استبعد محللون ومراقبون للوضع في إثيوبيا أن يؤدي إعلان حالة الطوارئ في البلاد إلى وقف الاحتجاجات التي اتسع نطاقها في الأشهر الأخيرة لتشمل قطاعات أخرى من الإثيوبيين غير الأورومو والأمهرة، المكونان العرقيان الأكثر كثافة في البلاد.
ومن بين أكثر من 97 مليون نسمة، هم سكان إثيوبيا، يشكل أبناء عرقيّة الأورومو والأمهرة أكثر من 60 في المئة، بينما لا يزيد التيغراي عن 10 في المئة من سكان البلاد، وهم العرق الحاكم والمسيطر على مقدرات أثيوبيا.
ومنذ نحو عام، لم تزد الاحتجاجات العرقية عن عمليات إضراب غير رسمي عن العمل حيث يبقى الأورومو في بيوتهم بشكل سلمي احتجاجا على ما يعتبرونه مظالم من قبل التيغراي الحاكمين في أديس أبابا.
واتسعت الاحتجاجات قبل أشهر قليلة لتشمل الأمهرة أيضا، وذلك عقب الإعلان عن خطط الحكومة لتوسيع النطاق الإداري لأديس أبابا.
ورغم ان الاحتجاجات على مصادرة الأراضي والأملاك كانت سلمية في أغلبها، إلا أن السلطات الفيدرالية في أديس أبابا لم تعد قادرة على الاعتماد على الشرطة المحلية لإعادة تسيير الأمور ـ فالشرطة المحلية غالبا من أبناء العرقية ذاتها ولن يتصدوا بعنف لأبناء طائفتهم.
وما إن بدأت السلطات في إنزال قوات الجيش وقوات الأمن الفيدرالية في مناطق الاحتجاجات حتى تحولت من السلمية إلى العنف.
وبعد مقتل المئات وإصابة أضعاف هذا العدد في اشتباكات بين المحتجين من الأورومو والأمهرة والشرطة والقوات الفيدرالية، اضطرت الحكومة قبل يومين إلى فرض حالة الطوارئ لستة أشهر للمرة الأولى منذ تولي الجبهة الثورية الديموقراطية لشعب إثيوبيا الحكم عام 1991.
اتهام الخارج
يعود السبب الأساسي للاحتجاجات إلى إحساس أبناء الأورومو والأمهرة بالظلم التاريخي، وضاعف من ذلك سياسة الحكومة في أديس أبابا بتوفير الراضي والخدمات للمستثمرين الأجانب.
ورغم أن أغلب الأراضي التي تمنح للشركات الأجنبية هي أراض حكومية، إلا أن السكان من الأغلبية الأوروموية والأمهرية يعترضون على ذلك.
وخلال الأشهر الأخيرة، وبعد تحول الاحتجاجات إلى العنف، أحرق المتظاهرون ودمروا أكثر من 130 مصنعا ومزرعة أغلبها لشركات أجنبية.
وكان الرئيس الإثيوبي أجرى تغييرا حكوميا بداية العام، في محاولة لامتصاص الغضب الشعبي والاستمرار في سياسة جذب الاستثمارات الاجنبية لأثيوبيا.
وألقت السلطات الإثيوبية باللائمة في تأجيج الاضطرابات على المعارضين الإثيوبيين المقيمين في الخارج، خاصة في الولايات المتحدة.
واتهمت هؤلاء المقيمين في أميركا باستغلال وسائل التواصل الاجتماعي لتأليب الصراع العرقي والطائفي في البلاد.
وفي اضطرابات الخيرة اتهمت أديس أبابا مصر وإريتريا بمساعدة المحتجين، استنادا إلى مقطع فيديو قبل أعوام يظهر فيه معارضون إثيوبيون يلتقون مع مسؤولين مصريين. وبالطبع نفت القاهرة واسمرة أي تدخل في الشأن الإثيوبي.
ويقول مراقبون معنيون بمنطقة القرن الإفريقي إن أديس أبابا قلقة من تأثر الدعم الأميركي والبريطاني لها، وتلقي باللائمة على الخارج في مشاكل أساسها اعتراض قطاعات واسعة من الإثيوبيين على سياسات تنمية لا تحسن من مستواهم المعيشي بل تؤثر سلبا على أوضاعهم الاقتصادية والمعيشية.