تزيد التفجيرات المتتالية في أفغانستان من إحراج حكومة حركة طالبان؛ وتنذر بتأخر الاعتراف الدولي بشرعيتها؛ ما سينعكس على الاقتصاد والأمن بشكل يصعب التنبؤ به، وفق تقدير خبراء.
ويرى باحثون أفغان تحدثوا لموقع "سكاي نيوز عربية" أن التفجير الأخير في كابل، ضمن سلسلة عمليات من حركات إرهابية منافسة لطالبان عل السلطة؛ ما يدفع قيادات في طالبان لتلبية بعض المطالب المحلية والدولية لتقوية موقفها.
واستهدف تفجير انتحاري، الجمعة، مركزا تعليميا يسمى "كاج" غرب العاصمة كابل، قتل 23 شخصا وأصاب 35 آخرين، وفقا إحصائيات أولية.
ومركز "كاج" مؤسسة خاصة تعقد معظم البرامج التحضيرية لدخول امتحان القبول ما قبل الجامعة.
ووصف المتحدث باسم طالبان ذبيح الله مجاهد الهجوم بـ"الرعب"، وأدانت دولة الإمارات بشدة الهجوم، معربة عن رفضها الدائم لجميع أشكال العنف والإرهاب التي تستهدف زعزعة الأمن والاستقرار، وتتنافى مع القيم والمبادئ الإنسانية، وقدمت وزارة الخارجية و التعاون الدولي خالص التعازي للشعب الأفغاني.
ومن جهتها، قالت كيرين ديكر، القائمة بأعمال السفارة الأميركية في كابل، إن "الولايات المتحدة تدين الهجوم، ويجب أن يتمكن جميع الطلاب من مواصلة تعليمهم في جو سلمي دون خوف".
وقبل أسبوع ضرب انفجار مسجدا وسط كابل، خلف ما لا يقل عن 7 قتلى و41 جريحًا.
وفي تقدير الباحثة الأفغانية فاطمة حكمت، فإن التفجير الأخير، يأتي ضمن عمليات يقف ورائها في الغالب تنظيم "داعش- خراسان" الذي يستهدف سلطة طالبان.
وصعَّد "داعش- خراسان" عملياته منذ تولي طالبان السلطة أغسطس 2021، في إطار الصراع على السلطة، خاصة مع رفض طالبان استراتيجية داعش الخاصة بتنفيذ هجمات ضد المصالح الأجنبية داخل أفغانستان، واتخاذ أراضيها قاعدة لشن هجمات على دول الجوار.
وأعلن داعش مسؤوليته عن 224 هجوما منذ ذلك التاريخ، استهدف معظمها طالبان، بحسب ما ذكر موقع "سايت" الذي يرصد الجماعات المتطرفة.
ويستفيد من هجمات داعش فصائل أفغانية ترفض سلطة طالبان، وخاصة جبهة المقاومة الوطنية في أقاليم بنجشير وبغلان وتخار وبدخشان، كما تقول فاطمة حكمت.
وأعلنت طالبان القبض على أكثر من 100 شخص، ومقتل 40 آخرين من "جبهة المقاومة الوطنية"؛ مما يعني، على حد قول ويقول مدير المركز الأفغاني للدراسات والإعلام، عبد الجبار بهير، إن هناك تهديدات على كافة الأصعدة أمنيا وسياسيا واجتماعيا.
إحراج طالبان
ويوضح بهير أن إظهار طالبان في موقف العاجز عن السيطرة، يزيد إحراجها أمام الدول الأخرى، ويقلل فرص تحسين الوضع الاقتصادي والاجتماعي الذي وعدت به.
هذا الوضع مرشح للتراجع أكثر كما تتوقع فاطمة حكمت، مع استمرار واشنطن في تجميد الأموال الأفغانية لديها، وتأخر الاعتراف الدولي بالحركة؛ ما دفعها للجوء إلى روسيا للحصول على الوقود والقمح من روسيا.
ويصف التقرير الأخير للبعثة الأممية في أفغانستان الوضع الاقتصادي بأنه "لا يزال ضعيفا".
وأدى عدم الاعتراف بسلطة طالبان إلى تراجع التمويل الدولي للبعثة الأممية لعام 2022، حيث لم تتلق سوى 1.9 مليار دولار من أصل 4.4 مليار لتحسن الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية.
التنازل عن التشدد
ويرجع مبعوث الأمم المتحدة، ماركوس بوتزيل، عزلة أفغانستان إلى إصرار طالبان على سياستها، مثل حظر التعليم الثانوي للفتيات، ويحذر من أنه إذا لم تتجاوب مع المطالب الدولية "فمن غير الواضح ما الذي سيحدث بعد ذلك".
وبتعبير "بهير": "لعل طالبان تراجع مواقفها وتبحث عن حلول، خاصة وأن قيادات منها ترى أنه لا بد من التنازل في ملفات لتحقيق الرضا الشعبي، وتقليل فرص التمرد على الحكومة، وتخفيف الضغوط الدولية".