تعالت أصوات داخل الاتحاد الأوروبي للمطالبة بإحداث تغييرات داخل المنظومة لضم دول جديدة، خاصة مع طرح مسألة ضم أوكرانيا ومولدوفا وجورجيا للاتحاد، خلال القمة الأوروبية المقررة 23 و24 يونيو الجاري.
وقال المستشار الألماني أولاف شولتز، إنه ليس فقط على الدول المرشحة للانضمام للاتحاد أن تستعد، فيجب أيضا على الاتحاد أن يستعد لتوسيع دائرته، داعيا إلى إصلاحات داخل التكتل الأوروبي لتسهيل قبول الأعضاء الجدد.
وأشار في تصريحاته لوكالة الأنباء الألمانية، إلى أن الإصلاحات تتمثل في تحديث هيكل الاتحاد وعمليات صنع القرار فيه، مشددا على ضرورة الانتهاء من شرط الإجماع لتمرير أي قرار داخل التكتل.
وتوافق موقف شولتز مع تصريحات رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، وقالت إن الاتحاد يجب أن يكون قادرًا على الرد بشكل أسرع على التطورات الجيوسياسية، وينهي التصويت بالإجماع بشأن قرارات السياسة الخارجية.
وبالمثل نوه المفوض الأوروبي لشؤون العدل ديدييه رايندرز، إلى أن احتمال انضمام 10 أعضاء جدد إلى الاتحاد يتطلب إصلاحات جذرية للتكتل، وأن الكثير من دول الأعضاء لن تكون لديهم قدرة على العمل بذات الوضع لذا يلزم تغيير قواعد اتخاذ القرارات الرئيسية بداخل التكتل الأوروبي.
وقبل أكثر من شهر، تبنى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، وجهة نظر أن إصلاح وتوحيد القارة الأوروبية ينبعان من مراجعة معاهدات الاتحاد، مطالبًا بتأسيس مجموعة سياسية أوروبية لضم أوكرانيا تحديدًا بالتوازي مع آلية الانضمام للاتحاد التي قد تستغرق عقود.
حجر عثرة
داخل أرجاء الاتحاد دارت مناقشات حول تخفيف مبدأ "الإجماع" بعد توصية المفوضية الأوروبية بضرورة منح أوكرانيا صفة مرشح للعضوية بالاتحاد، وهو ما يجعل التكتل الأوروبي في أزمة للحصول على إجماع بشأن إصلاح هذا البند من الأساس.
ورغم ظروف الحرب التي تعيشها أوكرانيا فإن معاهدات الاتحاد وإجراءاته بشأن ضمها تتطلب مدة طويلة حتى في حال موافقة الدول الأعضاء البالغ عددهم 27 دولة، خاصة أن عملية ضم بلغاريا وكرواتيا ورومانيا آخر دول انضمت للاتحاد تراوحت ما بين 10- 12 سنة.
كما تظل ملفات ضم ألبانيا والجبل الأسود ومقدونيا الشمالية وصربيا إضافة إلى جورجيا ومولدوفا معلقة حتى اليوم.
سبب الإصلاحات
ويرى المحلل السياسي مصطفى الطوسة أن الإصلاحات التي تقترحها ألمانيا وفرنسا لتحديث آليات عملية منظومة الاتحاد الأوروبي تتعلق بالتخلي عن قاعدة "الإجماع" التي يجب التصويت بموجبها لتحقيق أي تقدم في المنظومة الأوروبية، لذا يراها الكثيرون أنها تشل حركة الاتحاد في المضي قدمًا في التطور لمواكبة التغييرات التي يشهدها العالم.
ويوضح الطوسة، في حديثه لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن المطالبة بتغيير هذه القاعدة ليست وليدة اللحظة، لكن بسبب الأزمة الأوكرانية-الروسية وإلحاح أوكرانيا المستمر للدخول إلى التكتل الأوروبي عاد الحديث مرة أخرى عنها، خاصة أنه بالرغم من التصريحات المتفائلة التي صدرت عن قيادات دول الاتحاد ليس هناك إجماع داخل العائلة الأوروبية لقبول أوكرانيا داخل المنظومة.
كما أن هناك دولًا ضمن الدول المؤيدة للتصويت لمنح أوكرانيا وضع مرشح، تفرض شروطًا تعجيزية على كييف ما يطيل من مدة ضمها للاتحاد بشكل رسمي، بحسب تصريحات الطوسة.
ويتطلب ضم أي دول للتكتل الأوروبي، تنفيذ إصلاحات سياسية وقانونية لتحديث إدارة الحكومة ومحاربة الفساد وحماية الحريات وحقوق الإنسان، وقد تستغرق سنوات لمصادقة البرلمان الأوروبي وبرلمان الدول الأعضاء.
قرار حاسم
رغم رفض بعض دول الاتحاد من بينها هولندا والدنمارك لفكرة التحاق أوكرانيا بالتكتل، فإن كييف حصلت مؤخرًا على تأييد ألماني فرنسي إيطالي روماني عقب الزيارة الأخيرة لقادة الدول الأربعة لها، الأمر الذي اعتبره الرئيس الأوكراني فولديمير زيلينسكي دعم مؤثر يقرب بلاده من الاتحاد من أي وقت منذ استقلالها.
لذا يجد الطوسة أن دول الاتحاد الآن في وضعية سياسية تلزمها بإرسال رسائل طمأنة للأوكرانيين والحكومة الأوكرانية من ناحية، ورسائل حازمة من ناحية أخرى لروسيا بتحديد موقف واضح المعالم ضد الأزمة الراهنة التي اقتربت من شهرها الخامس.
ويشير إلى أن العقبات الحالية بشأن ضم أي دولة للكيان الأوروبي يجب حلها عبر تغيير قواعده السياسية، خاصة أن مقترح الرئيس الفرنسي ماكرون بشأن إنشاء منظومة أوروبية سياسية جديدة لضم أوكرانيا أو أي دولة أخرى لتفادي مبدأ التصويت بالإجماع، قوبل بالرفض من زيلينسكي واعتبره غير لائق برهانات المرحلة.
ليطرح الطوسة تساؤلًا حول قدرة دول الاتحاد على تنفيذ هذه التغييرات في القمة الأوروبية في بروكسل، لا سيما أن هذه القواعد تمنع الاتحاد من اتخاذ قرارات تاريخية على نفس مستوى التحديات السياسية والعسكرية التي تواجه القارة الأوروبية حاليًّا.