يبدو أن حكومة حزب الحرية والعدالة في تركيا تتجه نحو مزيد من الصدام مع بعض مكونات الشعب التركي، وخصوصاً الأقلية العلوية فيها.
ففي إحدى الضواحي الفقيرة للعاصمة أنقرة، وضعت مخططات لبناء مسجد للسنة بجانب دار صلاة للعلويين الأتراك التي تعرف باسم "بيت الجمع".
وما إن بدء بوضع الأساسات للمسجد في حي طوزلوشاير بأنقرة حتى ثارت احتجاجات العلويين في الضاحية، أدت إلى اشتباكات مع الشرطة التركية.
ورداً على هذه الاحتجاجات من أبناء الطائفة العلوية في تركيا، وصف عمدة أنقرة المحتجين بأنهم "جنود الأسد"، في إشارة إلى الرئيس السوري بشار الأسد، الذي ينتمي للطائفة العلوية السورية ويخوض معركة بقاء مع الغالبية السنية في احتجاجات مستمرة منذ أكثر من عامين ونصف العام.
واحتج أحد أبناء الحي من العلويين، الذي يشكلون الأغلبية في هذ الحي الفقير، وقال إنه لا يمكن بناء مسجد بجانب "بيت جمع" العلويين وذلك لأن "معتقداتنا تختلف".
غير أن الاحتجاجات في هذا الحي الفقير لا تتجاوز عدة مئات، وهي أصغر من تلك التي شهدها حيّان من أحياء اسطنبول غالبية سكانهما من العلويين ضد قرارات رئيس رجب طيب أردوغان.
ويخشى أفراد من الأقلية العلوية التركية، التي تشكل ما نسبته 15 إلى 20 في المائة من الأتراك البالغ عددهم 76 مليون نسمة، من عمليات استيعابهم وتحويلهم إلى سنة.
فالمسجد "السني" إلى جانب بيت الجمع "العلوي" يشكلان جزءاً من مجمع ثقافي وديني للتقريب بين الأديان اقترحه الداعية السني فتح الله غولن وأيده رئيس وقف الطائفة العلوية في تركيا عز الدين دوغان، وذلك للتأكيد على فكرة الوحدة والتضامن بين جميع أطياف الشعب التركي.
غير أن 11 مؤسسة علوية في تركيا والخارج أصدرت بياناً انتقدت في البناء، ورفضت فكرة "مشروع استيعاب العلويين".
ورغم احتجاجات العلويين على المشروع، فقد حاولت الحكومة الابتعاد بمسافة منه حتى لا تعطي الإيحاء بأنها تدعمه أو تقف وراءه.
العلويون الأتراك والعلويون السوريون
غالباً ما يتم الخلط بين العلويين الأتراك والعلويين السوريين أو العرب، لكن الواقع أن الطائفتين مختلفتان، فالتشابه الوحيد بينهما عدا الاسم هو "حب آل البيت".
والعلويون السوريون في تركيا هم من ذوي الأصول العربية، وهم أقرب إلى المذهب الشيعي، بينما علويو تركيا هم أتراك أو كرد.
غير أن من أهم أوجه الاختلاف بين العلوية التركية والعلوية السورية هو أن الأولى مفتوحة للرجال والنساء ويمكن للجنسين الصلاة معا في بيت الجمع، وفقاً لمدير برنامج الأبحاث التركية في معهد واشنطن سونر حاغابتاي.
كذلك تجمع العلوية التركية بين الإسلام والصوفية، رغم أنهم ليسوا من السنة أو الشيعة، وتكن الاحترام لبعض تقاليد الديانة المسيحية والشامانية التي كانت موجودة في تركيا قبل الإسلام.