حملت زيارة رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، إلى موسكو، آمالا بتهدئة الصراع في أوكرانيا، في خضم السعي للإسهام في تحقيق الأمن والاستقرار على النطاق الإقليمي والعالمي، والتواصل مع كافة الأطراف المعنية بأزمة أوكرانيا وصولا إلى حلول سياسية فعالة.
وفي هذا الصدد، أشاد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بدور رئيس دولة الإمارات في حل القضايا الإنسانية في أوكرانيا، بما في ذلك تبادل الأسرى.
وقال بوتين خلال مؤتمر صحفي عقب قمة "رابطة الدول المستقلة" في كازاخستان، إنه "منفتح" على المفاوضات مع كييف وعلى وساطة دول مثل الإمارات العربية المتحدة أو تركيا.
ويرى دبلوماسيون ومحللون سياسيون، أن الوساطة الإماراتية لتهدئة الأزمة الأوكرانية تأتي بحكم العلاقات القوية للشيخ محمد بن زايد بطرفي النزاع، سواء موسكو أو كييف، فضلا عن تواصله البنّاء مع العواصم الغربية خلال السنوات الماضية، بما يؤهله للعب دور الوساطة بنجاح وفعالية.
وعقد رئيس دولة الإمارات يوم الثلاثاء في مدينة سان بطرسبرغ، جلسة مباحثات مع نظيره الروسي، تناولت العلاقات الثنائية، وآخر التطورات الإقليمية والدولية، وفي مقدمتها مستجدات الأزمة الأوكرانية وأهمية دعم الجهود الدبلوماسية التي تخدم جميع الأطراف وتحقق السلام والاستقرار في العالم.
ولعبت دولة الإمارات دورا مهما في عملية تبادل الأسرى بين روسيا وأوكرانيا وفق وكالة "وام"، وفي هذا الصدد أكد بوتين أن "الجانب الروسي يقدر هذه الجهود التي تقوم بها دولة الإمارات والتي أكدت استعدادها لمواصلة جهود الوساطة".
علاقات متزنة
من جانبه، قال عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية، والخبير البارز بالعلاقات الدولية، السفير رخا حسن، في تصريحات لموقع "سكاي نيوز عربية"، إنَّ الشيخ محمد بن زايد حريص على عرض الوساطة في أزمة الحرب الأوكرانية، بحكم علاقاته القوية في المجتمع الدولي، لافتا إلى أن للإمارات علاقة وثيقة مع روسيا وتعاون مشترك في العديد من المجالات.
وأوضح حسن أن زيارة الشيخ محمد بن زايد لموسكو هدفها الأول تنسيق العلاقات بين البلدين، واستغلال الأجواء الإيجابية للزيارة لعرض الوساطة وتهدئة الصراع في أوكرانيا الذي يتفاقم يوما تلو الآخر.
وأضاف: "العالم كله يطالب بضرورة إنهاء الحرب والدخول في مفاوضات، لأن الجميع تأثر بتداعياتها، وبالتالي يجب استغلال الحشد الدولي لوقف التصعيد وبدء المفاوضات بين الجانبين، ومن ضمن هذه الجهود ما يقوم به رئيس دولة الإمارات والتي قد تحمل آمالا إيجابية لتهدئة الصراع".
وباعتبار أن "الدبلوماسية هي فن الممكن"، فإن لدى الإمارات ما يؤهلها للقيام بدور الوساطة في أزمة الحرب بين موسكو وكييف، بحكم علاقاتها الممتدة والمؤثرة، بحسب الدبلوماسي المصري السابق، وبالتالي "ربما يستجيب الطرفين لصوت العقل، ولا بدَّ من المحاولة والسعي المستمر للتفاوض".
وفي هذا السياق، قال الرئيس الروسي إنه "على مدى 50 عاما من علاقاتنا الدبلوماسية مع الإمارات، تطورت اتصالاتنا بشكل تدريجي وتصاعدي، ورغم تعقيد العلاقات اليوم في العالم، فإن العلاقات بين روسيا والإمارات هي عامل مهم لتحقيق الاستقرار في المنطقة وفي العالم كله".
دور إنساني
بدوره، أوضح الأكاديمي المتخصص بالشأن الدولي طارق فهمي، في تصريحات لـ"سكاي نيوز عربية"، أن الدور الإنساني لدولة الإمارات كان حاضرا في الحرب الراهنة، بما في ذلك عملية تبادل الأسرى.
وقال فهمي إن "الزيارة تأتي في توقيت مهم، خاصة أن الشيخ محمد بن زايد يتحرك في العديد من الدوائر الدبلوماسية، كما تمتلك الإمارات إمكانيات وقدرات دبلوماسية خلّاقة تستطيع أن تقدمها في هذه الأزمة، ومعروف عنها اتباع استراتيجية الرشادة السياسية، بما يُسهل لها كثير من الأمور".
وأشار إلى أن الشيخ محمد بن زايد هو أول رئيس عربي يزور موسكو ويلتقي بوتين منذ اندلاع العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، ومن ثم ستُبنى عليها توجهات سياسية كبيرة في الفترة المقبلة، لإحداث حراك لحل هذه الأزمة بالنظر لمصداقية الرئيس الإماراتي في الأوساط الدولية.
ومع ذلك، فإن الحرب معقدة للغاية وتحتاج لجهود أممية ودولية كثيرة، وفق الأكاديمي المتخصص بالشأن الدولي.