كشف مصدر أزوادي أن الجيش المالي شن غارات انتقامية على منطقة تينزواتن بعد اشتباكات عنيفة بين القوات الأزوادية وقوات "فاغنر" الروسية.
واستهدفت الهجمات عمال منجم الذهب في المنطقة، ما أسفر عن مقتل العشرات من المدنيين.
وأسفرت الهجمات أيضا عن سقوط العديد من القتلى والأسرى بين أفراد الجيش المالي وعناصر "فاغنر".
وأوضح المصدر أن الجيش المالي و"فاغنر" حاولا التقدم نحو معقل الأزواديين الأخير، في محاولة لاستكمال السيطرة على الأراضي الأزوادية بعد سقوط كيدال نهاية العام الماضي، إلا أن الحركات الأزوادية تمكنت من إلحاق خسائر فادحة بهم.
ويسعى الجيش المالي إلى بسط سيطرته على الإقليم الغني بالمعادن، بما في ذلك الذهب.
هجمات انتقامية لحفظ ماء الوجه
تعرضت منطقة إخربان لقصف عشوائي من قبل الطائرات المسيرة ظهر يوم الإثنين، حيث استهدف الهجوم عمال منجم الذهب، الأمر الذي أسفر عن مقتل العشرات من المدنيين، معظمهم من جنسيات تشمل النيجر وتشاد والسودان.
ويعكس هذا القصف تدهور الوضع الأمني في المنطقة وتأثيره السلبي على المدنيين.
وفي تصريح لموقع "سكاي نيوز عربية"، أوضح محمد المولود رمضان، الناطق الرسمي باسم تنسيقية الحركات الأزوادية، أن معارك تينزواتن بدأت يوم الخميس الماضي وبلغت ذروتها يوم السبت.
وتكبد الجيش المالي وقوات فاغنر خسائر كبيرة في الأرواح والمعدات خلال محاولتهم السيطرة على المدينة الغنية بالذهب.
وأشار رمضان إلى أن "استهداف عمال الذهب يعكس استمرار العمليات العسكرية الانتقامية بعد الخسائر الفادحة التي تكبدوها في المعارك الأخيرة".
وأكد رمضان أن "معارك تينزواتن تمثل مرحلة من الحرب الأوسع، مع خطة منظمة لاستعادة الأراضي الأزوادية في منكا وجاوا وكيدال وتمبكتو".
وأوضح أن "الوضع بعيد عن التوصل إلى حلول سلمية، حيث أن المجلس العسكري هو من بدأ الصراع دون الالتزام باتفاقية الجزائر".
صراع بلا منتصر
وفق محمد مادي غاباكتي، الخبير في الشؤون الإفريقية، فإن القتال حاليا في شمال مالي ليس مجرد مناوشات بسيطة، بل يحمل إمكانية التصعيد إلى صراع طويل الأمد ومكلف لجميع الأطراف.
وبيّن غاباكتي أن "فرص نجاح الجيش المالي تبدو محدودة، وحتى إذا تمكن الجيش من استعادة السيطرة على كيدال، معقل الحركات الأزوادية، فإنه قد يتكبد خسائر كبيرة، ولن يضمن بقاء السيطرة العسكرية على المدى الطويل. كما أن أي هزيمة أخرى ستؤدي إلى تآكل مصداقية السلطات وتقويض هدفها في استعادة سيطرة الدولة".
نزاع على الذهب
يعتبر الذهب من أهم السلع في مالي، حيث يهيمن على إجمالي الصادرات.
وأصبحت مالي ثالث أكبر منتج للذهب في إفريقيا والثالث عشر عالميا.
وتشير تقديرات وزارة المناجم إلى أن مالي تمتلك 881 طنا متريا من رواسب الذهب، في نحو 300 موقع للتعدين.
ووفق تقديرات فإن 2 مليون هم من عمال مناجم الذهب، أي أن أكثر من 10 في المئة من السكان، يعتمدون على هذه الصناعة في معيشتهم.
وكان قادة المجلس العسكري، الذين يشعرون بالقلق بشأن مسألة السيادة، حذرين من تسليم امتيازات التعدين لمجموعة فاغنر، لكنهم واجهوا صعوبات مالية كبيرة بسبب تأثير العقوبات المفروضة بعد الانقلاب الأخير في عام 2021.
وبحلول فبراير 2024، انخفض عدد الروس في مالي إلى نحو ألف رجل من أعلى مستوى بلغ ألفين، ويظل الدفع الشهري قريبا من 10.8 مليون دولار شهريا، ولكن جزء من هذا المبلغ يمكن دفعه بالذهب.
وفي أوائل عام 2023، استولى مقاتلو فاغنر على ما لا يقل عن ثلاثة مناجم جنوب عاصمة مالي، هي بالاندوغو، على بعد حوالي 20 كيلومترا من الحدود مع غينيا، وكويوكو، وهو موقع قريب لاستخراج الذهب في دائرة كانجابا، وموقع ثالث بالقرب من يانفوليلا.
وفي أغسطس 2023، قامت المجلس العسكري الحاكم بإصلاح قوانين التعدين في مالي، مما أدى إلى زيادة حصتها في مشاريع التعدين من 20 إلى 35 في المئة وإلغاء الإعفاءات الضريبية التي كانت تُصدر سابقا، كما أنشأت شركة استكشاف وأبحاث التعدين لتدقيق القطاع.
ويقول الخبراء إن منجمي الذهب الأكثر إنتاجية في مالي، لولو وجونكوتو، اللذان تديرهما شركة باريك جولد الكندية أصبحا في مرمى نيران روسيا، علما أنه في عام 2022، أنتج المنجمان 19.4 طنا من الذهب، أي ما يقرب من ثلث إنتاج البلاد البالغ 66 طنا.