أعلن الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، الأربعاء، الخطوط العريضة للاستراتيجية العسكرية الجديدة لبلاده خلال الفترة المقبلة، مؤكداً توقف عملية "برخان" العسكرية في منطقة الساحل الإفريقي، إضافة إلى تعزيز التعاون العسكري مع الدول الأوروبية في ضوء تداعيات الأزمة الأوكرانية.
وقال ماكرون خلال عرضه للاستراتيجية الفرنسية الجديدة للدفاع:
- "فرنسا وبريطانيا ستعقدان قمة حول شؤون الدفاع في الربع الأول من عام 2023"، داعيا إلى تعزيز العلاقات بين البلدين.
- "يجب نقل شراكتنا مع المملكة المتحدة إلى مستوى آخر، وأتمنى أن نستأنف بنشاط موضوع حوارنا حول العمليات والقدرات والمجال النووي والهجين، وأن نكون في مستوى الطموح الذي يليق ببلدينا الصديقين والحليفين".
- "سحب كافة القوات المشاركة في عملية (برخان) من منطقة الساحل الإفريقي"، وذلك بعد نحو 3 أشهر من انسحاب القوات الفرنسية من مالي.
وكان نحو 3 آلاف جندي لا يزالون في مناطق النيجر وتشاد وبوركينا فاسو، بعد انسحاب القوات بشكل كامل من مالي قبل عدة أشهر وتسليم كافة القواعد للسلطات المحلية.
الدوافع
وفي هذا السياق، يرى رئيس المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات، الخبير الأمني، جاسم محمد، أن التحول في الاستراتيجية العسكرية الفرنسية جاء مدفوعا بعدد من العوامل.
ويقول في تصريحات لموقع "سكاي نيوز عربية"، إن هذه الدوافع تشمل:
- التداعيات الخاصة بالأزمة الأوكرانية، وما خلفته من تحولات على مستوى الأمن الأوروبي، دفعت إلى الرغبة بتعزيز التعاون العسكري بين الدول الأوروبية لمواجهة تحديات أمنية متصاعدة.
- فرنسا ترغب مثل العديد من الدول، في تحقيق شراكات عسكرية قوية مع دول الجوار الأوروبي، لتكون قوة ردع في مواجهة التهديدات المستمرة من جانب روسيا.
- الحرب الأوكرانية أدت إلى تغيير النظام الدولي، إلى حالة عدم الاستقرار القصوى، لذلك تسعى الدول الأوروبية بشكل عام إلى مراجعة سياستها العسكرية لتحقيق نمط أكثر قوة في التعامل مع تلك التهديدات.
- المراجعة الفرنسية للسياسات العسكرية تستهدف إيجاد حالة من التوازن بين القوى الإقليمية، وتعزيز القدرات في مجال الحرب والدفاع. ومن المفترض أن يتم تنفيذ هذه الخطة عام 2030.
ويأتي إعلان ماكرون عن السياسات العسكرية الجديدة لفرنسا، تزامنا مع مناقشة قانون داخل الجمعية الوطنية الفرنسية يطالب ببرمجة عسكرية في الفترة ما بين 2024 و2030، لذلك يأتي إعلان الرئيس تماشيا مع قانون البرمجة العسكرية من جانب البرلمان الفرنسي.
التعاون الفرنسي البريطاني
ويعزي محمد دعوة ماكرون لعقد قمة مشتركة مع بريطانيا، إلى عدة أسباب، أبرزها:
- "الخلاف الأخير بين باريس وبرلين، فقد خصصت ألمانيا نحو 100 مليار يورو لدعم منظومتها العسكرية، وكذلك رفضت مؤخرا عددا من المشروعات مع الجانب الفرنسي".
- "سينعكس الخلاف بين فرنسا وألمانيا سلبا على تماسك الاتحاد الأوروبي"، وفق الخبير الأمني.
الدور الفرنسي في إفريقيا
وفيما يتعلق بدور فرنسا في إفريقيا، يقول محمد إن "فرنسا ترسم خطة جديدة في إفريقيا في الوقت الراهن، ففي حين أعلنت باريس سحب قواتها من منطقة الساحل الإفريقي، فإنها تدعو القوات الدولية للمشاركة في عمليات مكافحة الإرهاب هناك، مما يعني أن باريس تتجه نحو تدشين استراتيجية جديدة فيما يتعلق بالتحرك داخل القارة السمراء".
ويتوقع محمد تراجع الدور الفرنسي في إفريقيا "من حيث تواجد قوة واحدة، إذ تتجه باريس إلى المشاركة إلى جانب قوات أوروبية أخرى في عمليات مكافحة الإرهاب داخل القارة السمراء".