بعد النيجر، جاء دور الغابون ليكون مسرحا لانقلاب جديد في القارة الإفريقية، ويثير مزيدا من التساؤلات بشأن دور ونفوذ فرنسا التي يتساقط حلفائها واحدا تلو الآخر في دول وسط وغرب إفريقيا.
وسرعان ما دانت الحكومة الفرنسية، الانقلاب العسكري الجاري حالياً في الغابون، مؤكدة أنها "تراقب بانتباه شديد تطورات الوضع، وتؤكد رغبتها بأن يجري احترام نتيجة الانتخابات".
واعتبر مراقبون أن الانقلاب الجديد في الغابون ينضم لسلسلة من الانقلابات في النيجر ومالي وبوركينا فاسو، يثير قضية مسألة نفوذ فرنسا في إفريقيا، إذ أن هذه الانقلابات حدثت "في المستعمرات الفرنسية السابقة"، وبالتالي تمثل "نكسة جديدة لباريس ونفوذها في القارة السمراء".
وقبل ساعات، أعلنت مجموعة من عشرات العسكريين "نهاية النظام القائم"، بعد أن كرست النتائج الرسمية للانتخابات الرئاسية فوز الرئيس علي بونغو، رئاسية ثالثة، معتبرين أن نتائج الانتخابات "باطلة".
عدوى مُقلقة
ذكرت محطة "فرانس إنفو" التلفزيونية الفرنسية، أن الانقلاب الجاري في الغابون يمثل انتشارا لـ"عدوى مقلقة" تسود في إفريقيا، كما أنها تمثل حليفا اقتصاديا لباريس في مجال النفط، بجانب تواجد دائم لنحو 350 جنديا فرنسيا في البلد الإفريقي.
وصف رئيس المركز الدولي للفكر والدراسات حول منطقة الساحل، صديق أبا، انقلاب الغابون بأنه:
- مقلق بالنسبة للديمقراطية، كما يثير ردود فعل بشأن مسألة نفوذ فرنسا في إفريقيا.
- فرص نجاح الانقلاب الراهن في الغابون تتوقف على "مدى قدرة الجيش على السيطرة على مقاليد السلطة، وما إذا كانت هناك مقاومة من الموالين للرئيس.
يرى الأكاديمي والمتخصص في الشؤون الإفريقية، إدريس آيات، أن هناك 4 دول أساسية تمثل "رئة السياسة الفرنسية" في القارة الإفريقية، وخسارتها تمثل نهاية النفوذ الفرنسي تشمل: السنغال، وكوت ديفوار، وتشاد، والغابون.
وأضاف أن الغابون هو محور ومصدر الموارد الطبيعية وأوثق حليف استراتيجي لإدارة النزاعات الإقليمية في المنطقة بما يخدم مصالح فرنسا.
تداعيات واسعة
من جانبه، يرى الباحث الأميركي سكوت مورجان، المتخصص في شؤون إفريقيا والأمن القومي، في تصريحات خاصة لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن مصالح فرنسا في الغابون ووسط وغرب أفريقيا ستتضرر بالتأكيد من سلسلة الانقلابات المتتالية في القارة، والتي لباريس نفوذ كبير في دولها خلال الآونة الأخيرة.
وحدد سكوت تداعيات الانقلاب الأخير على دور فرنسا بالقارة، في عدد من النقاط:
- من المعروف أن الغابون تستضيف العمليات العسكرية الفرنسية، لكن حجم التأثير في هذا الصدد لم يظهر بعد، بيد أن المصالح الاقتصادية سرعان ما تأثرت إذ أوقفت شركة التعدين الفرنسية عملياتها نتيجة للانقلاب.
- بالتأكيد نفوذ فرنسا يتراجع تدريجيا داخل إفريقيا، لعدة أسباب أولها "إرث الاستعمار"، فهناك استياء تجاه فرنسا الآن، كما كانت عائلة بونغو قريبة من فرنسا منذ عقود.
- من الأمثلة الداخلة على هذا التراجع، انتهاء عملية برخان العسكرية التي كانت تقودها باريس في منطقة الساحل، والأحداث الجارية في النيجر.
- الشيء الذي يجب أن نراقبه عن كثب هو موقف الكاميرون، إذ استخدمت العديد من الدول بما في ذلك فرنسا، الغابون كقاعدة للعمليات في جهودها لدعم دعم الرئيس الكاميروني بول بيا أثناء تعاملها مع حركات تمرد متعددة.