بعث تجديد أوكرانيا تهديدها بقصف جسر كيرتش الاستراتيجي في شبه جزيرة القرم الخاضعة للإدارة الروسية، برسالة تصعيد، بعد نجاح استهداف مواقع عسكرية روسية حيوية في المنطقة.
ويرى خبراء تحدثوا لموقع "سكاي نيوز عربية" أن الجسر مؤمّن بشكل جيد من الدفاعات الروسية، إلا أنهم حذروا من استمرار خيار التصعيد مع لجوء كييف إلى "حرب استنزاف" مع روسيا عبر التفجيرات والطائرات المسيّرة.
وكتب مستشار الرئاسة الأوكرانية ميخايلو بودولياك، عبر "تلغرام": "هذا الجسر عبارة عن بنية غير قانونية. إنه يضر ببيئة شبه الجزيرة وبالتالي يجب تفكيكه، لا يهم كيف، عمدا أم لا".
وسبق أن هدد مسؤول أوكراني، أبريل المنتهي بعد شهرين من اندلاع الحرب، باستهداف الجسر كذلك، إلا أنه يكتسب هذه المرة ثقلا أكبر مع عمليات وتفجيرات ضخمة تضرب بالفعل أهدافا روسية حسّاسة، مثل القواعد العسكرية ومخازن السلاح، في شبه الجزيرة.
التأمين الروسي
ومُقللا من أهمية التهديدات الأوكرانية، قال الخبير العسكري الروسي، ألكسندر أرتاماتوف، إن كييف تهدف من ضرب الجسور إلى قطع خطوط الإمدادات الروسية، لكنها خطة ستفشل، نظرا لتأمين تلك الجسور بأنظمة دفاعية جوية متطورة.
وجسر كيرتش افتتحه الرئيس الروسي، فلاديمير بوتن، عام 2018، بعد 4 سنوات من ضم القرم لروسيا عبر استفتاء، لربط شبه الجزيرة بالأراضي الروسية ومنع عزلتها، ويمتد بطول 19 كيلومترا بين إقليم كراسنودار، والقرم.
والخميس الماضي، وردّا على التهديدات الأوكرانية، كتب أوليغ كريوتشكوف، مستشار رئيس شبه جزيرة القرم، على "تلغرام"، أنه "تم تفعيل أنظمة الدفاع الجوي في مضيق كيرتش، ولا يوجد خطر على المدينة والجسر".
رسالة لواشنطن
تجديد التهديد بتفجير الجسر هو أحدث الأسلحة التي أبرزتها كييف في "حرب الاستنزاف" مع موسكو، وهنا يقول الدكتور محيي الدين إبراهيم، الأكاديمي السياسي في جامعة دمشق، إن كييف تبعث بذلك رسالة إلى واشنطن، مضمونها أن تُسرع في تزويدها بالصواريخ بعيدة المدى لاستهداف عُمق الإمداد الروسي العسكري في القرم.
وتوقع إبراهيم بألا تتحول التهديدات الأوكرانية إلى أفعال، مضيفا: "لا يوجد خطر على كيرتش. كييف تحدثت مرارا عن مهاجمته كنوع من الضغط النفسي".
سلاح المسيّرات
واعتمدت كييف في الآونة الأخيرة تكتيكات جديدة، تعتمد على اللجوء للضربات والتفجيرات عن بُعد، وقصف المواقع الحيوية كالجسور والقواعد العسكرية ومخازن السلاح، بدلا من المواجهة المباشرة في الميدان مع موسكو، والتي كانت تنتهي في أوقات كثيرة بخسارتها أو استسلام جنودها.
ولذلك، تلجأ بشكل كبير للمسيّرات (الطائرات بدون طيار) في تنفيذ هذه المهام، وهي استراتيجية يرى أرتاماتوف بأن أوكرانيا "لا سبيل لديها سوى اللجوء لحرب المسيرات الانتحارية، بعد الخسائر التي مُنيت بها وانسحاب جنودها".
خطر الاستفزاز
ورغم حديث الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، الجمعة، عن مساعي إعادة التفاوض بين موسكو وكييف، فإن الأكاديمي الروسي في جامعة الصداقة بين الشعوب بموسكو، ديميتري بريجع، يرجح أن التصعيد هو السيناريو الأقرب، ويبرر ذلك بأنه لا يوجد بنيه أرضية مشتركة للتفاوض.
واعتبر الأكاديمي الروسي أن واشنطن تدعم كييف بالمسيّرات بشكل صنع نقطة تحول كبيرة في المعارك "فكلما نجحت موسكو في تحقيق مكاسب ميدانية، زادت كييف من تهورها من خلال الدرونز".