أحدثت الحرب الأوكرانية على مدار عام تحولات جذرية في المشهد العالمي، مما دفع بعض الدول إلى تغيير استراتيجيتها الدفاعية بزيادة الإنفاق العسكري وزيادة تسلح جيشها، الأمر الذي يثير المخاوف من سرعة وتيرة التسلح التقليدي مع تفاقم الصراع الغربي الروسي.
ومع دخول الحرب مرحلة حاسمة وتصاعد المعارك في مدينة باخموت شرق أوكرانيا، قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الخميس، إن الجيش الروسي ضامن لاستقرار بلاده، واعدا بزيادة الإنتاج الصناعي العسكري لتلبية احتياجات القوات الروسية في أوكرانيا.
وأكد على تجهيز الجيش الروسي، بأنظمة ضاربة جديدة وأجهزة استطلاع واتصال ومسيرات وأنظمة مدفعية.
الإنفاق العسكري بعد الحرب
- تعد روسيا خامس أكبر منفق على السلاح في العالم، بعد أن وصل الإنفاق الروسي العسكري قبل بدء الحرب إلى 4.1 بالمئة من الناتج المحلي ليصبح العام الثالث على التوالي في نمو التسلح الروسي.
- في مارس الماضي، أمر الرئيس الصيني شي جين بينغ، بتحديث القوات المسلحة بشكل كامل بحلول 2035، مشددا على أن يصبح الجيش الصيني متفوقا عسكريا بحلول 2049.
- في يونيو الماضي، أكد المستشار الألماني أولاف شولتز، أن بلاده سوف تمتلك أكبر جيش أوروبي تقليدي في الناتو بفضل الاستثمارات الضخمة التي أقرها، عقب تخصيص 2 بالمئة من الناتج المحلي للموازنة الدفاعية، لتصبح ميزانية الإنفاق العسكري ما بين 70 إلى 80 مليار يورو سنويا بعد الموافقة على إنشاء صندوق استثنائي بقيمة 100 مليار دولار.
- وفي الشهر نفسه، طالب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، بإعادة تقييم لقانون البرمجة العسكرية، مع تأسيس قاعدة صناعية تكنولوجية للدفاع الأوروبي والفرنسي، مع تخصيص 400 مليار دولار بين عامي 2024 و2030 للإنفاق العسكري.
- كما أعلنت بريطانيا الاستثمار في القتال الجوي، مع زيادة الإنفاق الدفاعي إلى 2.5 بالمئة من الناتج المحلي بحلول عام 2030.
- في ديسمبر الماضي، تم إقرار ميزانية الدفاع الأميركي لعام 2023، بمبلغ 858 مليار دولار، بزيادة 45 مليار دولار عن الميزانية التي طرحها الرئيس الأميركي جو بايدن، بهدف زيادة رواتب الجنود بنسبة 4.6 بالمئة، وزيادة الإنفاق على الأسلحة والطائرات، في ظل استمرار الدعم الأميركي لأوكرانيا.
الحرب والإنفاق العسكري
عن انعكاس الحرب الأوكرانية على احتدام سباق التسلح، يقول جاسم محمد، رئيس المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات، إن استمرار الحرب يدفع حلف الناتو لتسريع قدرة الدول الأعضاء على صناعة المعدات والذخيرة من أجل إيفاء الحلف بالتزاماته مع أوكرانيا، مشيرا إلى وجود صندوق خاص في الاتحاد الأوروبي لدعم كييف عسكريا، ورفع الإنفاق العسكري لـ 2 بالمئة من الناتج القومي للدول الأعضاء بالحلف.
ويؤكد محمد، في تصريحاته لموقع " سكاي نيوز عربية"، أن جميع المعطيات تشير إلى أن تسريع الدول في إنتاج الأسلحة وزيادة حجمها سوف يتضاعف أكثر مع استمرار الحرب الأوكرانية، لاسيما وأن أعلى التوقعات بشأن النفقات العسكرية بلغ نصف تريليون دولار سنويا في أوروبا بحلول 2026.
تأثير التسلح على المشهد العالمي
عن تداعيات زيادة سباق التسلح الدولي على الأمن والسلام بالعالم، يشير محمد، إلى أن نشر الأسلحة وتصعيد المواجهات الميدانية بين أطراف الصراع في أوكرانيا، يحمل تأثيرات سلبية على الأمن الإقليمي لحدوث انتهاكات لحقوق الإنسان في الحرب.
ويضيف: " زيادة وتيرة تسليح أوكرانيا وانتشار الأسلحة الخفيفة والثقيلة في الحرب، يهدد الأمن الدولي خاصة وأن الحرب الأوكرانية صعدت من مشاركة الجماعة المتطرفة بكافة أطيافها من الجماعات النازية والجماعات المتطرفة، وهذا يعني تراجع سياسات محاربة التطرف والإرهاب في العالم، ما يجعل سباق التسلح التقليدي تحدِ للمجتمع الدولي والدول المصدرة للسلاح".