تتفق النيجر والغابون في تداعيات الانقلاب الأخير من حيث الجهة التي نفذته وهي قوات الحرس الجمهوري، أيضا تتفقان في وضع الرئيسين السابقين في كلا البلدين تحت الإقامة الجبرية وقيادة رئيسا الحرس الجمهوري فيهما للمرحلة الانتقالية.
وأدى قائد انقلاب الغابون بريس أوليغي نغيما، الذي أطاح بالرئيس علي بونغو، اليمين رئيساً مؤقتاً للبلاد، الإثنين، ووعد "بإعادة السلطة إلى المدنيين" عبر "انتخابات حرة وشفافة" لكن بدون تحديد موعدها.
الحرس الجمهوري "سيف واحد" للانقلاب
ونغيما هو رئيس الحرس الجمهوري بالغابون الذي قاد الانقلاب الذي أطاح بالرئيس علي بونغو، بينما الجنرال عمر تشياني هو رئيس وحدة الحرس الجمهوري التي أطاحت برئيس النيجر محمد بازوم.
وفي أول خطاب جماهيري له، اقترح نجيما، إجراء إصلاحات بينها إقرار دستور جديد من خلال استفتاء وسن قوانين انتخابية وعقابية جديدة واتخاذ إجراءات لمنح الأولوية للبنوك والشركات المحلية من أجل التنمية الاقتصادية.
وقال القائد الجديد للغابون أيضاً إن عودة المنفيين السياسيين موضع ترحيب وإنه سيتم الإفراج عن السجناء السياسيين.
أما في النيجر التي سبقت الغابون في الانقلاب بشهر واحد، فأعلن أعلن قائد الحرس الجمهوري (الرئاسي) الجنرال عبد الرحمن تشياني، نفسه زعيما جديدا للنيجر، عقب انقلاب عسكري درامي.
وبدأ تشياني الانقلاب عندما ألقت وحدة الحرس الرئاسي التي يقودها القبض على زعيم البلاد محمد بازوم، وأصبح رئيساً لـ"المجلس الوطني" في انقلاب قوبل من البداية بإدانات دولية. والاتحاد الأوروبي يهدد بوقف المساعدات.
وعقب انقلابه تلا الجنرال عبد الرحمن تشياني بياناً نقله التلفزيون الوطني في النيجر في 28 يوليو 2023، بصفته "رئيس المجلس الوطني لحماية الوطن"، مبررا انقلابه بـ"تدهور الوضع الأمني" في البلاد الذي قوّضه عنف الجماعات الإرهابية.
وقال إنّه في عهد الرئيس بازوم كان هناك "خطاب سياسي" أراد أن يجعل الناس يعتقدون أنّ "كلّ شيء على ما يرام" بينما هناك "الواقع القاسي مع ما يحمله من موت ونازحين وإذلال وإحباط".
وأشار تيشاني حينها إلى أنّ "النهج الأمني الحالي لم يسمح بتأمين البلاد على الرغم من التضحيات الجسيمة التي قدمها شعب النيجر والدعم الملموس والمقدر من شركائنا الخارجيين".
فيديو وتدوينة ورئيسان رهن الإقامة الجبرية
وفي أحدث انقلاب في الغابون ما زال الرئيسان بونغو، الذي انتُخب عام 2009 خلفاً لوالده الراحل الذي تولى السلطة عام 1967، رهن الإقامة الجبرية.
وفي 30 أغسطس الماضي، وفي أول ظهور له بعد الإطاحة به، دعا الرئيس علي بونغو، المواطنين إلى "إحداث جلبة"، ورفض الانقلاب عليه.
وظهر بونغو في مقطع فيديو صغير، نشر على مواقع التواصل الاجتماعي، ومدته أقل من دقيقة، وهو يجلس على كرسي وخلفه رفوف وضع عليها بعض الكتب، ويصوره شخص آخر.
وقال: "أنا علي بونغو، رئيس الغابون، أنا أرسل رسالة إلى كل الأصدقاء في كل العالم لإحداث جلبة".
وأضاف أنه محتجز في منزله، كما أن ابنه وزوجته محتجزان في مكانين آخرين ولا يعلم عنهما شيئا، مشيرا إلى أنه لا يعلم ما يحدث لكنه طالب مرارا العالم بإحداث جلبة.
أما الرئيس النيجري محمد بازوم، الذي تمت الإطاحه به في 26 يوليو الماضي، فكتب في تدوينة على موقع " إكس" ، في 27 يوليو الماضي، قائلا: "ستُصان المكتسبات التي حققت بعد كفاح طويل، كل أبناء النيجر المحبين للديمقراطية والحرية سيحرصون على ذلك".
كما ظهر في فيديو قصير ليلة يوم 31 يوليو، برفقة رئيس تشاد محمد إدريس ديبي إيتنو بمقر الإقامة الرئاسية حيث يحتجزه الانقلابيون.
وبحسب وسائل الإعلام التي نشرت الصورة، فإن رئيس تشاد زار أيضا رئيس النيجر السابق محمدو إيسوفو في منزله، كما التقى رئيس المجلس العسكري الانتقالي الجنرال عبد الرحمن تشياني.
انتكاسة لاستراتيجية فرنسا
من جهتها قالت صحيفة" فاينانشيال تايمز" البريطانية، الإثنين، إن الانقلاب العسكري الذي أطاح برئيس الغابون علي بونغو مثّل في جوهره انتكاسة جديدة لاستراتيجية فرنسا في إفريقيا.
وذكرت الصحيفة في تقرير لها أن "بونغو أصبح رهن الإقامة الجبرية بعد الإطاحة به في انقلاب قضى على أحد حلفاء فرنسا القلائل المتبقين في المنطقة بعد مرور شهر واحد فقط على الانقلاب الذي أطاح بالحليف الآخر في النيجر الرئيس محمد بازوم".
ويقول المحلل السياسي المقيم في السنغال، جيل يابي، المتخصص في شؤون غرب إفريقيا، لموقع "سكاي نيوز عربية"، إن أحداث النيجر والغابون هي نتاج أزمات متكررة على الساحة الإفريقية، مضيفا أن الأحداث الأخيرة التي شهدتها النيجر وبوركينا فاسو ومالي وغينيا كانت لها تداعيات وتأثيرات على إلغاء نتائج الانتخابات وحل الدستور والسيطرة على السلطة في الغابون.
- الغرب لم يشهد أحداثا مفاجئة وخارجة عن سيطرته منذ ما يسمى بثورات الربيع العربي مثلما يحدث الآن في منطقة الساحل الإفريقي.
- معظم من يسيطر على السلطة في تلك البلدان ضباط شباب طموحين ويؤيدهم جيل جديد من الشباب بسبب خيبة الأمل لعدم تحقق وعود الديمقراطية طوال العقود الماضية.
- يتعين التعامل مع تلك التطورات بحنكة ودبلوماسية، كما يجب تحقيق التوازن بين استخدام العقوبات الموجهة التي لا تعاقب الشعوب وبذل جهود مقنعة لتشجيع أي تحول ديمقراطي نحو التعددية السياسية ووجود معارضة قوية بتلك البلدان.
- الهشاشة السياسية التي تعاني منها مؤسسات بعض الدول الإفريقية، إلى جانب التنوع العرقي والطبيعة القبلية فضلًا عن ضعف البنية الاقتصادية والإخفاق في عدالة توزيع الثروة كانت أسباب تلك الانقلابات.