بعد ستة أشهر من إعادة انتخاب إيمانويل ماكرون رئيسا للجمهورية الفرنسية، وفشله في الاحتفاظ بالأغلبية المطلقة في الجمعية الوطنية، بدأت تتناسل الأخبار والشائعات حول استعداد ماكرون لحل البرلمان في حال حدوث انسداد في تمرير القوانين.
وكشفت صحيفة "جورنال دو ديمانش" نهاية الأسبوع الماضي أن حزب "النهضة" الحاكم أكمل استعداداته - تقويم الترشيحات أو تدريب المرشحين - ليكون جاهزا في أي وقت للضغط على الزر الأحمر لحل الجمعية الوطنية وذلك لمواجهة معارضة قوية وأغلبية نسبية.
ويلوح إيمانويل ماكرون بهذه الفرضية منذ عدة أشهر. ففي نهاية سبتمبر الماضي، أكد وزير العمل، أوليفييه دوسوبت أن الرئيس لم يستبعد هذا الخيار في حال تقديم اقتراح بتوجيه اللوم حول إصلاح نظام التقاعد.
وفي 30 أكتوبر، ذكرت رئيسة الوزراء، إليزابيث بورن هذا الاحتمال في مقابلة أجرتها مع صحيفة "بوبليكو" البرتغالية: "إذا كان هناك تحالف لإسقاط الحكومة من التجمعات التي لا تستطيع الحكم معًا، فإن العودة إلى صناديق الاقتراع يمكن أن تكون طريقا نسلكه".
وبالنسبة لإيمانويل ماكرون ومساعديه، من المستحيل تكرار فشل الرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك. إذ في عام 1997، قام بحل الجمعية الوطنية خوفا من معارضة قوية بشكل متزايد. نتيجة لذلك، فاز الحزب الاشتراكي في الانتخابات المبكرة، مما تسبب في فرض حالة "التعايش".
ماكرون في موقف صعب
ورغم أنها لحد الساعة فرضية لم يتحدد تاريخ تنفيذها، إلا أنها لا تنفي، وفقا للمحل السياسي ومدير معهد الأمن والاستشراق الفرنسي، إيمانويل ديبوي أن ماكرون في "موقف صعب".
ويوضح ديبوي في تصريحه لموقع "سكاي نيوز عربية" أن "الرئيس الفرنسي وصل إلى سدة الحكم في سياق سياسي غير موات بشكل كبير. فقد اضطرت الحكومة إلى اللجوء إلى المادة 49.3 من القانون لتتمكن من اعتماد نصوص الميزانية في قانون المالية 2023 دون تصويت.
وأضاف: "كما أن مسؤولية الحكومة برئاسة بورن كانت موضع تساءل عدة مرات. هناك هشاشة سياسية تدفع ماكرون إلى التفكير في الحل الذي قد يصبح حتميا لأن النصوص المقبلة التي ستصل إلى الجمعية تثير الكثير من الانقسام خصوصا ملفات الطاقات المتجددة، الهجرة أو إصلاح المعاشات التقاعدية".
وتابع: "لكنه في المقابل، ليس لديه أي حظوظ للحصول عل الأغلبية المطلقة، هو يهدف فقط إلى إزعاج المعارضة بإعادتها إلى صناديق الاقتراع. لأن الحل قد يقسم البرلمانيين الحاليين ويزيد من حظوظ حزب اليمين المتطرف، "التجمع الوطني".
ولكل هذه الأسباب، يقول المحلل السياسي، أوليفيه روكان، لموقع "سكاي نيوز عربية"، إن "رئيس الجمهورية ليست لديه مصلحة في حل الجمعية العامة في المستقبل القريب، ولكنه يستخدم هذه الورقة كوسيلة تهديد لخصومه، وخاصة من اليسار، الذين سيخسرون المزيد. كما أنه يضغط بذلك على النواب البرلمانين خصوصا الجمهوريين منهم للانضمام إلى الأغلبية أو تقديم ضمانات على تصويتهم لصالح بعض القوانين".
وأبرز: "ويبقى خيار حل الجمعية الوطنية مخاطرة كبيرة من طرف ماكرون، لأن أصوات الناخبين لا أظنها ستتغير بعد أشهر قليلة. قد تكون النتيجة أسوأ من سابقتها وسيحصل ماكرون على أغلبية ضعيفة أو قد تكون غير موجودة أصلا، مما قد يتسبب في شلل كبير".
وبحسب استطلاع رأي في هذا الشأن، أجراه معهد دراسات الرأي والتسويق في فرنسا والخارج "إيفوب" ونشره على موقعه الرسمي في 6 نوفمبر، فإن تشكيلة الجمعية ستظل "مقسمة بين ثلاث كتل رئيسية: المعسكر الرئاسي والتحالف اليساري والتجمع الوطني. كما أن هذا الأخير سيخرج أقوى من اقتراع جديد".
وتخول المادة 12 من الدستور الفرنسي لرئيس الجمهورية وحده حل مجلس الأمة، أي الدعوة إلى انتخابات تشريعية جديدة. ويخضع قرار الحل لتقدير رئيس الدولة الذي يشرع عمومًا في الحل عندما يكون مستاءً سياسياً. وبمجرد إعلانه، يجب إجراء انتخابات تشريعية جديدة ما بين عشرين وأربعين يومًا.
وفي ظل الجمهورية الخامسة، تم إعلان خمسة قرارات حل (1962، 1968، 1981، 1988 و1997).