تؤثر الأحداث المتسارعة في النيجر عقب إطاحة الرئيس محمد بازوم، بشكل عميق على المصالح الأجنبية داخل البلد الإفريقي، وفيما يواجه النفوذ الأميركي والغربي عموما تهديدات مباشرة، يتوقع مراقبون أن يتصاعد النفوذ الصيني والروسي بشكل غير مسبوق.
وقال الخبير الاقتصادي فرانسوا بيرد إنه "بعد الانقلاب الأخير في النيجر لم تتحدد التداعيات متوسطة المدى، لكن النتيجة واضحة، إذ إن الانقلاب يهدد الاستقرار في غرب إفريقيا والمصالح الأميركية والفرنسية في القارة الإفريقية ويعزز الفرص الصينية، بحسب مجلة "ناشونال إنترست" الأميركية.
وحتى الآن تتعدد السيناريوهات الخاصة بالصراع المتنامي في النيجر، خاصة مع فشل محاولات التدخل العسكري لنزع فتيل الأزمة على مدار الأيام الماضية، لكن التداعيات الإقليمية والدولية تتضح بشكل سريع.
الغرب أكثر تضررا
يقول الباحث في الشأن الأميركي المراقب الدولي العسكري السابق في الكونغو الديمقراطية كمال الزغول لموقع "سكاي نيوز عربية":
- "الانقلاب يهدد المصالح الغربية، خاصة الفرنسية أكثر من الأميركية. الولايات المتحدة أقل تضررا في الوقت الحالي".
- يشير إلى "الاهتمام الأميركي بالمنافسة الاقتصادية والاستراتيجية في القارة، ويتجسد هذا الاهتمام بالتواجد والردع الموسع في إفريقيا لمنع التوسع الصيني في موانئ دول الساحل، ومنع حركة فاغنر العسكرية الروسية من التمدد هناك.
- "أركان الاستراتيجية الأميركية في القارة تبني على نقطتين: الأولى الحضور وإبراز الردع الموسع ضد الصين وروسيا كمنافس على المدى الطويل، والأخرى الالتزام بحماية جنوب أوروبا من الاختراق الصيني والروسي وحفظ الأمن على شواطئ أوروبا الجنوبية".
- يشير في هذا الصدد إلى أن "فرنسا قللت من عدد قوات برخان عندما انسحبت الولايات المتحدة إبان عهد الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، مما يعني أن الغياب الأميركي اختراق أمني للجنوب الأوروبي، لكن بسبب قلة التنمية الفرنسية في تلك الدول حدثت الانقلابات بصورة متتالية، الأمر الذي عكس ذلك الغياب الأميركي والقصور الفرنسي في مجال البنية التحتية والتنمية".
كيف يؤثر الانقلاب على المصالح الأميركية؟
يعتقد الباحث في الشأن الأميركي أن تأثير الانقلاب الآني على الولايات المتحدة يتمثل في التنافس الجيوسياسي على المنطقة ويؤثر على سلاسل التوريد البديلة عن الصين وروسيا، وبنفس الوقت تأثيره الاقتصادي على فرنسا كبير جدا، وتأثيره الأمني أكبر على أوروبا، و"لهذا أصبحت أوروبا بحاجة للحضور الأميركي في جنوبها مثلما حضرت في أوكرانيا في الشرق الأوروبي".
وبحسب الزغول، سيؤثر الانقلاب على واشنطن اقتصاديا خاصة في مجال الطاقة، حيث تعتمد الدول الأوروبية على اليورانيوم لإنتاج الوقود النووي كبديل عن المنتج الروسي، لأن أميركا نفسها تشتري الوقود النووي الروسي لاستخدامه في مجال الطاقة ولذلك لم تخضعه لأي عقوبات مفروضة على روسيا.
ويضيف: "إذا تأثير الانقلاب سيحدث توازنا في العلاقات التجارية مع روسيا، وتحاورا دبلوماسيا حول مصادر الطاقة وسلاسل التوريد لإدامة العمل في البنية التحتية الأوربية والأميركية التي تعتمد على الوقود النووي".
مخاطر أمنية
ويرى الزغول أن التأثير "أمني واقتصادي، أمني في جنوب أوروبا وعبء جديد هناك بسبب تدفق المهاجرين من عدة دول وإمكانية نشاط الإرهابيين، واقتصادي في مجال الطاقة وحاجتها للوقود النووي من يورانيوم إفريقيا والحاجة إلى الوقود النووي الروسي".
ومن المتوقع أن تعمل أميركا على إيجاد توازن في القارة يخدم المصلحتين الأمنية والاقتصادية، لذلك نرى الدبلوماسية الأميركية تطغى على سبل الحل لتجنب أي تأثير قادم.
ووفق تقرير "ناشونال إنترست"، فإذا لم تعد أميركا وفرنسا تقييم نهجيهما ومشاركتيهما في إفريقيا، فإنهما تخاطران بصورة متزايدة بالتخلي عن النفوذ في القارة لصالح الصين وروسيا، ويشمل هذا فقدان الحصول على المعادن الاستراتيجية، ومن بينها أكثر من 7 بالمائة من يورانيوم العالم الذي تملكه النيجر، إلى جانب خسائر جغرافية وأمنية وتجارية.