لا يبدو أن الدفع من أجل استقلال كتالونيا يجد دعما كبيرا في القانون الدولي ولا سابقة أكثر نجاحا، إلا أن السؤال الذي يتبادر إلى الأذهان هو كيف تحقق هذه الأقاليم الاستقلال؟
وقال زعماء إقليم كتالونيا شمال شرقي إسبانيا إن سكان الإقليم صوتوا لصالح الاستقلال في اقتراع قالت الحكومة المركزية والمحكمة الدستورية إنه غير قانوني.
وفيما يلي نظرة على كيفية إقامة دولة مستقلة قانونيا وعمليا.
ما هو رأي القانون؟
قالت آنا ستيلز أستاذة السياسة في جامعة برينستون: "فيما يتعلق بالقانون الدولي، فأنت تصبح دولة من خلال الاعتراف بك من قبل دول أخرى".
وتابعت: "يعتقد أن حق تقرير المصير لا يمتد إلى الأقليات الداخلية داخل دولة ما، بل يعتقد تقليديا أنه ينطبق فقط على الشعب المستعمر، أو الأشخاص الخاضعين للاستعمار الخارجي، أو الشعوب الخاضعة لحكومات فصل عنصري أو الشعوب الخاضعة للاحتلال العسكري".
كانت فكرة تقرير المصير، التي نشرها الرئيس الأميركي، وودرو ويلسون، قبل قرن من الزمان ردا على أفكار منظر الحزب الشيوعي السوفيتي، فلاديمير لينين، مدرجة في ميثاق الأمم المتحدة، الذي أسست بموجبه المنظمة الدولية عام 1945.
وأوضحت اتفاقات لاحقة للأمم المتحدة أنه لا يحق التدخل في شؤون الدول الأخرى، لكن المستعمرات والأقاليم الأخرى غير المتمتعة بالحكم الذاتي تتمتع بوضع متميز وحق في تقرير المصير.
ورفضت التعليق على قضية كتالونيا، لكن قالت إن هناك عدة سيناريوهات مقبولة لمجموعة من الناس للمطالبة بالحق في الحكم بشكل مستقل عن أي دولة أخرى.
ماذا يحدد "الاعتراف"؟
لا توجد قاعدة ثابتة وسريعة بشأن عدد الدول، التي يتعين أن تعترف بقيام دولة ما حتي يصبح لها وجود، فتايوان غير معترفا بها عالميا على أنها دولة ولكن لا تزال تعمل بشكل مستقل عن الصين في معظم الأمور.
وقد حقق مؤيدو دولة فلسطين المستقلة إنجازا عندما اعترفت الجمعية العامة للأمم المتحدة بها كدولة مراقب غير عضو في عام 2012 وهو ما يمنحها حق الانضمام إلى هيئات دولية مثل الشرطة الدولية (الإنتربول).
لكن دولا أخرى، لاسيما إسرائيل والولايات المتحدة، لا تعترف بفلسطين التي تكافح من أجل العمل بشكل مستقل.
ما هي الدولة على أي حال؟
تحدد اتفاقية مونتيفيديو لعام 1933 4 معايير لإقامة الدولة: حكومة عاملة، وسكان ثابتون، وسيطرة على أراض، والقدرة على الدخول في علاقات مع دول أخرى.
لكن استيفاء هذه المعايير ليس كافيا، وقالت ستيلز إن كيانا مثل أرض الصومال رغم امتلاكها لعملتها وأراضيها وحكومتها لا تحظى باعتراف بها كدولة.
وأيضا فإن عضوية الأمم المتحدة ليست ذات صلة بإقامة دولة، فسويسرا لم تكن عضوا في الأمم المتحدة حتى عام 2002، بيد أن أحدا لم يعتقد أنها أقل من دولة.
كيف تكسب الاستقلال عمليا؟
منذ تفكك الاتحاد السوفيتي عام 1991 نشأت عدة بلدان جديدة بعد سنوات من الحرب كما حدث في يوغوسلافيا السابقة.
وفي جنوب السودان وتيمور الشرقية، وافق المجتمع الدولي على استفتاء بشأن تقرير المصير على أمل تعزيز السلام بعد عقود من إراقة الدماء.
وكفلت ظلال حرب يوغوسلافيا انفصالا سلميا لتشيكوسلوفاكيا والذي بدأ عندما فازت الأحزاب السلوفاكية المطالبة بالاستقلال بالانتخابات الإقليمية، لكن استطلاعات الرأي أظهرت أن أغلبية من الجانبين كانت تفضل البقاء معا.
وأجرى الانفصاليون في اسكتلندا وكيبيك استفتاءين بعد سنوات من الحملات السياسية، لكن الناخبين في المنطقتين صوتوا ضد الاستقلال، وقد منحت المنطقتان مزيدا من الاستقلال الذاتي لتقويض قضية الاستقلال.
ولم يتم الاعتراف باستفتاءات أخرى على الصعيد الدولي، مثل المطالبة المدعومة من روسيا بانفصال شبه جزيرة القرم عن أوكرانيا والاستفتاء الذي أجري الشهر الماضي في إقليم كردستان العراق.
وأعلنت كوسوفو الانفصال من جانب واحد عام 2008 عن صربيا، التي ذهبت إلى المحكمة لمحاولة وقف ذلك.
وقررت محكمة العدل الدولية أن "القانون الدولي لا يتضمن أي حظر ساري المفعول لإعلان الاستقلال، "لكن أحد القضاة المعارضين قال إن ذلك يشكل "سابقة خطيرة جدا".