تُسرع روسيا والصين وإيران وتركيا خطاها نحو النيجر التي تفتح أبوابها واسعة أمام التعاون معها، وتعويض الدعم السياسي والعسكري والاقتصادي الذي فقدته بتدهور العلاقات بين نيامي وأوروبا والولايات المتحدة.
وتشهد النيجر هذه الأيام تدفّقا لقوات تابعة لروسيا، مع أنباء عن عناصر مسلحة تابعة لتركيا، بجانب بحث اتفاقيات تعاون اقتصادي وأمني مع روسيا والصين وإيران.
ويعرض محللون سياسيون من النيجر وروسيا، لموقع "سكاي نيوز عربية"، المكاسب التي يبحث عنها كل طرف عند الآخر، بجانب رصد ما اعتبره أحدهم "مخاطر" من إفراط نيامي في الاقتراض، خاصة من الصين؛ خشية الوقوع في "مصيدة الديون".
وجاء التحوّل في السياسة الخارجية للنيجر، بعد الانقلاب العسكري الذي وقع في يوليو 2023، وعزل الرئيس محمد بازوم صاحب العلاقات الواسعة مع فرنسا والولايات المتحدة، وتولّي المجلس العسكري الحكم محله.
ويعتبر عمر مختار الأنصاري، القيادي في حزب التجديد الديمقراطي والجمهوري بالنيجر، أن توجه المجلس العسكري للشرق، خصوصا ناحية روسيا والصين: "أسهم فيه إدانة الغرب للانقلاب، ومقاطعته للحكومة الجديدة، بجانب السمعة السيئة لفرنسا بين مواطني النيجر".
إلا أن الأنصاري يرى أن "المجلس بدأ يخسر شعبيته؛ فرغم أنه أرجع إسقاط بازوم إلى الرغبة في مكافحة الفساد، لكن لم يتخذ إجراءات ضد سلفه محمود إيسوفو، كما أنه أعلن أن طلبه من فرنسا سحب قواتها سببه حماية السيادة الوطنية، لكنه يستضيف الآن قوات روسية".
روسيا وكسب الثقة
السبت، وصل مدرّبون روس جدد إلى نيامي، وسلّموها دفعتين من المعدات العسكرية، حسبما ذكر التلفزيون الرسمي في النيجر.
وفي 10 أبريل، وصلت أول مجموعة ضمّت 100 مدرب روسي، وسلّمت أول دفعة من أنظمة الدفاع الجوي.
وتتحدّث نغم كباس، المحللة السياسية الروسية، عن المصالح المشتركة التي ساعدت موسكو على الوجود بقوة في النيجر، ومنها:
- استطاعت روسيا كسب ثقة الأفارقة، خاصة بعد القمتين اللتين استضافتهما في سوتشي وسان بطرسبرغ، بشأن العلاقات المشتركة، والتوقيع على عقود بشأن الأمن الغذائي وتوريد القمح والتعاون الأمني، وكذلك صناعة الأدوية محليا في دول بإفريقيا.
- ترغب روسيا في إقامة قواعد عسكرية لتحل محل القوات الفرنسية والأميركية.
- الوجود الروسي سيُسهِم في مكافحة الإرهاب وضمان الاستقرار.
- روسيا تمتك شركة "روس آتوم" النووية، وهي مِن أكبر الشركات في العالم، وربما تتطلّع النيجر للاستفادة من قدراتها في إنتاج الطاقة النووية للاستخدام السلمي.
إيران واليورانيوم
لم تنتقد إيران الانقلاب العسكري في النيجر، وتبادَل المسؤولون في البلدين الزيارات والحديث عن آفاق التعاون.
وفي مارس الماضي، تحدّثت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية عن أنّ هذه السياسة الإيرانية أقلقت واشنطن، خاصة أن النيجر طالبتها بإخراج قواتها مثلما فعلت مع فرنسا.
وحسب الصحيفة، فإن مسؤولين أميركيين اتهموا المجلس العسكري بأنه يبحث سرا اتفاقا يسمح لإيران بالوصول إلى احتياطات النيجر من اليورانيوم.
ويعلّق مستشار التنمية المستدامة النيجري، محمد عبدالله، على هذه الأحداث، بأنه يوجد بالفعل "تقارب كبير" بين نيامي وطهران، وأن وفدا إيرانيا زار النيجر بعد إعلانها إنهاء التعاون العسكري مع أميركا.
ويعتقد عبدالله أنه فيما يخص اليورانيوم، فإن طهران "ستصل إليه عاجلا أم آجلا".
الصين و"مصيدة الديون"
في أبريل الماضي، اتفقت النيجر مع الصين على حصول نيامي من بكين على 400 مليون دولار، ويتم سدادها من عائدات مبيعات النفط الخام في غضون 12 شهرا، بفائدة 7 بالمئة.
ووفق علي الأمين، رئيس وزراء النيجر، فإن هذه الأموال ستُخصّص للأمن الوطني والاستثمار في التنمية الزراعية وتحسين الخدمات الطبية.
وحول هذا الدور الصيني، يقول تشارلز أسيجبو، المتخصّص في شؤون غرب إفريقيا، إن بكين تريد توسيع نفوذها من بوابة تقديم المساعدات الاقتصادية والقروض الميسّرة.
ويشمل هذا النفوذ الاستفادة من ثروات هذه الدول بعقد شراكات اقتصادية، وفق أسيجبو، الذي يحذّر في نفس الوقت من "مغبّة الإفراط في الاقتراض من الصين حتى لا تقع النيجر في مصيدة الديون إذا ما عجزت عن السداد، خاصةً أن نسبة الفائدة على القروض الصينية عالية".
تركيا والسوريون
ذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان، الأحد، أن الدفعة الثانية من المسلحين السوريين من فصائل "الجيش الوطني" الموالي لأنقرة انطلقت، السبت، وتضم 250 عنصرا، إلى تركيا؛ تمهيدا للمغادرة إلى النيجر.
وحسب المرصد، فإن هؤلاء من فصيل "فرقة السلطان مراد"، سينضمون إلى الدفعة الأولى التي غادرت في 20 أبريل، وبذلك يصل العدد إلى 550 عنصرا.
ولا يستبعد عمر مختار الأنصاري، صحّة هذه الأنباء، خاصة أنه لم تنفها "سلطات الأمر الواقع" في النيجر ولا سلطات تركيا، متوقّعا أن تكون مهمة السوريين حماية المصالح التركية.