مضى عام على محادثات الأمم المتحدة بشأن المناخ، التي عُقدت في غلاسكو في اسكتلندا، لكن عدة أسلة تثار اليوم حول مدى الالتزام بالخطط والتعهدات التي أعلن عنها من قبل حكومات وبنوك وشركات عالمية، لأجل الحفاظ على البيئة.
وأشارت عدة تقارير إلى أن غالبية الحكومات والمؤسسات ذات الصلة، لم تلتزم بالتعهدات، مما يثير القلق تجاه الخطط والجهود التي ستتبناها قمة كوب سبعة وعشرين في شرم الشيخ بمصر.
وإدراكًا لحقيقة أن اهتمام العالم كان منصبًّا على توصيات جذرية لقضايا المناخ، العام الماضي، فإن تقارير بيئية صدرت هذا الأسبوع، تؤكد أن مبادرات تخفيف حدة التغير المناخي التي تم طرحها في قمة كوب ستة وعشرين، لم تكن على المستوى المطلوب.
ماذا تحقق؟
- يوضح الخبراء أن خطط خفض الانبعاثات لم تلتزم بها سوى 24 دولة من أصل مئتين، وهو عدد محدود للغاية.
- وفق تقاريرَ دولية، طرحت 15 دولة، من أصل 119، خلال قمةِ العام الماضي، خططا واقعية للتعهد بخفض انبعاثات غاز الميثان، بنسبة 30 في المائة عن مستويات 2020.
- على مستوى الغابات، فإن عمليات قطع الأشجار تسجل انخفاضا قليلا، لا يرتقي إلى المستوى المطلوب، الذي قرره مؤتمر كوب ستة وعشرين، لأن مستوى إزالة الغابات في الأمازون وصل إلى أعلى مستوياته منذ عام ألفين وستة.
- في ما يتعلق بمسألة التعهدات المالية المقررة من الدول الغنية، للدول الفقيرة المتضررة من التغير المناخي، فإن العجز عن تقديم التمويل الكافي تسبب في تقويض الثقة، في محادثات قمة كوب ستة وعشرين، وزاد من صعوبة إحراز تقدم على المستوى الدولي.
وأرجع مراقبون السبب في تطبيق بنود قمة المناخ السابقة إلى تغييرات جيوسياسية طارئة، حلّت بدول العالم، منها أزمة كورونا وأزمة أوكرانيا، مما يدفعهم إلى وضع آمال كبيرة على القمة المقبلة في شرم الشيخ، عبر إطلاق خطط أكثر فاعلية.
التزام محدود
ويؤكد الأستاذ والباحث في شؤون المناخ، الدكتور علي قطب، عدم تطبيق التوصيات التي صدرت عن قمة غلاسكو، في إشارة إلى عدم الالتزام بتقديم مئة مليار دولار للدول المتضررة من جراء تغير المناخ، إلى جانب خفض الانبعاثات الكربونية والحد من قطع أشجار الغابات.
وأضاف الباحث في مقابلة مع "سكاي نيوز عربية"، أن تطبيق هذه التوصيات تأثر بالأحداث السياسية التي باغتت العالم خلال هذه السنة، وسط تقارير عن العودة إلى التشبث بمصادر الطاقة الملوثة والتقليدية، بسبب الشح الذي نجم عن تطورات الحرب بين أوكرانيا وروسيا.
وأوضح أن الرصد الذي قامت به المنظمة العالمية للأرصاد الجوية، من خلال اللجنة المعنية بتغير المناخ، يظهر استمرار معدل الانبعاث في المستوى نفسه، كما يتواصل ارتفاع درجة الحرارة.
وأشار الأكاديمي المصري إلى أن عدة دول صناعية وضعت خططا ومضت قدما في مشاريع للطاقة النظيفة، لأنها تعمل وفق خطط وتدرك منافع التنمية المستدامة، في حين لم تقدم دول نامية على الخطوة نفسها لأنها تفتقر إلى الدعم المالي المطلوب.
الظواهر العنيفة لا تسمح بالتأجيل
وتوقع الباحث أن يجري التعامل باهتمام أكبر مع قضايا المناخ في القمة المقبلة، نظرا للظواهر الجوية العنيفة التي جرى تسجيلها خلال السنة الجارية، في ظل توالي الحرائق وارتفاع درجة الحرارة إلى مستويات غير مسبوقة وجفاف أنهار في أوروبا.
ولدى سؤاله حول الصيغة الممكنة لدفع الدول الكبرى نحو الالتزام بتعهداتها البيئية، قال الباحث إنه ليس ثمة من يستطيع إجبار دول كبرى كالولايات المتحدة والصين وروسيا على أن تلتزم، إلا في حال استشعرت الخطر وقررت أن تنخرط في مواجهته من تلقاء نفسها.