منذ اندلاع أزمة النيجر بالانقلاب العسكري على الرئيس محمد بازوم، حافظت الصين على موقف دبلوماسي أكثر هدوءًا بين الدول الكبرى، رغم مصالحها الاقتصادية الكبيرة، وخاصة في مجال التعدين.
ويوضح باحثات سياسيان لموقع "سكاي نيوز عربية" ما وراء الموقف الصيني المعلن من الانقلاب الذي وقع 30 يوليو، وأثار غضب الولايات المتحدة وفرنسا والاتحاد الإفريقي، مشيرين إلى أن بكين ستظل مستفيدة في كلا الحالتين؛ أي سواء استقر الانقلاب وتولى قادته حكم البلاد، أو عاد رئيس النيجر محمد بازوم إلى الحكم.
وسبق أن دعت وزارة الخارجية الصينية، الخميس، إلى إيجاد "حل سياسي للوضع الراهن"، وقالت في بيان إن "الرئيس محمد بازوم صديق للصين، نأمل في ضمان سلامته الشخصية وأن تتعامل الأطراف ذات الصلة في النيجر مع الخلافات بشكل سلمي عن طريق الحوار، انطلاقا من المصالح الأساسية للدولة والشعب".
وجاء البيان عقب تهديد المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا "إيكواس" بالتدخل العسكري لإعادة الرئيس بازوم إلى السلطة، إن لم يتراجع قادة الجيش عن حركتهم الانقلابية.
مكاسب في كل حال
الباحث في الشؤون الدولية، جاسر مطر، يعتبر أن الصين من أكثر الدول المتأثرة بأزمة النيجر، وأما عدم إعلان تحيزها لطرف بعينه، فيأتي "ضمن سياستها الدبلوماسية الرامية لعدم التدخل في شؤون الدول".
وعن أهمية النيجر، الواقعة في غرب إفريقيا، لبكين يقول مطر:
- النيجر ضمن الدول التي تشهد سباقا محموما بين الصين والولايات المتحدة لقنص المعادن الثمينة هناك.
- الصين استطاعت بالفعل أن تدير هناك عشرات المناجم من ذهب وفضة ويورانيوم.
- بالنظر لطبيعة العلاقة بين السلطات الصينية وبازوم، نجد أن حجم التبادل التجاري كان كبيرا للغاية وآخذ في التوسع، وحصلت الصين على حقوق تشغيل مناجم وموانئ.
- إذن فإن بأزوم المعروف قربه من الغرب جمعته علاقة جيدة بالصين أيضا، وهي حصلت منه على ما تريد.
- لذا؛ فإن التطورات الأخير في النيجر بالتأكيد تضر بمصالح الصين، لكن سياسيا قد تأتي بالأفضل؛ لأن المجلس العسكري لديه عداء مع فرنسا، وإزاحة معسكر الغرب من النيجر بالتأكيد سيكون لمصلحة بكين.
- الصين في كلا الحالتين ستحقق مكاسب، لكن إزاحة بازوم والمعسكر الغربي سيحقق لها انتصار سياسيا، ومزيدا من المكاسب الاقتصادية.
دور دبلوماسي قادم
مصدر الخطر الأكبر على مصالح الصين، يراه أيمن الجمصي، الخبير في شؤون دول الساحل الإفريقي، في حدوث تدخل عسكري يشعل صراعا في المنطقة، ويمتد إلى ليبيا ومالي وبوركينا فاسو ونيجيريا والكاميرون وكل المنطقة.
وعلى هذا، فإن الصين "من مصلحتها بقاء الوضع هادئا بأي شكل وقد تدعم عودة الرئيس النيجري، وهي تنتظر من المنطقة أكثر مما ينتظره الغرب وفرنسا".
ويلفت الجمصي بدوره للمصالح الاقتصادية للصين في النيجر وقارة إفريقيا عامة، مشيرا لأن حجم تبادل بكين مع القارة بلغ 200 مليار دولار.
ويتوقع الباحث السياسي أن تلعب الصين "دورا دبلوماسيا كبيرا لحل الأزمة؛ كونها القوة الوحيدة بين المعنيين بالأزمة التي لا تحمل تأيدا لطرف أمام طرف، وقد تدعم عودة الرئيس النيجري".