أثار الصعود الكبير لحزب البديل الشعبوي المتطرف في الانتخابات الألمانية الأخيرة موجة قلق في أوروبا لاسيما في النمسا، التي تستعد للانتخابات التشريعية المقررة في منتصف أكتوبر المقبل.
ويتطلع حزب الأحرار اليميني المتطرف المعارض لتعزيز شعبيته والفوز في الانتخابات النمساوية مستفيدا من الاختراق التاريخي، الذي حققه حزب البديل في الانتخابات الألمانية ودخوله البرلمان الألماني لأول مرة كثالث أكبر حزب في البلاد.
واعتبر زعماء الأحزاب اليمينية المتطرفة في أوروبا ومن بينهم زعيم حزب الأحرار في النمسا، كريستيان شتراخه، فوز الحزب البديل في ألمانيا بمثابة دعم مباشر لهم وصحوة للشعوب الأوروبية في مواجهة ملفات اللاجئين والهجرة والضمانات الاجتماعية وما يصفونه بـ"الإسلام المتطرف".
وفي غضون ذلك، أسفرت المناظرات التلفزيونية الأخيرة بين قادة الأحزاب الرئيسية في النمسا عن وجود تقارب كبير في وجهات النظر بين زعيم حزب الشعب المحافظ وزير الخارجية، سيباستيان كورتس، وزعيم حزب الأحرار، كريستيان شتراخه، إزاء هذه الملفات الحساسة، في وقت تراجعت شعبية الاشتراكيين وحزب الخضر المعارض.
وفي ظل هذه التطورات لا تستبعد استطلاعات الرأي الأخيرة أن يتمكن حزب الأحرار اليميني المعارض ولأول مرة من تجاوز الحزب الاشتراكي، الذي يقود الائتلاف الحاكم حاليا، في الانتخابات العامة المقبلة، ويحتل المرتبة الثانية بعد حزب الشعب مما يزيد حظوظه في الدخول في حكومة ائتلافية بين هذين الحزبين بعد أن تمكنا مؤخرا من تعزيز شعبيتهما عبر التركيز على مناهضة الهجرة واللجوء والاسلام.
ولا يزال حزب الشعب المحافظ بقيادة وزير الخارجية الشاب، سيباستيان كورتس، يتصدر استطلاعات الرأي من ناحية شعبيته وبنسبة حوالي 33 بالمئة، بينما يتوقع أن يتجاوز حزب الأحرار اليميني المعارض النسبة التي حققها في الانتخابات الأخيرة البالغة 20.5 بالمئة وربما يأتي بعده الحزب الاشتراكي، الذي يقود الائتلاف الحاكم بنسبة تتراوح بين 20 و25 بالمئة.
وفيما يتعلق بمشاركة مسلمي النمسا في الانتخابات التشريعية المقبلة طلبت منظمات إسلامية معترف بها في النمسا من قادة الأحزاب السياسية إعلان مواقفهم بشكل صريح من الإسلام ليتسنى لها توجيه المسلمين للتصويت في الانتخابات القادمة بناء على مواقف هذه الأحزاب، وذلك في ظل الحملة الشديدة ضد المسلمين في النمسا وتحميلهم مسؤولية التطرف والأعمال الإرهابية التي شهدتها أوروبا خلال الفترة الأخيرة.
ويشكل المسلمون النمساويون، وغالبيتهم من الأتراك والبوسنيين والعرب، مجموعة انتخابية هامة لا يستهان بها، إذ تفيد التقديرات بوجود حوالي 700 ألف مسلم من إجمالي عدد سكان النمسا البالغ 8.7 مليون نسمة.
يذكر أن أكثر من 6 ملايين مواطن نمساوي سيتوجهون إلى صناديق الاقتراع في 15 أكتوبر المقبل لاختيار برلمان جديد لهم يحدد شكل الحكومة النمساوية المستقبلية، حيث تشتد المنافسة بين الأحزاب السياسية في البلاد لدخول البرلمان، علما بأن نسبة 4 بالمئة من الأصوات تعد الحد الأدنى.