بعد أسبوع من الاعتصام المتواصل أمام القاعدة العسكرية الفرنسية في النيجر، والمباحثات التي جرت بين المجلس العسكري وباريس تبقى الأزمة تراوح مكانها، مع احتمالات التصعيد العسكري بين الجانبين.
وصباح السبت نصب مئات المحتجين خياما أمام قاعدة عسكرية فرنسية في نيامي عاصمة النيجر على مدى الأيام الستة المنصرمة للمطالبة برحيل القوات، في أحدث علامة على تنامي العداء لفرنسا بين مؤيدي الانقلاب العسكري الذي وقع في يوليو الماضي.
وتتواصل الأزمة بين باريس ونيامي للأسبوع الثاني، وبرغم التفاوض مع المجلس العسكري إلا أن فرنسا لا تعترف بشرعيته بعد، وفي حين تستعد باريس لسحب جزء من قواتها العسكرية إلا أنها أكدت مرارا بقاء سفيرها داخل البلاد بينما تطالب السلطات النيجرية بطرده.
وتحدث مراقبون لموقع "سكاي نيوز عربية" حول آخر التطورات والسيناريوهات المحتملة للأزمة.
حول احتمالات انزلاق الصراع بين فرنسا والنيجر، يقول إبراهيم جيرو محمد الخير الكاتب والباحث النيجري في العلوم السياسية والعلاقات الدولية إن الصراع قائم بين الدولتين منذ إعلان الانقلاب الذي أطاح بالرئيس محمد بازوم الحليف لفرنسا.
ومنذ ذلك التاريخ أعلنت السلطات الفرنسية عن أنها ستسعى لاستعادة نظام بازوم، ولا نعترف بالمجلس الوطني كسلطة شرعية قائمة وما زالت تتمسك بمبدئها.
ويصف الخير الخلاف بين فرنسا والنيجر بأنه خلاف بين الشعب النيجري والسلطات الفرنسية لأن المجلس لم تقم إلا باتخاذ قرارات كان الشعب يطالب بها منذ عقود.
حدود الحل العسكري
يستبعد الباحث النيجري انزلاق الأوضاع للصراع المسلح.
كون كل طرف من الاطراف متحفظ يتجنب ذلك، وخاصة الأطراف اللاعبة في الخلاف دورا كبيرا مثل دولة الجزائر التي لا تزال تلعب دولا مهما جدا في السعي إلى حل الأزمة ديبلوماسيا.
والجزائر لن تقصر في هذا المسعى من أجل الوصول إلى حل قد يرضي جميع الأطراف المتنازعة كونها جارة النيجر وتتقاسم مع النيجر حوالى ألف كيلومترا في حدودهما إضافة إلى أنهما تتقاسم أيضا نفس القبائل في حدودهما وهي قبائل كبيرة وهي ذات تأثير كبير في سياسة واقتصاد هاتين الدولتين.
تهديد مصالح القوى العظمى
يرى الخير أن شبكة المصالح العالمية في النيجر ستكون المتضرر الأكبر من الصراع مع فرنسا، لذلك تسعى عدة دول إلى تجنب هذا السيناريو، وحول خريطة المصالح العالمية يذكر:
- الصين، وهي التي تستخرج نفط النيجر ولها مصالح اقتصادية أخرى غير النفط.
- أميركا لها قواعد عسكرية في النيجر إضافة إلى مصالح أخرى.
- إيطاليا وهي أيضا لها قاعدة عسكرية في النيجر ويحتمل أن لها مصالح اقتصادية في النيجر .
- تركيا وهي التي بيدها المطار الدولي في نيامي، إضافة إلى أن لها مصالح اقتصادية أخرى كما أن لها علاقات عسكرية مع النيجر.
- روسيا وهي لها علاقات قوية مع كل من مالي وبوركينا جارتي النيجر اللتين عمل النيجر معهما تحالفا عسكريا ودفاعا موحدا في حالة أي عدوان، ووفق قراءة واقع السياسة في هاتين الدولتين نفسهم بأن لروسيا مصالح اقتصادية في هاتين الدولتين كما أن لها مصالح عسكرية فيهما حيث تم شراء عدة أسلحة عسكرية منها خلال هذه الفترة الأخيرة.
فكل هذه الدول تدعو علنا إلى الحل السلمي الدبلوماسي، ولا نظن أن واحدة منها تقبل خراب مصالحها عفويا وبسهولة بقبول استخدام القوة في النيجر مما سيسبب اندلاع حرب ليس هناك أي خبير استراتيجي أو محلل سياسي يمكنه التنبأ بتاريخ نهايتها كونها قد تتحول بين القوى الخارجية العظمى وستكون مأساة كبرى في العالم.
عسكرة المدنيين
أما عن عسكرة المدنيين فيقول الخير إنه أمر قائم اصلا، إذ في الايام الماضية تمت دعوة الشباب المدنيين إلى الانخراط في الجيش متطوعين للدفاع عن الوطن وقد استجاب عدد كبير من الشباب لهذه الدعوة،
لكن ذلك ليس من أجل احتمال وقوع احتكاك عسكري بين النيجر وفرنسا وإنما السبب هو لمحاربة التيارات الإرهابية التي لا تزال تسيطر على بعض مناطق النيجر.
سيناريوهات أخرى
ويقول المحلل السياسي من موريتانيا أحمد سالم سيدي عبد الله إن كل الخيارات متاحة أمام المجلس العسكري في النيجر بما فيها تجنيد المدنيين لمواجهة العسكريين الفرنسيين.
ويقول عبد الله لموقع "سكاي نيوز عربية":
- قائد المجلس العسكري الحاكم في النيجر لن يدخر أي جهد في حال حصول مواجهة عسكرية مع فرنسا، أو الإكواس، بما في ذلك السعي لتجنيد المدنيين.
- ذلك السعي قد يواجه تحديات حقيقية في حال حصول المواجهة، لعل من أبرزها عدم الاتفاق الحاصل داخل المجلس العسكري حول بعض القضايا الجوهرية، والتي من ضمنها التساؤل المطروح بإلحاح داخل المؤسسة العسكرية حول أحقية الجنرال عبد الرحمن تشياني في قيادة المجلس العسكري، في ظل وجود من هم أحق منه بذلك.
- وهذه الجزئية الأساسية هي ما تعول عليها فرنسا وبعض الدول المناهضة للانقلاب أكثر من احتمال التدخل العسكري حسب اعتقادي.
- وهي حقيقة يدرها قائد المجلس العسكري الذي فرض نفسه رئيسا، وقاد انقلابا غير توافقي داخل المؤسسة العسكرية، لذلك يصر على عدم الاحتكاك بالسفارة الفرنسية، أو القاعدة، خشية انعكاس ذلك عليه، لأن أي اقتحام شعبي للقاعدة أو للسفارة سيكون ذريعة كافية للتدخل الفرنسي عسكريا لحماية جنودها وأفراد طاقمها الدبلوماسي.
- كما سيكون أفضل هدية يقدمها تشياني لخصومه داخل المؤسسة العسكرية للتحرك ضده، كما أشرت سابقا فإن فرنسا تعول على انقلاب داخل الانقلاب ليكون وسيلة للمحافظ على مصالحها.