أبدى الرئيس الأميركي، جو بايدن، يوم الثلاثاء، ترحيبه باتفاق ترسيم الحدود بين لبنان وإسرائيل، فيما كشفت تقارير إعلامية عن تفاصيل غير معلنة بعد بشكل رسمي، حول التسوية التي جرت بوساطة أميركية.
وقال البيت الأبيض، إن بايدن أبلغ الرئيس اللبناني ميشال عون، في اتصال هاتفي، الثلاثاء، بأن اتفاق ترسيم الحدود البحرية يمكن أن "يمثل فصلا جديدا للشعب اللبناني"، وأن الولايات المتحدة ستساعد في حل المشكلات التي قد تنشأ عن الاتفاق.
من جانبه، أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي، يائير لبيد، يوم الثلاثاء، أن بلاده توصلت إلى اتفاق وصفه بالتاريخي مع لبنان، بشأن حدودهما البحرية المشتركة، في خطوة يمكن أن تمهد الطريق للتنقيب عن الغاز الطبيعي.
كواليس الاتفاق
ونقلت وكالة "أسوشيتد برس" عن مسؤول إسرائيلي وصفته بالـ"كبير"، أن الاتفاق سيسمح للبنان بإنتاج الغاز من حقل "قانا"، لكنه سيسدد رسوما لإسرائيل مقابل أي غاز يستخرج من الجانب الإسرائيلي.
ويعمل لبنان مع شركة الطاقة الفرنسية العملاقة "توتال" على الاستعدادات لاستكشاف الحقل، بالرغم من أن الإنتاج الفعلي قد يستغرق سنوات.
وقال المسؤول، الذي لم يجر ذكر اسمه، إن الاتفاقية ستترك أيضا "خطا من العوامات" ليكون قائما ويعمل كحدود فعلية بين البلدين.
ولم تشر الوكالة إلى اسم المسؤول الإسرائيلي الذي كشف عن التفاصيل، نظرا إلى حديثه عن مفاوضات تجري في الكواليس.
وكان إرساء خط العوامات، أي رسم الحدود الفاصلة بين مياه الدولتين، واحدة من النقاط الشائكة في المفاوضات بين لبنان وإسرائيل.
وأثيرت مخاوف لبنانية، في وقت سابق، من إرساء خط للعوامات، على نحو "يقضم" كيلومترات من المياه اللبنانية، بينما أثيرت خشية أخرى في الجانب الإسرائيلي من مغبة تعرض شمال إسرائيل لمراقبة من الجانب اللبناني، لو أن الخط تحرك أكثر صوب الجنوب.
ولادة عسيرة
وطرح المبعوث الأميركي، آموس هوكستين، صيغة نهائية في وقت سابق من أكتوبر الجاري، قبلتها إسرائيل، لكن لبنان طلب إدخال بعض التعديلات.
وقالت إسرائيل، الأسبوع الماضي، إنها تعتزم رفض التغييرات التي طلبها لبنان، حتى لو أدى ذلك استحالة التوصل لاتفاق، لكن المفاوضات استمرت، وبلغت ذروتها عندما تحدث الجانبان عن شروط نهائية مقبولة.
وكان محور الخلاف الرئيسي في المحادثات هو حقل غاز كاريش الذي أصرت إسرائيل على أنه يقع بالكامل في مياهها، بينما لم يكن موضوعًا للمفاوضات.
وأوردت تقارير أن لبنان طالب بجزء من الحقل، فيما هدد حزب الله بشن هجمات إذا بدأت إسرائيل الإنتاج من كاريش.
لكن إسرائيل قالت إن الإنتاج سيبدأ من كاريش في أقرب وقت ممكن، بغض النظر عما يطلبه لبنان.
ونصت الصيغة التي عرضها الوسيط الأميركي وسربت للصحافة على خضوع حقل كاريش بالكامل للسيطرة الإسرائيلية في مقابل منح حقل قانا للبنان، علما أن قسما منه يتجاوز خط الترسيم الفاصل بين مياه البلدين.
ارتياح وآمال ربح
وهذا الاتفاق الذي يأتي بعد عدة سنوات من المحادثات التي توسطت فيها الولايات المتحدة، يمثل انفراجة كبيرة في العلاقات بين إسرائيل ولبنان.
لكن هذا الاتفاق ما زال يواجه بعض العقبات، بما فيها التحديات القانونية والسياسية في إسرائيل، بينما أشار مسؤولون لبنانيون إلى أنهم سيوافقون على الاتفاق.
وقال مكتب كل من الرئيس اللبناني ميشال عون ورئيس الوزراء الإسرائيلي يائير لبيد، إنهما تلقيا اتصالات هاتفية للتهنئة من الرئيس الأمريكي جو بايدن.
ونقل مكتب لابيد عن بايدن قوله "أنتم تصنعون التاريخ"، في إشارة إلى خطوة الاتفاق على ترسيم الحدود البحرية.
ومن الإشكاليات الكبيرة، حقوق استغلال احتياطيات الغاز الطبيعي تحت سطح البحر في مناطق شرق البحر المتوسط التي يطالب بها البلدان.
ويأمل لبنان أن يساعد التنقيب عن الغاز في انتشال البلاد من أزمتها الاقتصادية المتفاقمة منذ سنوات.
وفي المنحى نفسه، تراهن إسرائيل أيضا على استغلال احتياطيات الغاز مع تهدئة التوترات مع لبنان.
في غضون ذلك، تطالب كل من إسرائيل ولبنان بنحو 860 كيلومترا مربعا (330 ميلا مربعا) من البحر المتوسط.
وبموجب الاتفاق، سيتم تقسيم هذه المياه على طول خط على امتداد حقل الغاز الطبيعي الإستراتيجي "قانا".
اختبار أنابيب
وبدأت شركة "إينيرجيان" للطاقة المدرجة في بورصة لندن، الأحد، إجراء اختبار للأنابيب بين الأراضي الاسرائيلية وحقل كاريش.
وقالت الشركة الأحد إنه "بعد الحصول على موافقة من وزارة الطاقة الإسرائيلية لبدء الاختبارات، بدأ تدفق الغاز إلى منصة تفريغ تخزين الإنتاج العائم في كاريش.
ولكن على عكس كاريش، ما زال حقل قانا بعيدًا عن القدرة على التشغيل ويتعين إجراء مزيد من التنقيب لتحديد موارد الغاز القابلة للاستخراج.
في هذا السياق، وصل لوران فيفييه، مدير الاستكشاف والإنتاج في شركة "توتال إنيرجي" في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا إلى لبنان، يوم الثلاثاء.