فيما تتضارب المواقف والتصريحات الروسية والأوكرانية عشية العام الجديد حول مآلات الحرب المتواصلة منذ 10 أشهر بين موسكو وكييف، وسبل وقفها سلميا ودبلوماسيا، أكد الناطق باسم الكرملين دميتري بيسكوف، الأربعاء، على أن أي خطط سلام يجب أن تعترف بضم المناطق الأربع ( لوغانسك ودونيتسك وخيرسون وزابوروجيا ) لبلاده والتي أجريت فيها استفتاءات حول ذلك في أواخر شهر سبتمبر المنصرم.
- تصريحات بيسكوف جاءت تعليقا على مبادرة الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، طرح خطة سلام وعقد قمة دولية تحت رعاية الأمم المتحدة حولها في بدايات العام القادم .
- وقال المتحدث باسم الرئاسة الروسية :"لا يمكن أن تكون هناك خطة سلام لأوكرانيا التي لا تأخذ في الاعتبار حقائق اليوم مع الأراضي الروسية، ومع دخول 4 مناطق جديدة إلى روسيا، وأي خطة لا تأخذ هذه الحقائق في الاعتبار لا يمكن أن نسميها سلمية".
- مراقبون وخبراء يرون أن تذبذب مؤشرات عروض التفاوض والحوار الصادرة من الجانبين الروسي والأوكراني وتناقضها، يشكل علامة على عدم توفر نية حقيقية بعد لطي صفحة الرهان على الحسم العسكري للصراع، إن من جانب روسيا التي أكد وزير خارجيتها سيرغي لافروف الثلاثاء، أنه في حال عدم رضوخ كييف لمطالب موسكو وشروطها وأبرزها القبول بضمها المناطق الأربع، فإن الجيش الروسي كفيل بحسم الأمر، أو من قبل أوكرانيا التي تؤكد سعيها لاخراج الروس بالقوة من كامل أراضيها، ورفضها الاعتراف بنتائج الاستفتاءات في تلك المناطق التي تعتبرها مزورة .
رأي الخبراء
- تقول الباحثة والخبيرة في العلاقات الدولية بمدرسة موسكو العليا للاقتصاد لانا بدفان، في حديث مع موقع سكاي نيوز عربية :
- روسيا ومنذ أشهر تركز عملياتها العسكرية وجهودها السياسية على الأقاليم الأربعة التي تم ضمها وفق القوانين الدستورية الروسية، بعد تنظيم الاستفتاءات في تلك الأقاليم في نهاية شهر سبتمبر الماضي، ولهذا فموسكو لا يمكنها التنازل أبدا عن هذه المناطق التي هي رسميا باتت جزء من الأراضي الروسية .
مقايضة محتملة
- لكن ورغم كونه احتمالا مستبعدا جدا، قد يتم فيما بعد اللجوء في سياق تطور المفاوضات بين الطرفين لاحقا، لخيارات ومخارج من قبيل اعادة رسم الحدود في مقاطعتي خيرسون وزابوروجيا، وهو أمر ممكن وفق القانون الروسي، وفي سياق أي مقايضات وصفقات تفاوضية محتملة .
تكرار سيناريو القرم
- ويبقى الأرجح أن تعمل روسيا على تزخيم عملية ضم هذه المناطق وتسريع وتيرتها وآلياتها القانونية والادارية والخدمية والدفاعية، بما يجعلها خارج إطار أي تفاوض كما هي الحال مع شبه جزيرة القرم التي انضمت لروسيا في سيناريو مشابه بعد تنظيم استفتاء شعبي فيها في عام 2014.
- بدوره يقول الباحث والخبير في الشؤون الدولية طارق سارممي، في لقاء مع موقع سكاي نيوز عربية :
- وقف الحرب وصنع السلام عادة ما يتمخض عن صيغ حل وسطية وتوافقية تقوم على التنازلات المتبادلة بين الطرفين المتحاربين، وفي هذه الحال فإن مواقف كل من موسكو وكييف بعيدة بل ومتناقضة مع مفهوم الحل الوسط التفاوضي، ففي حين يصر الروس على الاعتراف بالأمر الواقع الذي نتج عن الاستفتاءات في المناطق الأربع، يصر الجانب الأوكراني من جانبه على أنه لا تنازل عن تلك المناطق، التي يعتبرها محتلة ولا بد من تحريرها .
حلقة مفرغة
- وهكذا فنحن أمام حلقة مفرغة من التعنت، وخطين متوازيين لن يلتقيا إلا وفق خطة سلام تقوم على بحث سبل لبلورة حلول ممكنة وقابلة للتطبيق العملي، كأن يتم تقاسم المناطق الأربع مناصفة بإن تبقى لوغانسك ودونيتسك ضمن روسيا مثلا، وتعود خيرسون وزابوروجيا لأوكرانيا، خاصة وأن مركز مقاطعة خيرسون المدينة قد استرجعته كييف بعد الانسحاب الروسي منها قبل نحو شهرين .
ضمانات متبادلة
•الحرب الأوكرانية هي صراع عالمي بين قوى كبرى على النفوذ والمجالات الحيوية، ولهذا فلا بد في سبيل وقف هذه الحرب من تبلور توافق روسي غربي وخاصة أميركي على ذلك، وهو ما يتطلب تسوية ملفات معقدة وملغومة كملف الضمانات الأمنية التي تريدها موسكو في مواجهة تمدد حلف الناتو شرقا على تخومها، وفي المقابل يطالب المحور الغربي الأطلسي بضمانات من روسيا بعدم تكرار السيناريو الأوكراني، في مناطق أخرى وخاصة في أوروبا الشرقية .