عزز الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، (71 عاما)، موقفه أمام الغرب، بنيل ثقة الروس مجددا بولاية خامسة لمدة 6 سنوات، بعدد قياسي من الأصوات.
ذلك الفوز الانتخابي والتقدم العسكري لروسيا في حرب أوكرانيا، له أسبابه، لكنه إجمالا سيزيد من التوتر بين بوتين والغرب، بحسب خبراء في الشؤون الأميركية والروسية والدولية تحدثوا إلى "سكاي نيوز عربية".
ويترتب على ذلك أيضا، بحسب تلك المصادر، أن موسكو ستكون أقوى في أي مفاوضات مرتقبة بشأن التهدئة في أوكرانيا مع تواجد روسي أكبر بالمنطقة على حساب أوروبا والولايات المتحدة.
فوز كبير
والإثنين، قالت لجنة الانتخابات المركزية الروسية، إنه بعد فرز ما يقرب من 100 في المئة من الأصوات في جميع الدوائر الانتخابية، حصل بوتين على 87.29 في المئة من الأصوات، بعد ما أدلى ما يقرب من 76 مليون ناخب بأصواتهم لصالحه، وهو أعلى عدد من الأصوات له على الإطلاق.
فيما قال المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف، في مؤتمر صحفي، إن نتائج الانتخابات الرئاسية الروسية "هي التأكيد الأبلغ لمستوى الدعم من سكان البلاد لرئيسها، والتفافهم حوله"، رافضا الانتقادات الأميركية للانتخابات.
وقال إن روسيا لا تستمع لمثل هذه الآراء، ووصف المحاولات الغربية لتصوير الانتخابات على أنها غير شرعية بالسخيفة.
رفض غربي
وكان البيت الأبيض قال إن الانتخابات الرئاسية الروسية "ليست حرة ولا نزيهة لأن بوتين زج بمعارضيه في السجن ومنع آخرين من الترشح أمامه".
وقال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، إن بوتين يريد أن يحكم إلى الأبد، واصفا الانتخابات الرئاسية الروسية بأنها "محاكاة" تفتقر إلى الشرعية.
فيما قالت الخارجية البولندية في بيان إن "الانتخابات الرئاسية في روسيا غير قانونية وغير حرة وغير نزيهة"، لافتة إلى أنها جرت "في مناخ من القمع الشديد" وفي المناطق المحتلة من أوكرانيا، مما يشكل انتهاكا للقانون الدولي.
توتر أكبر
الأميركية المتخصصة في الشؤون الدولية، إيرينا تسوكرمان، قرأت في تصريحات لـ"سكاي نيوز عربية"، فوز بوتين وتأثير على علاقاته مع الغرب، قائلة:
- سوف تزداد التوترات بين الغرب وبوتين وسوف تستمر في التزايد لأن سياسة بوتين الخارجية لا تقتصر على أوكرانيا، وسط مساعٍ منه لتحقيق الهيمنة البحرية في البحر الأسود، واحتكار الموارد الطبيعية في إفريقيا، والاستحواذ على المصالح في الشرق الأوسط وأميركا اللاتينية، وزيادة التعاون مع القوى المعادية لأميركا كالصين وإيران وكوريا الشمالية..
- سيزيد الغرب من مساعداته لأوكرانيا لمواجهة التهديد الروسي، عبر زيادة ميزانيات دول الناتو، وتحركات القوات إلى المناطق الحدودية الحيوية، وتوسيع عضوية الناتو، وزيادة التعاون الدبلوماسي والضغط.
وتعقيبا على تداعيات فوز بوتين، قال المحلل التشيكي الكندي المتخصص في الشؤون الدولية، ميتشل بيلفر، لـ"سكاي نيوز عربية":
- إعادة انتخاب بوتين ستؤدي إلى تدهور العلاقات مع أوروبا إلى مستوى جديد، خاصة بعد المؤشرات الأخيرة التي تفيد بأن بعض الأعضاء الأوروبيين في الناتو يشعرون بالارتياح لإرسال قوات للقتال ضد روسيا في أوكرانيا.
- سيكون هناك إعداد لعقوبات جديدة ضد روسيا وهذا لا يمثل في الواقع انعكاسًا للانتخابات نفسها، بل هي قضايا أخرى تخيم على العلاقات الأوروبية مع روسيا منذ عام 2022.
وعن تأثير ذلك على الحرب بأوكرانيا، أضاف بيلفر، وهو مدير مركز أبحاث في روما:
- لا علامة على التهدئة أو حتى وقف إطلاق النار في أوكرانيا، ويبدو أن المسار بين أوروبا وروسيا يقوم على التوتر وانعدام الثقة.
- إعادة انتخاب ستعيد تنشيط الدعم الأوروبي لكييف، ومعروف أن ما يوفره الناتو والاتحاد الأوروبي يكفي من الأسلحة لمواصلة القتال في أوكرانيا ولكن ليس بما يكفي لمواجهة روسيا بنجاح.
- يبدو أن الغرب على استعداد لمحاربة روسيا حتى آخر أوكراني. وفي الوقت نفسه، يبدو أن بوتين على استعداد لمحاربة أوكرانيا حتى آخر شخصية روسية معارضة.
تعزيز موقف بوتين
وعن أسباب الفوز وتأثيراته، تحدث رامي القليوبي، الأكاديمي في جامعة موسكو، مع "سكاي نيوز عربية"، قائلا:
- التقدم الروسي في الفترة الأخيرة يعود بالدرجة الأولى إلى تراجع دعم الغرب لأوكرانيا بعد انشغال الغرب بالحرب الإسرائيلية في قطاع غزة.
- هذا التراجع أتاح لروسيا التفوق في أوكرانيا وإحكام السيطرة على بعض المدن والبلديات الصغيرة.
- الجبهة الداخلية بروسيا تأثرت بهذا التقدم، واستطاع بوتين تحقيق أعلى نسبة تصويت ومشاركة، وعادة أثناء الحروب كما يقول علم الاجتماع السياسي تشهد تلك الأوقات التفافا حول الدولة، مثلما نرى في المباريات الحاسمة.
- العامل الثاني الذي ساعد بوتين على الفوز، أن استمرار نجاحه بأوكرانيا، جعل الروس يتناسون صدمات وقت بدء الحرب والتعبئة وبدء حالة اطمئنان بأن الدولة ستفي بضمان قدر من الأمن والرخاء وهذه المعادلة ساعدت الرئيس الروسي.
- سبب فوز بوتين أيضا أن المعارضة فشلت في أن تتحدث بصوت واحد وانقسمت بين التصويت أو المقاطعة وهذا ما أثر على فرص هزيمة بوتين.
وعن تأثير ذلك الفوز والتقدم العسكري، يرى الأكاديمي بجامعة موسكو:
- زيادة التوتر من السابق لآوانه أن نرصده على الفور، لكن الغرب سيستمر في عدم تحبيذ بوتين، وحديثه عن عدم قانونية الانتخابات، لكن لن يستطيع إنكار شرعيته عقب الفوز الكبير.
- تعزيز مواقف الكرملين في مواجهة الغرب، وسيكون الفوز تهميدا لإجراء مفاوضات بشأن أوكرانيا، وستكون أوراق روسيا في موضع قوة.
توتر يزداد وتهدئة تبدأ
ويقرأ نبيل ميخائيل أستاذ العلوم السياسية بجامعة جورج واشنطن، في تصريحات لـ"سكاي نيوز عربية"، فوز بوتين على هذا النحو:
- الفوز يعني أن بوتين يتمتع بشعبية كبيرة بين مواطني روسيا الاتحادية، وأنه استطاع بسهولة حصد ذلك، وهذا يعني أن الروس لا يزالون يثقون في سياسته ضد الغرب والإدارة الأميركية في الحرب بأوكرانيا وقضايا الحريات.
- موقف بوتين سيكون بعد هذا الفوز آمنا داخليا وسيزداد قوة خارجيا لاسيما في موقفه من الغرب.
- أميركا وأوروبا يجب أن يتقبلوا الفوز فلن يستطيعوا الإطاحة ببوتين من الكرملين.
وعن مستقبل هذا الفوز، يضيف أستاذ العلوم السياسية بجامعة جورج واشنطن قائلا:
- بعد هذا الفوز أتوقع قرارات هامة من بوتين بشأن إنهاء الحرب في أوكرانيا والتواجد بشكل أكبر بالمنطقة، كما يعني ذلك الفوز تطورات إيجابية متعلقة بالأمن القومي العربي عبر إنهاء صراعات لاسيما في سوريا وليبيا.
- على العكس سوف تستمر العلاقات متوترة وتزداد بين بوتين والغرب، وسنرى تهدئة وشيكة بشأن أوكرانيا، ولكن لن يؤثر ذلك على العلاقات ولن نرى مبادرة سلام بينهما مثلا قريبا.