عليه قاضي المحكمة العليا إيرل وارين، إلى أن أوزوالد تصرف بمفرده عندما أطلق النار على موكب كينيدي، وأصاب الرئيس بطلقتين في ظهره ورأسه.
وقتل أوزوالد، الذي ألقي القبض عليه، بعد يومين أثناء نقله من سجن المدينة بيد مالك ملهى ليلي يدعى جاك روبي.
وأوزوالد عنصر سابق في قوات "المارينز" عاش فترة في الاتحاد السوفياتي.
لكن لجنة تحقيق خاصة، تابعة لمجلس النواب، خلصت عام 1979 إلى أن كينيدي "اغتيل على الأرجح نتيجة مؤامرة"، مرجحة أن شخصين أطلقا النار.
ووجهت نظريات المؤامرة، التي برزت على مدى الأعوام، الاتهام إلى أطراف عديدين، بينهم الزعيم الكوبي فيدل كاسترو، والمافيا، والمخابرات السوفياتية، وليندون جونسون، نائب كينيدي الذي تولى الرئاسة عقب اغتياله، إضافة إلى وكالة المخابرات المركزية.
وتعددت الاتهامات وزاد عدد المتهمين بالنظر إلى ما شهدته أولى سنوات ولاية كينيدي الحافلة بوقائع تاريخية فاصلة مثل أزمة الصواريخ في كوبا، وبداية التدخل الأميركي في فيتنام، فضلا عن احتدام الحرب الباردة بين واشنطن وموسكو، بالإضافة إلى إشاعات عن علاقة جمعت كينيدي بنجمة هوليوود مارلين مونرو.
ودخل ترامب نفسه على خط الهوس الشعبي بالقضية خلال انتخابات العام الماضي الرئاسية، إذ ربط بين والد منافسه الجمهوري آنذاك السناتور تيد كروز واغتيال كينيدي.
وقال في مقابلة عبر الهاتف مع "فوكس نيوز" في مايو 2016 إن والد كروز "كان برفقة لي هارفي أوزوالد قبل تعرض الأخير إلى إطلاق نار.
كروز، من جهته، وصف اتهامات ترامب بأنها "جنون".
وفي هذا السياق، كتب عضو الكونغرس الديمقراطي آدم شيف، تعليقا على إعلان ترامب نشر الملفات، عبر "تويتر": "هل يعني ذلك أنه سيتم فضح والد تيد كروز؟".
"مؤامرة" هوليوود
وتم نشر ملايين الملفات السرية المرتبطة بكينيدي بموجب قانون تم تمريره عام 1992، ردا على تزايد الدعوات من قبل الرأي العام لكشف ملابسات الحادثة، على إثر صدور فيلم للمخرج أوليفر ستون عن الاغتيال كان مشبعا بنظريات المؤامرة.
ولكن القانون فرض حجزا مدته 25 عاما على نسبة قليلة من الملفات تنقضي مدته في 26 أكتوبر 2017.
ويأتي إعلان ترامب عقب تقارير أشارت إلى أنه لن يتم نشر جميع الملفات، على الأرجح لحماية مصادر مخابراتية على صلة بالقضية.
وتقدر بعض التقارير عدد الملفات التي تم التحفظ عليها بـ3100. وينتظر كذلك نشر النسخ الكاملة لعشرات الآلاف من الملفات التي بقيت أجزاء منها سرية.