رسمت جولات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ووزيري خارجية روسيا، سيرغي لافروف، والولايات المتحدة، أنتوني بلينكن، للقارة الإفريقية، المتلاحقة خلال أيام قليلة، صورة واضحة للتسابق على القارة كصدى لتبعات الحرب في أوكرانيا.
ويصف خبير في العلاقات الدولية في حديثه لموقع "سكاي نيوز عربية" هذا التسابق بأنه إشارة إلى "إعادة توزيع مناطق النفوذ" السياسية والاستراتيجية بين الولايات المتحدة وروسيا وبريطانيا وفرنسا، وتنضم إليها الصين وألمانيا وإيطاليا.
ويزور أنتوني بلينكن جنوب إفريقيا والكونغو الديمقراطية ورواندا بين 7 و11 أغسطس، بعد أيام من جولة لنظيره الروسي سيرغي لافروف، شلمت مصر والكونغو وأوغندا وإثيوبيا.
أيضا ستزور المندوبة الأميركية لدى الأمم المتحدة، ليندا توماس غرينفيلد، غانا وأوغندا في 4 أغسطس، في الوقت الذي أجرى الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، جولة بين 25 و28 يوليو، شملت الكاميرون وبنين وغينيا بيساو.
وإضافة لذلك، تستعد واشنطن لعقد قمة القادة الأميركية الإفريقية بين 13 إلى 15 ديسمبر.
منطقة مغرية
وفي الآونة الأخيرة، ازدادت مكانة الاتحاد الإفريقي في الحوكمة الاقتصادية، ومع قيام منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية (AFCFTA) بتشكيل 55 اقتصادا في سوق واحدة منذ يناير 2021 يمثل الاتحاد الإفريقي الآن كتلة اقتصادية تحتل المرتبة الثامنة عالميا.
كما أن دول إفريقيا من الموردين الرئيسيين للمواد الخام المطلوبة في جميع أنواع التقنيات، من الهواتف الذكية إلى بطاريات السيارات الكهربائية إلى الأقمار الصناعية، وبيعها واستهلاكها.
وتشير تقديرات إلى أن 64 % من واردات الاتحاد الأوروبي من البوكسيت من غينيا، و68٪ من الكوبالت و36٪ من التنتالوم من الكونغو الديمقراطية، و71 % من البلاتين من جنوب إفريقيا.
النموذج القادم
ويعلق أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، طارق فهمي، بأن الصراع على مناطق النفوذ لم يعد ثنائيا، بل متعدد الأطراف؛ وهو ما يعني أن العالم يشهد إعادة توزيع مناطق النفوذ بين الولايات المتحدة وروسيا وبريطانيا وفرنسا.
وعن سخونة السباق يقول: "لافروف في القاهرة، أنتوني بلينكن في جولة إفريقية، ومبعوث أميركي لدول حوض النيل والقرن الإفريقي، وفي نفس التوقيت زيارة الرئيس الفرنسي، وزيارة لمسؤولين بريطانيين لعدة دول إفريقية؛ هذا يعني أننا ذاهبون لتأطير شكل التحالفات ليس في الشرق الأوسط وإفريقيا، ولكن حول العالم، وما يحدث في إفريقيا هو النموذج القادم".
ومن ملامح هذا النموذج، يتابع طارق فهمي، أن تكوين النفوذ في إفريقيا هو جزء من كسب الحرب في مناطق أخرى؛ فوسط الصراع الدائر بين روسيا والولايات المتحدة في أوكرانيا، تسارع كل دولة لحشد إفريقيا لصالحها، فزيارة لافروف تنقل رسالة بأن الأمن القومي الروسي يتمدد لأقاليم مختلفة، والولايات المتحدة تبني فيلقا إفريقيا عسكريا في جنوب القارة.
وإضافة للولايات المتحدة وروسيا وفرنسا إلى إفريقيا، هناك أيضا الصين وإيطاليا وألمانيا التي تحفر لنفسها موطأ قدم هناك؛ ما يعني أن هذا الصراع يؤسس لتحولات عميقة، وفق المتحدث ذاته.
استفادة إفريقيا
وحول استفادة دول إفريقيا من صراع النفوذ هذا، يقول فهمي إنه من المبكر القول إنها ستستفيد، بل ستطالب بفرص أفضل لمجالات التعاون، وأزمة كورونا كشفت تسييس المعونات لهذه الدول، أيضا أزمة أوكرانيا كشفت عن أزمة غذاء عالمية تضررت منها دول القارة.
لكن خبير العلاقات الدولية يرى أن دول القارة أمامها فرصة من أجل ألا يكون الصراع في اتجاه واحد، وذلك إذا ما أحسنت روابط التعاون بينها، وأحيت دور الاتحاد الإفريقي، ولا تكتفي بأن تكون في موقف رد الفعل الذي قد يسقطها في احتلال بشكل جديد.