رغم الخلافات الشديدة بينهما بشأن قانون التقاعد، اتفقت الحكومة والمعارضة في فرنسا على إحالة القانون إلى المجلس الدستوري للفصل في دستوريته، وسط آمال كل طرف في أن يصدر الحكم لصالحه.
في ظل ما وصفها محللون سياسيون لموقع "سكاي نيوز عربية" بأنها "خيارات محدودة" أمام الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، لتهدئة النقابات الغاضبة من القانون، تواصل الحكومة رفضها لاقتراحات مِن معارضين بإجراء استفتاء على القانون أو سحبه أو حل الحكومة.
الأربعاء، كرر ماكرون تمسّكه بالقانون، الذي يقضي برفع سنّ التقاعد من 62 عاما إلى 64 عاما، قائلا إنه "لا يسعدني لكنه ضروري".
في كلمته إلى مواطنيه خلال مقابلة تلفزيونية، حاول فيها تهدئة الغاضبين، أعلن أنّ القانون سيدخل "حيز التنفيذ بحلول نهاية العام".
فيما ترى أحزاب المعارضة أن القانون يضرّ بمكتسبات وحقوق العمال، ترد الحكومة بأنها لجأت إليه لدواعٍ خاصةٍ بالميزانية.
التوجّه للمجلس الدستوري
قرّرت رئيسة الوزراء إليزابيث بورن، التي نجت من اقتراحي حجب الثقة بالجمعية الوطنية بصعوبة، إحالة القانون إلى المجلس الدستوري للنظر في شرعيته، في خطوة أيّدتها المعارضة التي تأمل أن يلغي المجلس القانون أو يشطب على مواد ترفضها المعارضة، وفق وسائل إعلام فرنسية.
يؤيّد المتحدث باسم الحزب الاشتراكي الفرنسي في الجمعية الوطنية، أرتور دولابورت، اللجوء إلى المجلس الدستوري للحكم على القانون، قائلا إن هذا مخرج ضمن مخرجين، ثانيهما تنظيم استفتاء شعبي لحسم القضية.
"تنازلات عميقة"
تعليقا على خطاب ماكرون، يقول المحلل السياسي من باريس نزار الجليدي، إنه في الوقت الحاضر لا يميل الرئيس إلى إجراء تغيير وزاري ولا حل البرلمان؛ لذلك عليه إيجاد حلول جذرية للتهدئة.
مِن هذه الحلول:
- على الرئيس أن يطرح حزمة مشروعات قوية لحل الوضع الاقتصادي المتأزم وخفض وتيرة الغضب.
- ربما عليه أن يقدّم تعديلات على برنامجه الانتخابي لسنة 2023.
- في المحصّلة الحوار هو عملية من شأنها تهدئة الشارع إذا قدّمت تنازلات عميقة بشأن القانون، وأيضا خطة إصلاحية شاملة.
3 سيناريوهات مرفوضة حكوميا
السيناريوهات أمام ماكرون لتجاوز الأزمة "باتت محدودة"؛ مع إصرار النقابات العمالية على استمرار احتجاجات الشارع، في تقدير الخبير بالشأن السياسي الفرنسي، مراد الحطاب.
هذه السيناريوهات يحددها في 3 طرق:
الأول: استفتاء شعبي
ربما يلجأ إليه ماكرون الذي يجري مشاورات ممتدة منذ مساء الثلاثاء، مع ممثلي الحكومة ومجلسي النواب والشيوخ، لمحاولة احتواء الغضب.
يتطلب الاستفتاء، حسب الدستور، جمع 5 ملايين توقيع شعبي و185 توقيعا من أعضاء البرلمان (577 نائبا في الجمعية الوطنية و348 عضوا في مجلس الشيوخ) لتنظيمه.
الثاني: سحب القانون
مع تصعيد الاحتجاجات، ودعوة النقابات العمالية التي تجتمع للمرة الأولى منذ 12 عاما تحت مظلة واحدة، ربما تلجأ الحكومة لسحب القانون أو تعديله، ويتعلق هذا بما سيصدره المجلس الدستوري من ملاحظات بشأن القانون.
الثالث: حل الحكومة
في حين يبقى هذا الخيار مستبعدا في الوقت الراهن، على حسب تقدير الخبراء، لكنّه متاح إذا ما اضطر إليه الرئيس لتهدئة الشارع.
سبق أن دعا حزب التجمع الوطني المعارض، الموصوف باليميني المتطرف، بزعامة مارين لوبان، رئيسة الوزراء إليزابيث بورن إلى التنحي عن منصبها أو إقالتها مِن قِبل الرئيس ماكرون.
لكن أحد المشاركين في اجتماعٍ ضم أعضاء الحكومة والمعسكر الرئاسي في قصر الإليزيه صباح الثلاثاء، أوضح أن ماكرون لا يعتزم حل البرلمان أو إجراء تعديل وزاري أو استفتاء على القانون، غير أنه طلب منهم تقديم "مقترحات، في غضون أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع كحد أقصى"، بهدف "تغيير أسلوب وجدول أعمال الإصلاحات".