أثار تزايد هجمات المُسيّرات الأوكرانية على عدد من المواقع الروسية خلال الأسابيع الأخيرة، العديد من التساؤلات بشأن تطوير كييف "برنامجًا سرياً للطائرات بدون طيار"، بالتزامن مع الحديث عن المضي قدمًا في الهجوم المضاد.
وقبل ساعات، أعلن حاكم منطقة بيلغورود الروسية أن هجوما بطائرة مسيرة تسبب في إشعال حريق في منشأة للطاقة بالمنطقة، مضيفًا أن السبب الأولي للحريق هو سقوط عبوة ناسفة من طائرة مسيرة، فيما لم تقع أي إصابات أو خسائر في الأرواح.
كما سبق وتعرضت موسكو، الأسبوع الماضي، لهجوم من 8 مسيرات تسبب بأضرار "طفيفة" في أبنية، اتهمت روسيا، أوكرانيا بتنفيذه بطائرات مُسيّرة، إذ قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إن كييف تحاول ترويع الروس من خلال شن هجمات بطائرات مسيرة على العاصمة.
نماذج متطورة
- بحسب تقرير نشرته شبكة "سي إن إن" الأميركية، أثارت تلك الهجمات شكوكًا بشأن تطوير "البرنامج السري للمسيرات في أوكرانيا"، إذ تُشير تلك الهجمات الأخيرة إلى تطوير كييف نماذج يمكنها التخفي من الرادارات واختراق عمق الأراضي الروسية.
- ونقلت الشبكة عن أحد صانعي المُسيرات في أوكرانيا، فاليري بوروفيك، قوله إنه جرى تطوير طائرة بدون طيار غير مرئية تقريباً، ومن المستحيل سماع صوتها لإجادتها التخفي، حيث أطلق عليها بالأوكرانية اسم "فيدسيتش"، أي الصد، وهي طائرة قتالية مصممة لمهاجمة المواقع الروسية.
- بوروفيك هو واحد من عشرات مطوري المُسيرات الذين زادوا في جميع أنحاء أوكرانيا، إذ ظهرت الموجة الأولى لتطوير الطائرات دون طيار عندما احتلت روسيا القرم وأجزاء من دونباس لأول مرة في عام 2014، ثم مجددًا بعد ثماني سنوات عندما شنت موسكو عمليتها العسكرية واسعة النطاق داخل الأراضي الأوكرانية.
- تم نشر الطائرات بدون طيار لأول مرة لمساعدة المدفعية على تحديد موقع الأهداف الروسية، والآن يعتقد الكثيرون أنها تستخدم لضرب أهداف داخل الأراضي الروسية.
- يقول "بوروفيك" إن شركته بصدد رفع مستوى إنتاجها بعد توقيع صفقة مع مصنع في أوكرانيا، والتي من شأنها زيادة الإنتاج من 50 طائرة شهريا إلى أكثر من 1000، مع نماذج من جميع الأشكال والأحجام.
- يعد ذلك جزءا من مبادرة أوكرانية رسمية تسمى "جيش المسيّرات"، إذ خففت من قيود الاستيراد والضرائب على تكنولوجيا الطائرات بدون طيار، مما حفز تطوير صناعة محلية لتزويد الجيش في البلاد بشكل أفضل.
- تطرق التقرير للإشارة إلى إحدى المُسيّرات الأوكرانية طويلة المدى المعروفة باسم "UJ-22"، ويبلغ مداها ما يصل إلى 800 كيلومتر.
برنامج سري
ومن أوكرانيا، تحدث الخبير السياسي ورئيس تحرير "أوكرانيا بالعربية"، محمد فرج الله، في تصريحات خاصة لـ"سكاي نيوز عربية"، عن تفاصيل تطوير المسيرات داخل كييف، واستخدامها في استهداف المواقع الروسية، بالقول إن:
- أوكرانيا من الدول التي تمتلك صناعة حربية متطورة، وشاركت في العديد من المنتديات والمعارض العسكرية الخاصة بالإنتاج الحربي، لكنها لم تستعد للحرب فلم تطور بشكل كبير من الطائرات المُسيّرة.
- الحرب أيقظت آلة الحرب الأوكرانية وبالتالي جرى على عجل الاهتمام بتطوير مشروع طائرات "الدرون". وقبل عام تحدث رئيس الأركان الأوكراني عندما قال "نحن بحاجة إلى جيش من المسيرات"، ويقصد طائرات السماء والبحر.
- تم عرض أول مسيرة أوكرانية مداها 1000 كم نهاية العام الماضي كأول تجربة ناجحة وتحت سرية كبيرة للغاية.
- من الواضح أن مجمع الصناعات الحربية في ظل هذه الحرب، نجح في وقت قياسي لإنتاج الآلة العسكرية التي تحتاجها المعركة، مع انتهاء التجارب والاختبارات بشكل كبير.
- قدرة أوكرانيا على إنتاج الطائرات دون طيار محاطة بسرية كاملة، لكني أعتقد أن المجمع الصناعي يعمل على هذا الأمر بشكل كبير خاصة بعد أن دخلت المسيرات بكل قوة في الأسابيع الأخيرة.
رسائل عسكرية وسياسية
وأوضح فرج الله أن استهداف أوكرانيا لمواقع روسية باستخدام المسيرات، يحمل 3 رسائل أساسية، تتمثل في:
- الأولى: للشعب الروسي بأنهم ليسوا بعيدين عن ساحة المعركة والتي قد تنتقل إلى العمق مما يغير تفكير القيادة الروسية للوصول إلى تسوية للأزمة الراهنة.
- الثانية: موجهة إلى الحلفاء الغربيين لأوكرانيا، بأنه يجب التوقف عن الخوف من رد فعل موسكو، وتزويد كييف بالسلاح الثقيل لحسم المعركة وتجنب خسائر كبيرة للمدنيين، وبالتالي استهداف مواقع داخلية عبر المُسيرات يمثل ضربا لهيبة روسيا.
- الثالثة: القصف في العمق يحمل معنى استراتيجيا، إذ رأينا أوكرانيا تضرب سككًا حديدية روسية ومخازن ذخيرة ومحطات وقود في الأقاليم، لأنها تعلم أن تلك الذخائر قادمة لأراضيها وتسعى لضربها قبل أن تصل إليها.