بعد مرور نحو 10 أيام على اتمام الانسحاب الروسي من مدينة خيرسون الواقعة جنوبي أوكرانيا على الضفة الغربية لنهر دنيبرو، بعد أشهر من السيطرة عليها، يرى مراقبون أن الهدوء الكبير في تلك الجبهة يعكس أن ذلك الانسحاب رغم ما ينطوي عليه من غموض والتباس وتضارب في توصيفه وتقييم خلفياته، قد يشكل مقدمة لطي صفحة الحرب وإحلال السلام.
وأشاروا، في هذا الصدد، لتواصل المفاوضات والاتصالات وراء الكواليس بين الروس والأميركيين أمنيا وسياسيا، بغية تهيئة الأرضية لصيغة حل سلمي ودبلوماسي للصراع في أوكرانيا، معتبرين الموقف الأميركي من حادثة الصاروخ الذي سقط ببولندا مؤخرا، علامة قوية على أن واشنطن حريصة على عدم التصعيد مع موسكو.
تقسيم خيرسون
- ووفق قراءات لسيناريوهات ما بعد الانسحاب الروسي من خيرسون، فإن المرجح أن تقسم المقاطعة التي تحظى بأهمية استراتيجية قصوى ما بين خيرسون روسية وأخرى أوكرانية، عبر ضفتي نهر دنيبرو الغربية والشرقية والذي يشق المدينة كخط فاصل.
- دنيبرو سيشكل وفق خبراء عسكريين في حال بقاء الوضع الميداني على حاله في جبهة خيرسون وتثبيت واقع ما بعد الانسحاب الروسي للضفة الشرقية من النهر، ما يشبه حدودا طبيعية تفصل الروس والأوكرانيين.
مفاوضات سرية
تقول الخبيرة بالعلاقات الدولية والباحثة بمدرسة موسكو العليا للاقتصاد، لانا بدفان، في حوار مع موقع "سكاي نيوز عربية":
- ثمة مفاوضات سرية متواصلة بين موسكو وواشنطن لحل الأزمة الأوكرانية، حيث كان واضحا منذ البدء أن نتائج الصراع في خيرسون هي المحك لمآلات الصراع الروسي الأوكراني ككل.
- فإما أن تكون معركة استراتيجية حاسمة لمصير الحرب ككل، أو أنها ستكون نقطة تحول نحو انطلاق قطار السلام والحوار.
- مجرد عقد هذه المفاوضات هو تطور بحد ذاته يدفع نحو تخفيف حدة الاستقطاب، رغم التعثر ببعض الملفات الحوارية وإعلان الروس رفضهم عددا من الطروحات الأوكرانية للحل.
- وهكذا فهي مباحثات صحيح أنها لا تجري مباشرة بين كييف وموسكو، لكن ثمة ولا شك ضغطا أميركيا على كييف للركون بالمحصلة لخيار التفاوض مع الروس لطي صفحة الحرب.
وعن سيناريوهات الحل المتوقعة، تقول المتحدثة:
- ربما تتمخض هذه المفاوضات في النهاية عن تقسيم خيرسون بين روسية وأوكرانية، ورغم أن الأجزاء الواقعة في الضفة اليمنى لنهر دنيبرو بمقاطعة خيرسون هي كذلك وفق القانون الفيدرالي الروسي تابعة لأراضي الاتحاد الروسي، لكن حال التوصل لاتفاق حل وسط في هذه المنطقة، يمكن إعادة ترسيم الحدود بين البلدين، وهو أمر لا يتعارض مع القوانين الروسية الناظمة لانضمام المناطق الأوكرانية الأربعة لروسيا بعد الاستفتاءات التي جرت فيها على ذلك.
- وهنا لا بد من الإشارة لتقارير استخباراتية أميركية سابقة، كانت قد تحدثت عن أن من الممكن تفعيل المفاوضات في حال سيطرة القوات الأوكرانية على مدينة خيرسون.
- وهكذا شاهدنا كيف تطورت الأحداث في هذا المنحى، حيث تم إجلاء السكان من المدينة ومن ثم سحب المدرعات والآليات العسكرية الروسية، وصولا للإعلان عن الانسحاب منها، ودخول القوات الأوكرانية لها، وبعدها مباشرة توالت الأنباء عن وجود مفاوضات سرية.
- لكن لا ننسى أن الهدوء يعم فقط جبهة خيرسون، فيما ثمة جبهات مشتعلة في مناطق أخرى وخاصة في الشرق وبما فيها جبهة كييف نفسها حيث تعرضت العاصمة الأوكرانية قبل أيام لقصف صاروخي روسي عنيف.
- ولهذا فهذه المفاوضات طريق نجاحها ليست معبدة بالورود، لكنها رغم ذلك قد تتكلل بالتوصل لاتفاق شامل لاحلال السلام، وبالمقابل قد تقود لتصعيد عسكري واسع للحرب.
نهر دنيبرو