ينتظر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، محاكمة قد تعصف بمستقبله السياسي بشأن الإخفاق الذي وقعت فيه حكومته يوم 7 أكتوبر، وتسبّب في واحدة من أسوأ الكوارث العسكرية والاقتصادية التي تعرّضت لها إسرائيل.
ووفق صحيفة "يديعوت أحرنوت" في تقرير نشرته الأحد، فالمحكمة العليا بصدد إنشاء لجنة تحقيق تحت مسؤوليتها للوقوف على المتسبّب في "هذا الإخفاق الكبير"، وهي لجنة تشبه تلك التي شكّلت لرئيسة الوزراء الراحلة، غولدا مائير، بعد إخفاقها في حرب 1973 التي شنتها مصر وسوريا على إسرائيل.
ورغم أن اللجنة في هذا الوقت برّأت غولدا مائير من أي مسؤولية تجاه الإخفاق، فإن خبراء تحدّثوا لموقع "سكاي نيوز عربية"، استبعدوا أن يلقى نتنياهو نفس فرصة النجاة.
وجاء في التقرير تفصيلا:
- يعترف القانون الإسرائيلي بعدة آليات للتحقيق في الأحداث والكوارث الخطيرة.
- من هذه الآليات التحقيق العام، وهي لجنة خاصة يرأسها قاضٍ، ويختار أعضاءها رئيس المحكمة العليا، وليس الحكومة، وتتمتّع بصلاحيات خاصة وواسعة فيما يتعلق باستدعاء الشهود، وجمع الأدلة، وإصدار أوامر التفتيش، وجمع مواد التحقيق، وإصدار إنذارات لمن قد يتأثّرون بالتحقيق أو نتائجه، وتقديم التوصيات.
- هناك أيضا لجنة التحقيق الحكومية، التي يعيّنها الوزير أو رئيس الوزراء، للنظر في الأمور التي تدخل في نطاق اختصاصها، ولا تتمتّع هذه اللجنة بأي سلطة قانونية لجمع مواد التحقيق أو استدعاء الشهود.
- بالإضافة إلى ذلك، هناك مراقب الدولة الذي أعلن بالفعل أنه يجري تدقيقا للأحداث التي سبقت 7 أكتوبر.
- من المرجّح أن تتولّى لجنة عليا التحقيق، تشبه تلك التي نصبت لرئيسة الوزراء السابقة غولدا مائير، بعد إخفاقها في حرب 6 أكتوبر؛ كون أن الكارثة كبيرة وتستوجب تحقيقا شاملا وافيا.
اللجنة أكثر حزما
يعلّق الخبير في الشؤون الإسرائيلية، ماجد أقطم، على هذه الخطوة الإسرائيلية بأنه بعد أي حرب في إسرائيل أو عملية عسكرية يتم التحقيق مع كل المسؤولين، سواء كانت العملية ناجحة أو فاشلة، معتبرا أن نوع اللجنة المقررة لمحاسبة نتنياهو هو أكثر اللجان حزما.
ويضرب أقطم أمثلة للجان المحاسبة التي تشكّلت في حوادث كبرى في إسرائيل، ونتائجها:
- في أعقاب حرب 6 أكتوبر، تم إجراء تحقيق عام بقيادة رئيس المحكمة العليا في هذا الوقت، وقررت اللجنة أن غولدا مائير ووزير الدفاع موشيه ديان لم يتحمّلا أي مسؤولية عن الحرب، لكن اللجنة ألقت المسؤولية على رؤساء الجيش، وأوصت بفصلهم.
- بعد حرب لبنان الأولى عام 1982، تم تشكيل لجنة تحقيق عامة، ونظرت اللجنة في مجزرة مخيمات اللاجئين في لبنان، وخلصت إلى عدم مسؤولية أي جهة إسرائيلية، سواء من الحكومة أو الجيش.
- وبعد حرب لبنان الثانية في عام 2006، حاول رئيس الوزراء آنذاك إيهود أولمرت تجنّب إجراء تحقيق علني، وحاول تشكيل لجنة تحقيق حكومية بدلا من ذلك، وأثارت هذه الخطوة انتقادات عامة، وفي النهاية قامت حكومة أولمرت بتعيين لجنة تحقيق برئاسة القاضي إلياهو فينوغراد التي قررت أن أولمرت، ووزير الدفاع آنذاك عمير بيرتس، ورئيس أركان الجيش الإسرائيلي دان حالوتس، فشلوا في أدوارهم.
- الوضع الآن مختلف؛ فهناك غضب شعبي، وستكون اللجنة التي ستحقّق في أحداث 7 أكتوبر ذات سلطة عليا وقرارات نافذة، وسيُقصى نتنياهو من منصبه لا محالة، وأي محاولة منه لفرض لجنة ستبوء بالفشل.
أسئلة عاصفة
يتفق الخبير العسكري، جمال الرفاعي، في توقّع أن نتنياهو وقادة الجيش الإسرائيلي سيعصف بهم خلال هذه التحقيقات ويوصى بإقالتهم، قائلا: "الناس في إسرائيل غاضبون، ولديهم أسئلة كثيرة يريدون إجابات واضحة عنها بعد بدء التحقيق".
أهم هذه الأسئلة كما يرصدها الرفاعي:
- كيف فوجئت إسرائيل التي تمتلك أعلى القدرات الاستخباراتية العسكرية في العالم بهذه الطريقة كما حدث في 7 أكتوبر؟
- كيف تمكّنت منظمة "حماس" من تطوير مثل هذه القدرات العسكرية الكبيرة؟
- أين كانت القوات العسكرية صباح 7 أكتوبر؟ وكيف انهارت الدفاعات التي بنيت حول قطاع غزة والتي كلّفت مليارات الدولارات؟
- وقبل كل شيء، مَن المسؤول عن هذه الإخفاقات الفادحة؟
وحسب الخبير العسكري، فإن إجابة سؤال واحد من هذه الأسئلة تعني الإطاحة بالحكومة وقيادات الصف الأول من الجيش الإسرائيلي بالكامل.
صدع داخلي جديد
ضمن الخلافات الداخلية العاصفة بين قادة إسرائيل بشأن مسار حرب غزة وبطء محادثات إطلاق الرهائن الإسرائيليين المحتجزين في غزة، هاجم رئيس الوزراء السابق، إيهود باراك، رئيس الوزراء الحالي، نتنياهو، في مقابلة مع إذاعة الجيش الإسرائيلي، قائلا إن "نتنياهو مستعد للمخاطرة بحياة المحتجزين لدى الجماعات المسلحة في غزة منذ 7 أكتوبر إذا كان ذلك سيفيد صورته".
ودعا باراك أيضا إلى تنظيم احتجاجات ضد الحكومة، بعد أن اشتبك متظاهرون مع الشرطة في مظاهرة مناهضة لنتنياهو في تل أبيب الليلة الماضية.
وقال باراك: "نحتاج إلى 30 ألف مواطن يطوفون حول الكنيست في الخيام لمدة 3 أسابيع، ليلا ونهارا، عندما يتم إغلاق البلاد، سيدرك نتنياهو أن وقته قد انتهى، وأنه لا توجد ثقة به".