تدخل الحرب في أوكرانيا منعطفا جديدا مع اقتراب فصل الربيع، تزامنا مع زيادة الدعم العسكري الغربي لكييف، وسط التحذيرات الروسية من اعتبار ذلك "تورطا مباشرا" في النزاع.
وفي أعقاب التأكيد الأميركي والألماني على إرسال دبابات إلى أوكرانيا، كشف مسؤولون في كييف عن إسقاط الدفاعات الجوية أكثر صواريخ روسية أُطلقت باتجاه العاصمة، خلال أحدث جولة من الضربات الجوية التي تشنها موسكو.
وشنت روسيا أحدث هجوم جوي لها على أوكرانيا خلال ساعة الذروة صباح الخميس، ودوت الإنذارات من الغارات الجوية في جميع أنحاء البلاد، بينما كان الناس يتجهون إلى أعمالهم.
وفي العاصمة، شكلت محطة لقطارات الأنفاق ملجأ من الغارات، وجلس بعض الناس على بطانيات ومقاعد بلاستيكية صغيرة.
ويقول مراقبون ومحللون، إنه من المتوقع أن تشن روسيا هجوما على أوكرانيا بحلول فصل الربيع، وربما قبل ذلك، ردا على تعزيز التسليح الغربي في الآونة الأخيرة، خاصة مع هدوء العمليات العسكرية في الشتاء الذي يصعب فيه إجراء المناورات.
يأتي ذلك في الوقت الذي أعلنت فيه واشنطن وبرلين رسميا موافقتهما على إرسال دبابات "أبرامز" الأميركية و"ليوبارد" الألمانية إلى أوكرانيا للتصدي للقوات الروسية، في خضم التهافت الغربي لتقديم المساعدات العسكرية.
معركة الحسم
بدوره، قال نائب رئيس المخابرات العسكرية الأوكرانية، فاديم سكيبيتسكي، إن بلاده "تعتقد أن روسيا تخطط لشن هجوم جديد في الربيع، سيكون حاسما لمسار الحرب"، معتبرا أنه "إذا فشل الهجوم الروسي الكبير المخطط له، فسيكون سقوطا لروسيا".
كما يعتقد معهد "دراسة الحرب"، أن مثل هذا الهجوم "من المرجح أن يأتي من أراضي دونيتسك ولوغانسك"، الإقليمان الانفصاليان المواليان لروسيا التي اعترفت باستقلالهما، إضافة لبيلاروسيا.
في المقابل، تقوم القوات الأوكرانية بتجهيز تحصينات جديدة، وإعداد خطط قتالية على طول خط المواجهة، مع اقتراب الربيع.
وتوقع الجنرال المتقاعد بالجيش الأميركي، مارك هيرتلنغ، أن الحرب الروسية في أوكرانيا قد "تشتعل" في الربيع، موضحا أن "الربيع سيكون نقطة انعطاف رئيسية في الحرب".
وحسبما نقلت مجلة "نيوزويك"، فقد أوضح هيرتلنغ أن "التوقعات بالنسبة لفصل الربيع هي أنهم سيساهمون بقوات حشد إضافية، خاصة أن الشتاء يؤدي إلى إبطاء العمليات، وإذا حاولت أوكرانيا استعادة الأراضي، فعليها القيام بعمليات أسلحة مشتركة في الجنوب الشرقي، ومواصلة مواجهة أي تقدم روسي في منطقة دونباس".
مستقبل الصراع
ومع تقديم حزمة مساعدات عسكرية جديدة لأوكرانيا، تشمل 31 دبابة "أبرامز" ومدرعات وذخائر؛ تمهيدا لهجوم مضاد يستعد الجيش الأوكراني لشنه ضد القوات الروسية، أعلنت برلين تسليم دبابات "ليوبارد 2" إلى كييف بحلول مارس المقبل، في خطوة يراها مراقبون بأنها "تغير نوعي جديد لمستقبل الصراع".
وأوضح الخبير العسكري والاستراتيجي، العميد سمير راغب، في تصريحات لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن "أوكرانيا طالما طالبت الغرب بمدها بدبابات قبل خوض معركة الربيع، ويعد هذا تغيرا جديدا، لأن تلك الأسلحة هجومية وليست دفاعية، ومع دخولها ساحة المعركة ستحدث فارقا ملحوظا لصالح القوات الأوكرانية".
وأشار راغب إلى أن "الغرب لا يزال متخوفا من مواجهة مباشرة مع روسيا، والدليل على ذلك التباطؤ في تدبير الدبابات المطلوبة لكييف، لأن رد موسكو حيال ذلك لن يكون تقليديا، بل سيدخل في الحسبان أسلحة الدمار الشامل".
ومع ذلك، قال كبير محللي الشؤون الروسية في مجموعة الأزمات الدولية، والمقيم في موسكو، أوليغ إغناتوف، لموقع "سكاي نيوز عربية"، إن قرار إرسال دبابات "ليوبارد 2" وباقي المساعدات الأميركية، "له أهمية كبيرة لدعم أوكرانيا، وهو أيضا إشارة مهمة لروسيا من الحلفاء الغربيين".
وعن مستقبل الحرب بعد الخطوات الغربية مؤخرا، أضاف "إغناتوف أن "إرسال الدبابات يمكن أن يؤثر بالفعل على مسار الحرب، وسط تقارير تفيد بأن الكرملين يستعد لتصعيد جديد للصراع، فيما تظهر الدول الغربية استعدادها لمواصلة دعم كييف لإنهاء الحرب بشروطها الخاصة".
وتابع: "هذه إشارة إلى الكرملين بأنه ردا على التصعيد الروسي، ستتلقى أوكرانيا أيضا موارد يمكن أن تغير الوضع الراهن على الخطوط الأمامية، وأن موسكو لن تجري مفاوضات بشروطها الخاصة، وهو بالضبط ما تسعى إليه الآن".
كما اعتبر إغناتوف أن أوكرانيا "تريد الدبابات لشن عمليات هجومية واختراق الدفاع الروسي، الذي أصبح أكثر تنظيما، وتحرير مناطق جديدة، خاصة أن مخزونات الدبابات السوفيتية القديمة في أوروبا نفدت".
واختتم المحلل تصريحاته إلى موقع "سكاي نيوز عربية"، بالقول إنه "ربما سيؤدي قرار إرسال الدبابات لأوكرانيا إلى تسريع عملية اتخاذ قرار العمليات الهجومية الجديدة في الصراع".