انتهى الاجتماع السادس رفيع المستوى للجنة متابعة تنفيذ اتفاق الجزائر للسلام والمصالحة في مالي بالعاصمة باماكو، بأجواء ضبابية حول مستقبل الاتفاق، في ظل عدم الثقة بين السلطات وحركات إقليم أزواد.
ونقلت مصادر من حركات أزواد لموقع "سكاي نيوز عربية" أن التوتر غلب على الاجتماع بعد اتهام هذه الحركات للمجلس العسكري الحاكم بـ"المماطلة" في تنفيذ الاتفاق منذ توقيعه.
وانعقد الاجتماع، الجمعة، بحضور الأطراف الموقعة على الاتفاق، وبرئاسة وزير الشؤون الخارجية الجزائري، رمطان لعمامرة، الذي ترعى بلاده الاتفاق منذ توقيعه عام 2015، إضافة لعدد من وزراء خارجية دول المنطقة وممثلون عن الأمم المتحدة، والاتحاد الإفريقي، والاتحاد الأوروبي، والجماعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا ومنظمة المؤتمر الإسلامي.
رسالة تحذير "انفصالية"
ودعا رئيس تنسيقية الحركات الأزوادية، العباس أغ إنتالا، باماكو لحسم موقفها، قائلا "إنها إن لم تعد تريد الاتفاق وإن كانت ترى شيئا أفضل منه "دعها تخبرنا بوضوح شديد، من جانبنا نحن على استعداد للجانب الذي ستختاره".
هذا التصريح اعتبرته المصادر "رسالة تحذيرية" بأنه إذا لم يتم تنفيذ الاتفاق، فستتجه حركات أزواد إلى "حق تقرير المصير"؛ ما يعني إحياء مشروعها للاستقلال بإقليم أزواد شمالي البلاد.
وسبق أن حذر العضو المؤسس في "الحركة الوطنية لتحرير أزواد" بكاي أغ حمد، من أنه في حال لم يتم تنفيذ الاتفاق ستنفتح كل السيناريوهات، ومنها أن تعلن حركات أزواد ما سماه بدولة أزواد المستقلة.
وخاضت حكومة مالي معارك طويلة مع حركات أزواد منذ عام 2012؛ لمساعي الأخيرة إقامة إمارة إسلامية في الإقليم، ولم تتوقف إلا بإبرام اتفاق الجزائر 2015، متضمنا تشجيع اللامركزية في الحكم والتنوع الإثني، ومخصصات لأزواد، ودمج الحركات المشاركة في الاتفاق في مؤسسات الدولة.
ما اتفق عليه الاجتماع
• جدد المشاركون في اجتماع "لجنة المتابعة" ضرورة تنفيذ خطة إدماج 26 ألف مقاتل سابق من حركات أزواد داخل المؤسسة العسكرية والأمنية.
• رحب المشاركون بنتائج مشاورات صياغة دستور جديد بين اللجنة المسؤولة وحركات أزواد.
• إطلاق 16 مشروعًا إنمائيًا لإشعار السكان بمكاسب الاتفاق.
ألغام تهدد الاتفاق
وعن أسباب عرقلة الاتفاق منذ 2015، يقول المحلل السياسي المالي عبد العزيز كوني:
• يوجد قوى في باماكو ترفض اتفاق الجزائر؛ لأنها تراه مشروعا لتقسيم الدولة، وتعتزم تنظيم مظاهرات للتنديد به.
• دعم حركات أزواد للفترة الانتقالية في مالي مشروط بالتزام السلطات بتنفيذ الاتفاق فيما يخص دمج 26 ألف عنصر من هذه الحركات في الجيش، وأخذ رأيها في الدستور.
• التغير المتكرر للسلطة الحاكمة- نتيجة الانقلابات العسكرية- عطَّل تنفيذ الاتفاق، وجعله يبدأ كل مرة من الصفر، وحركات أزواد تريد ضمان لتنفيذه حال حدوث تغير سياسي جديد.
• ويضيف المتحدث باسم الحركة الوطنية لتحرير الأزواد، سيدي أغ باي، سببا آخر في رأيه، وهو عدم وجود عقوبات تُطبق على باماكو لعدم تنفيذها الاتفاق.
مستقبل الإرهاب
تستغل الحركات الإرهابية التابعة لتنظيمي داعش والقاعدة، ضعف وجود الجيش في شمال مالي، وغياب التنسيق بينه وبين حركات أزواد ضد الإرهاب، وتتخذ هذه المنطقة قاعدة لتنفيذ هجماتها.
ويبدو أن حركات أزواد تلوح للحكومة بضرورة تنفيذ الاتفاق إن أرادت التعاون معها ضد الإرهاب.
وفي ذلك يقول المتحدث باسم الحركة الوطنية لتحرير الأزواد، إنه "لا يمكن محاربة الإرهاب بشكل فعال دون التنفيذ الكامل لاتفاق الجزائر؛ لترتيب الأصدقاء من جهة، والأعداء من جهة، مع عمل تغييرات عميقة في المؤسسات المالية لتلبية تطلعات جميع السكان في إقليم أزواد".