بعد 18 شهرا من بدء الحرب في أوكرانيا، يعاني آلاف من الأطفال والمراهقين الأوكرانيين صدمات نفسية من جراء الأحداث المتعاقبة التي شهدتها بلادهم وألقت بتداعيات واسعة على حياتهم اليومية، إذ فُقد العديد من ذويهم أو أجبروا على ترك منازلهم والنزوح داخليا أو اللجوء لدول أخرى.
ولتجاوز تلك الصدمات، أطلقت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو) ووزارة التعليم الأوكرانية، تدريبا يشمل 15 ألفا من أطباء النفس المتخصصين في العمل بالمدارس، على تحمل تأثير الحرب والمساعدة في تأهيل المراهقين نفسيا.
أرقام مفزعة
- وفق اليونسكو، فإن 75 بالمئة من تلاميذ المدارس الأوكرانيين عانوا الإجهاد، في حين تم تشخيص 26 بالمئة من المراهقين باضطراب ما بعد الصدمة، وبالتالي باتت هناك حاجة مُلحة لتعزيز الدعم النفسي والاجتماعي لمساعدتهم على التعافي من الصدمات النفسية والضيق الناجم عن الحرب.
- يقدر أن 1.5 مليون طفل تعرضوا لخطر الاكتئاب والقلق واضطراب ما بعد الصدمة ومشاكل الصحة العقلية الأخرى، مع آثار محتملة على المدى الطويل.
- خلصت دراسة نشرت في مجلة الأكاديمية الأميركية للطب النفسي للأطفال والمراهقين، واطلع عليها موقع "سكاي نيوز عربية"، إلى أن صدمة الحرب والإجهاد اليومي كانت أعلى لدى المراهقين في منطقة دونيتسك الأوكرانية، فضلا عن القلق الشديد، والاكتئاب.
- أظهرت بعض الدراسات أن الفتيات أبلغن عن مستويات أعلى من الضيق والقلق مقارنة بالفتيان.
خطة اليونسكو
قالت مساعد المدير العام لليونسكو لشؤون التعليم ستيفانيا جيانيني، إن المنظمة مصممة على دعم أوكرانيا في تعزيز الصحة النفسية والدعم النفسي والاجتماعي في قطاع التعليم.
في الأشهر الأخيرة، اعتمدت اليونسكو وشركاؤها 117 عالما نفسيا من 24 منطقة في أوكرانيا، سيدربون 15 ألفا من أطباء النفس في المدارس لتزويدهم بالمعرفة والكفاءات اللازمة لتوفير الصحة العقلية والدعم النفسي والاجتماعي في سياق الحرب.
تدعم اليابان هذا البرنامج ماليا، حيث سيزود هذا التدريب علماء النفس في المدارس بالمعرفة والمهارات والأدوات اللازمة لتحديد ومعالجة قضايا الصحة العقلية، بهدف خلق بيئة تعليمية آمنة وصحية تعزز الرفاهية والمرونة.
السيطرة على ذكريات الحرب
وقال استشاري الطب النفسي جمال فرويز الذي عمل لدى الأمم المتحدة بعدد من مناطق النزاع، إن الأطفال والمراهقين على رأس الفئات الأكثر تأثرا من الصراعات والحروب، حيث تتكون لديهم تداعيات نفسية كبيرة.
وحدد فرويز، في حديثه لموقع "سكاي نيوز عربية"، تداعيات الحرب نفسيا وكيفية تأهيل المراهقين في عدد من النقاط، قائلا:
- التعرض لمواقف الحرب المختلفة والتاريخ المرضي النفسي للشاب أو الطفل يحدد أعراض ما بعد الصدمة النفسية.
- الصدمات النفسية تستمر حتى لما بعد انتهاء الحرب، فبمجرد استرجاع الذكريات السيئة للحرب أو سماع أي صوت قريب من أصوات الحرب تحدث حالة من القلق والاضطراب.
- المراهقون هم الأكثر تأثرا بمواقف الحرب الصعبة، ويحتاجون لمعاملة خاصة في التأهيل النفسي بإبعادهم أولا عن مكان الصراع.
- من الضروري إعطاء عاطفة أكبر للأطفال والمراهقين لتجاوز الأزمة النفسية.
- خلال عملنا مع الأمم المتحدة، كنا نركز في تأهيل أطفال مناطق الصراع على منح أولوية لتغيير الصورة الذهنية عن الفترة الماضية، والحديث عن المستقبل واستدعاء أكبر قدر من الذكريات الإيجابية التي مروا بها.
- التأهيل النفسي عبر أخصائيين داخل المدارس أمر مهم للغاية، وسيساعد على تجاوز تلك الصدمات النفسية في وقت أقل.