يبدو أن آثار حرب غزة تخطت التوترات التي سببتها لمنطقة الشرق الأوسط الساخنة، لتعبر المحيط الأطسي وتسبب ارتباكا غير مسبوق في العلاقات بين الولايات المتحدة وإسرائيل.
فبينما كانت "الأحضان" سمة العلاقة بين الرئيس الأميركي جو بايدن ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في الأيام الأولى للحرب، يلتف الأخير على الإدارة الأميركية متحالفا على ما يبدو مع ألد خصوم الأول السياسيين، بعد أكثر من 5 شهور من الصراع.
وقال مصدر مطلع إن نتنياهو سيخاطب أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي من الجمهوريين عبر رابط فيديو، خلال اجتماعهم السياسي الأسبوعي على الغداء، الأربعاء.
ويأتي الاجتماع بعد أيام من إلقاء زعيم الديمقراطيين في المجلس الشيوخ تشاك شومر، كلمة انتقد فيها نتنياهو بشدة، معتبرا أنه عقبة أمام السلام.
نهج أميركي جديد؟
ويسلط هذا الأمر الضوء على أن نهج واشنطن تجاه إسرائيل بات مسيسا، إذ يتقرب رئيس الوزراء الإسرائيلي مع الجمهوريين، بينما بات معارضه بيني غانتس بديلا مقبولا لواشنطن، وهو ما اتضح من خلال زيارته الأخيرة إلى الولايات المتحدة، التي دفعت نتنياهو إلى الشعور بالالتفاف حوله، والتأكيد على أن "إسرائيل لها رئيس وزراء واحد".
لأول مرة
والتوتر العلني بين إدارة بايدن وحكومة نتنياهو، على خلفية مطالب واشنطن بتجنيب المدنيين في غزة الخطر وإدخال المساعدات لهم، ليس له سابقة تذكر تقريبا في تاريخ إسرائيل، إذ أن الولايات المتحدة حليفتها الوثيقة منذ إعلان قيام دولتها عام 1948.
لكن العلاقة بين نتنياهو شخصيا والإدارات الأميركية الديمقراطية لم تكن بحال جيد، خاصة منذ تولي الرئيس الأسبق باراك أوباما الحكم.
ماذا قال شومر؟
قال شومر، وهو مؤيد لإسرائيل منذ فترة طويلة وأرفع مسؤول يهودي منتخب في الولايات المتحدة، في كلمته أمام مجلس الشيوخ الأسبوع الماضي، إن حكومة نتنياهو "لم تعد تناسب احتياجات إسرائيل"، وذلك بعد 5 أشهر من الحرب التي بدأت عقب هجوم حركة حماس على جنوب إسرائيل في السابع من أكتوبر.
ودعا شومر صراحة إلى إجراء انتخابات جديدة في إسرائيل.
وانتقد الجمهوريون شومر بشدة، كما قال نتنياهو لشبكة "سي إن إن" الإخبارية الأميركية، الأحد، إن خطاب شومر غير لائق.
وكانت تعليقات شومر امتدادا لحالة من التوتر بين نتنياهو وبايدن، الذي سبق له أن أغلق الهاتف في مكالمة بينهما، قائلا لـ"بيبي" إن الحديث انتهى.
إشارة أخرى من بلينكن
- الأربعاء بدأ وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن مهمة في الشرق الأوسط، في ذروة التوتر في العلاقات بين إدارة بايدن وحكومة نتنياهو.
- يزور بلينكن السعودية الأربعاء والقاهرة الخميس، ليبحث مع قيادات المنطقة الجهود المبذولة للتوصل إلى هدنة في حرب غزة.
- على غير العادة، لم يعلن الوزير الأميركي عن زيارة لإسرائيل في بداية الرحلة، وقالت وزارة الخارجية الإسرائيلية الثلاثاء إنه لم يتم إخطارها للاستعداد لذلك.
- لم يرد مسؤول بوزارة الخارجية الأميركية على طلب للتعليق، على احتمال إدراج إسرائيل على خط سير الرحلة في وقت لاحق.
- زار بلينكن إسرائيل في كل من زياراته الخمس السابقة للمنطقة منذ بدء الحرب.
مكالمة لم تقلل الاحتقان
ومؤخرا تحدث نتنياهو وبايدن هاتفيا مجددا، في مكالمة كان يعتقد أنها ستعيد تقريب الحليفين السابقين من بعضهما، لكنها أظهرت إصرار رئيس وزراء إسرائيل على معاندة الرئيس الأميركي، ورفض مطالبه أمام العالم.
والثلاثاء رفض نتنياهو دعوة بايدن للتراجع عن خطط الاجتياح البري لمدينة رفح جنوبي غزة، التي تؤوي أكثر من نصف سكان القطاع البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة.
وقال نتنياهو للمشرعين الإسرائيليين، إنه قال لبايدن "بكل وضوح إننا عازمون على استكمال القضاء على هذه الكتائب في رفح، ولا سبيل لذلك إلا بالهجوم البري".
وتقول إسرائيل إن رفح آخر معقل كبير لمقاتلي حماس، بينما ترى واشنطن إن أي هجوم بري هناك سيكون "خطأ"، وسيسبب ضررا كبيرا للمدنيين.
يشار إلى أن أكثر من مليون من سكان غزة، الذين أمرتهم القوات الإسرائيلية المتوغلة بالنزوح إلى رفح في وقت سابق من الحرب، ليس لديهم مكان آخر يفرون إليه، في المقابل تقول إسرائيل إن لديها خطة لإجلائهم.