تسبب التحذير الذي وجهته السفارة الأميركية في روسيا يوم 7 مارس الجاري، لمواطنيها بتجنب التجمعات الكبيرة في موسكو بسبب ما قالت إنها "تقارير عن تخطيط متطرفين لشن هجوم وشيك"، في حالة من الجدل داخل روسيا، متهمين الولايات المتحدة بأنه كان يجب عليها نقل المعلومات التي بحوزتها للمخابرات الروسية لتفادي مقتل أكثر من مئة شخص.
وكانت السفارة ذكرت، في رسالة على موقعها الإلكتروني، أنها "تراقب التقارير التي تفيد بأن متطرفين لديهم خطط وشيكة لاستهداف تجمعات كبيرة في موسكو، مثل الحفلات الموسيقية". ولم تقدم السفارة، التي حثت الأميركيين مرارا على مغادرة روسيا فورا، مزيدا من التفاصيل حول طبيعة التهديد، لكنها قالت إنه "يتعين عليهم الابتعاد عن التجمعات والتيقظ".
وطالبت وزارة الخارجية الروسية، الولايات المتحدة، بنقل أية معلومات موثوقة لديها حول الهجوم الإرهابي في قاعة "كروكوس" فورا إلى الجانب الروسي.
وقالت المتحدثة الرسمية باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا، ردا على تعليق البيت الأبيض بأنهم لا يرون أي مؤشرات على تورط أوكرانيا أو الأوكرانيين في الهجوم الإرهابي بموسكو، الجمعة: "من الضروري أن تنقل الولايات المتحدة أية معلومات موثوقة لديها حول الهجوم الإرهابي في قاعة كروكوس إلى روسيا".
وأضافت: "يتعين عليهم، نقل هذه المعلومات على وجه السرعة إلينا".
أزمة التعاون الاستخباراتي
مساعد نائب وزير الدفاع الأميركي السابق، مايك ملروي، يقول لموقع "سكاي نيوز عربية"، إن الولايات المتحدة قامت بالتنسيق مع روسيا فيما يخص الحادث، وأن الرئيس بوتين قال علنا إنه لا يعتقد أن المعلومات الاستخبارية صحيحة ووصفها بأنها دعاية.
لكن عضو الحزب الديمقراطي الأميركي، الدكتور مهدي عفيفي، يقول إنه منذ اندلاع الحرب على غزة وتركيز الولايات المتحدة وأجهزتها الاستخباراتية كان منصبا على ما يحدث هناك ومساندة إسرائيل، وفي نفس الوقت يرى كثيرون داخل أميركا أن روسيا تستغل انشغال العالم بغزة من أجل محاولة التقدم داخل الأراضي الأوكرانية وهو ما سبب بطءا في التعاون الاستخباراتي في هذه المسألة.
ويعتقد عفيفي، في تصريحات لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن السفارة الأميركية لم تنسق مع الجانب الروسي لوجود بعض الخلافات العميقة التي ظهرت في الفترة الماضية وكانت هناك محاولات من الولايات المتحدة للضغط على روسيا لعدم الاستمرار في ضرب أهداف معينة في أوكرانيا، واستمرار الدعم الأميركي لأوكرانيا الذي يغضب موسكو، وهو ما سبب قصورا في تبادل المعلومات الاستخباراتية بين البلدين.
وأشار إلى التنسيق العسكري والاستخباراتي كان موجودا طول الوقت، وكان هناك تنسيق بينهما، ولكن "في هذا الحادث من الواضح أنه لم يكن هناك أي تعاون استخباري بين موسكو وواشنطن".
تعقد مستوى الصراع
بدروه، يقول يقول الباحث في الشأن الأميركي، الدكتور كمال الزغول لموقع "سكاي نيوز عربية"، إنه "عندما تحذر الولايات المتحدة رعاياها في روسيا، هذا يعطي مؤشرا للروس بأن يتحركوا ضد هذه الهجمات العنيفة كون العلاقات فاترة وفقط من خلال الخط الساخن على المستوى العسكري لتجنب الصدام".
كا يرى "أن الصراع الروسي الأوكراني بدأ يتعقد بعد وفاة ألكسي نافالني ويفغيني بريغوجين وفوز بوتين بالانتخابات الرئاسية لفترة خامسة، وعلينا أن ننتظر ما تقوله روسيا حول خيوط هذه العملية، وسنحكم على مستوى التوتر بين أميركا وروسيا بعد صدور نتائج التحقيق حول العملية، لأن كل طرف لديه وسائله الاستخباراتية لمراقبة الآخر".
وأبلغ جهاز الأمن الاتحادي الروسي، الرئيس فلاديمير بوتين باعتقال 11 شخصا، 4 منهم ضالعون في الهجوم على نحو مباشر. ونقلت وكالة "تاس" عن الكرملين القول إن العمل جار لرصد المزيد من المتواطئين.