بعد مرور نحو 5 أشهر على حرب أوكرانيا، وصلت تبعاتها إلى كل أصقاع العالم، ما بين موجة تضخم كبرى وتغيرات سياسية طالت تداعياتها قادة وزعماء، بينما حذر محللون من أن "الأسوأ لم يأت بعد وقد يكون الدور على أكبر اقتصاد في القارة العجوز".
وتمثّل الحرب في أوكرانيا، التي بدأت في 24 من فبراير الماضي أول حرب واسعة النطاق تعصف بأوروبا منذ الحرب العالمية الثانية، وبينما بدت الحرب في أسابيعها الأولى كأنها حرب إقليمية ذات نطاق محدود، تبين لاحقا أنها أكبر بكثير من ذلك، فقد وصلت تبعاتها العالم أجمع.
وتعد أوكرانيا من أهم سلاسل الغذاء في العالم حيث تنتج نحو نصف الاستهلاك العالمي من زيت دوار الشمس، وقرابة 15 بالمئة من الذرة، و10 بالمئة من صادرات القمح على مستوى العالم، بينما أدى الصراع إلى توقف صادرات أوكرانيا من الحبوب خاصة مع استمرار حصار روسيا للموانئ الأوكرانية المطلة على البحر الأسود.
وقبل اندلاع الحرب، كانت روسيا مصدرا رئيسيا للغاز والنفط للعديد من البلدان الأوروبية، بينما يعد الدب الروسي أكبر مصدر للغاز الطبيعي وثاني أكبر مورد للنفط الخام وثالث أكبر مصدر للفحم على مستوى العالم، ويذهب ثلاثة أرباع ونصف إجمالي النفط الخام الروسي إلى القارة الأوروبية، بينما شكل النفط الروسي نحو ربع واردات الاتحاد الأوروبي من النفط الخام عام 2020.
ومع عدم امتثال روسيا لوقف الحرب، فرضت الدول الغربية عقوبات واسعة على موسكو عبر حظر الفحم وتقليل الاعتماد على مصادر الطاقة الروسية، ويبدو أن الطلب المتزايد على مصادر الطاقة من خارج روسيا قد أدى إلى ارتفاع أسعار الكثير من السلع والمواد الأولية إلى أرقام غير مسبوقة.
تغيرات سياسية
وحول تأثيرات حرب أوكرانيا، قال المحلل المتخصص في الشؤون الأمنية والاستراتيجية، ليون رادسيوسيني، إن العالم يشهد أزمة غير مسبوقة والعقوبات يدفع ثمنها الأوروبيون قبل الروس وتداعياتها ستكون كارثية، ومن المتوقع أن تسود اضطرابات واسعة حال طال أمد الحرب.
وأضاف رادسيوسيني، في تصريحات لـ"سكاي نيوز عربية"، أن الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، كان أول ضحايا الحرب عندما خسر أغلبيته في البرلمان حيث عبّر الفرنسيون عن قلقهم حيال تباطؤ العجلة الاقتصادية وارتفاع أسعار السلع الغذائية وموارد الطاقة بسبب الحرب الروسية الأوكرانية.
وأشار إلى أنه بالفعل كانت تواجه حكومة رئيس الوزراء البريطاني، بوريس جونسون، انتكاسات واسعة وفضائح إلا أنه خلال الآونة الأخيرة يواجه البريطانيون ارتفاعا غير مسبوق في تكاليف المعيشة، ما زاد الضغط على الحكومة التي لم تتمكن من فعل المزيد لتخفيف الأعباء المعيشية مع تراجع الجنيه الإسترليني إلى مستويات تاريخية.
وأوضح أن ألمانيا أيضا تواجه أزمة غاز في خطر داهم يفاقم أضخم اقتصاد في أوروبا والحياة اليومية لمواطنيها حيث وصف المستشار الألماني، أولاف شولتز، الحرب بأنها تهديد غير مسبوق سواء على الصعيدين الأمني والاقتصادي وسط آفاق قاتمة على المدى المنظور.
واعتبر أن الأزمة الأوكرانية قلبت حسابات القارة العجوز رأسا على عقب، فالسرعة التي يحرق بها الاتحاد الأوروبي الاحتياطيات النقدية لتغطية نفقات كييف هي مصدر قلق بالنسبة إلى دول الغرب.
وأكد على أن التأثيرات الاقتصادية سوف تشمل كل دول العالم، مع تفاوت نسب التأثر، ومدى قدرة الحكومات على وضع استراتيجيات ناجزة للتعامل مع الأزمة وتوفير بدائل لتفادي المخاطر الكارثية لتلك الأزمة.
ذهب أول واحد
وعقب إعلان جونسون أنه سيستقيل من قادة حزب المحافظين، علق نائب رئيس مجلس الأمن الروسي، ديمتري ميدفيديف، واصفا الاستقالة بأنها "نتيجة طبيعية للغطرسة البريطانية والسياسة السيئة على المسار الدولي".
وأضاف في منشور على قناته الخاصة في "تليغرام" أن "أفضل أصدقاء أوكرانيا يغادر. النصر" في خطر! ذهب أول واحد. نحن في انتظار الأخبار من ألمانيا وبولندا ودول البلطيق".
وسخر جونسون مرارا من تصرفات الرئيس الروسي فلاديمير بوتن، حيث اعتبر في مقابلة مع شبكة "زي دي أف" الألمانية، أن سيد الكرملين "شن حربا ذكورية مقيتة ووحشية على أوكرانيا"، كما رأى أن بوتن ما كان ليبدأ القتال لو كان امرأة، كذلك وصف العملية العسكرية الروسية على الأراضي الأوكرانية بـ"المثال الفاقع على الذكورية السامة".