قبل حوالي 6 أشهر على المحطة الأخيرة من الانتخابات الرئاسية الأميركية، يحتدم الصراع بين الرئيس الأميركي جو بايدن ومنافسه الجمهوري دونالد ترامب للظفر برئاسة الولايات المتحدة.
وتتشابه الاضطرابات السياسية لعام 1824 مع الوضع السياسي الحالي في أميركا، وخاصة الصراع بين دونالد ترامب وجو بايدن، حيث يمكن أن يؤدي التنافس الحالي إلى تغييرات جذرية في المشهد السياسي الأمريكي، تماما كما حدث قبل 200 عام.
ماذا حدث في انتخابات 1824؟
في عام 1824، كان المرشحون الأربعة الرئيسيون للرئاسة جميعهم من الجمهوريين الديمقراطيين وهم جون آدامز، وزير الخارجية، أندرو جاكسون، عضو مجلس الشيوخ السابق عن ولاية تينيسي، ووزير الخزانة ويليام كروفورد من جورجيا، ورئيس مجلس النواب هنري كلاي من كنتاكي
وقد انهارت العملية الانتخابية خلال تلك السنة، حيث تمتع المتنافسون الأربعة بدعم إقليمي كاف لجعل عملية الترشيح مستحيلة، وعلى إثر ذلك لم يحصل أي مرشح على أغلبية الأصوات في المجمع الانتخابي.
وبموجب شروط التعديل الثاني عشر في دستور الولايات المتحدة، ونظرا لعدم حصول أي منافس رئاسي على أغلبية المجمع الانتخابي، فإن الاختيار وقع على عاتق مجلس النواب.
واجتمع أعضاء مجلس النواب في جلسة استثنائية لانتخاب الرئيس السادس للولايات المتحدة، ودعم هنري كلاي جون كوينسي آدامز الذي تم تعيينه رئيسا فيما بعد، وعين كلاي وزيرا للخارجية، مما أثار اتهامات بالمساومة الفاسدة من أندرو جاكسون وأنصاره.
وقد أدت هذه الانتخابات إلى انقسام الحزب الجمهوري الديمقراطي، حيث شكل أنصار جاكسون الحزب الديمقراطي، بينما شكل أنصار آدامز الحزب الجمهوري الوطني، مما أطلق بداية نظام الحزب الثاني في الولايات المتحدة.
وقد أعطت الانتخابات فرصة لأندرو جاكسون للفوز في انتخابات 1828، جالبة معه عصر الديمقراطية الجاكسونية، الذي تميز بالتركيز على الشعبوية والنظام التنفيذي القوي.
الصراع السياسي الحالي بين ترامب وبايدن
وفي الوقت الحاضر، يعكس الصراع بين ترامب وبايدن جوانب مشابهة من الاضطراب السياسي الذي حدث سنة 1824.
وكما كان الحال في انتخابات 1824، فقد شهدت الانتخابات الأخيرة اتهامات بالتلاعب، بين أنصار ترامب الذين وجهوا اتهامات بوجود تزوير انتخابي واسع النطاق في انتخابات 2020، بينما ينفي بايدن وأنصاره هذه الادعاءات ويؤكدون على نزاهة العملية الانتخابية.
وتشهد الولايات المتحدة استقطابا سياسيا شديدا بين الجمهوريين والديمقراطيين، مع انقسامات عميقة حول القضايا الأساسية مثل الصحة، الاقتصاد، والسياسة الخارجية، كما أن النزاعات حول نزاهة الانتخابات، والسياسات الاقتصادية، والتعامل مع جائحة كورونا تزيد من حدة هذا الاستقطاب.
ومع تزايد الاستقطاب السياسي، فقد تظهر حركات سياسية جديدة أو حتى أحزاب جديدة مثل ما وقع سنة 1824، حيث أن التوترات داخل الحزب الجمهوري، على سبيل المثال، قد تؤدي إلى انشقاقات وتشكيل فصائل جديدة تعكس توجهات مختلفة.
ويشبه ترامب في بعض النواحي أندرو جاكسون في نهجه الشعبوي وسياساته التي تركز على قاعدة جماهيرية واسعة، ويسعى ترامب إلى تعزيز سلطته والتأثير في السياسات الأمريكية بطرق تتحدى الأعراف التقليدية.
النتيجة المحتملة
وإذا استمر الاستقطاب السياسي وتعمقت النزاعات، فقد نكون على أعتاب فترة جديدة من التحولات السياسية الكبيرة في الولايات المتحدة، تماما كما حدث في أعقاب انتخابات 1824.
وحسب صحيفة "بوليتيكو" فإنه وعلى مدى السنوات الخمس والعشرين الماضية، خسر الجمهوريون التصويت الشعبي، فقط ليفوزوا في المجمع الانتخابي، حيث تتمتع الولايات ذات الكثافة السكانية الصغيرة بميزة انتخابية واسعة، حيث يعيش سكان الولايات المتحدة البالغ عددهم 39 مليون نسمة.
وحاليا ربما يحاول الجمهوريون، الذين قد يخسرون التصويت الشعبي مرة أخرى، بعد أن فازوا به مرة واحدة فقط خلال السنوات الـ 32 الماضية، هندسة فوز ترامب في مجلس النواب.
وكما حدث في عام 1824، إذا وصل أمر تحديد نتيجة الانتخابات إلى مجلس النواب، فقد يكون عام 2024 عاما فاصلا في مسار ديمقراطية الأمريكية.