مع أول حزمة من العقوبات الغربية ضد موسكو، كانت هناك توقعات بانهيار كبير للاقتصاد الروسي إلا أنها ظلت صامدة بعد نحو 4 أشهر من الحرب في أوكرانيا، ما أرجعه محللون لـ"استعدادات روسية ضخمة منذ 2014".
وأكد المحللون أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتن عمل، منذ ضم شبه جزيرة القرم، على "تشكيل الاقتصاد الروسي ليصبح حصنا لمواجهة الصدمات الخارجية عبر خامس أكبر احتياطي نقدي واحتياطيات كبيرة من الذهب، وكذلك السيطرة على الإنفاق الحكومي والرهان على التأثير العكسي للعقوبات ودعم الحلفاء".
وفقا لمعهد بنك فنلندا للاقتصاد الناشئ فإن روسيا قبل بداية الحرب كانت تملك خامس أكبر حزمة من العملات الأجنبية والذهب في العالم تبلغ قيمتها نحو 630 مليار دولار، بزيادة قدرها 75% منذ 2015، لافتا إلى أن "هذا المخزون يمكن أن يغطي الميزانية العمومية للحكومة ويدعم الروبل".
وبحسب موقع "بيزنس إنسايدر" الأميركي فإن "روسيا كانت تبتعد عن رأس المال الأجنبي من خلال سداد الديون بقوة على مدى السنوات الثماني الماضية".
ولفت إلى أن "ديون روسيا الخارجية منخفضة جدا، أما بالنسبة للدين الوطني الإجمالي لروسيا، فهو لا يتجاوز 17% من الناتج المحلي الإجمالي وهو أقل بكثير منه في العديد من البلدان المتقدمة"، معتبرا أن "أكبر مشكلة تواجهها روسيا الآن هي سداد ديونها الخارجية بسبب القيود الناجمة عن العقوبات".
وفرضت الدول الغربية على روسيا 6 حزم من العقوبات، فصلت موسكو بشكل كبير عن الاقتصاد العالمي كان آخرها إعلان الاتحاد الأوروبي في نهاية مايو الماضي، حظر نحو 90% من واردات النفط الروسية بنهاية 2022.
وتمضي العملة الروسية، الروبل، عكس ما كان متوقعا، في تسجيل المكاسب أمام العملتين الأميركية والأوروبية، أي الدولار واليورو، رغم العقوبات الغربية، حيث ارتفع يوم الإثنين الماضي مسجلا أعلى مستوى له منذ يوليو 2015.
5 محاور رئيسية
المحلل الاقتصادي الإيطالي، جورج آدموند، قال إن روسيا كانت تعلم أن هناك عقوبات مرتقبة حال إقدامها على أي عمل عسكري في أوكرانيا كما حدث سابقا في جورجيا 2008 والقرم عام 2014 ولذلك استعدت جيدا عبر محاور عديدة بينها "احتياطات كبيرة وإبقاء الإنفاق الحكومي تحت السيطرة والرهان على التأثير العكسي للعقوبات ودعم الحلفاء".
وأضاف آدموند، لـ"سكاي نيوز عربيى"، أن العقوبات دائما ما تكون لها ثغرات وهو ما حدث في 2014 فإذا نظرنا لتأثير العقوبات آنذاك فنجد أنها لم يكن لها تداعيات تذكر على موسكو، وهو الأمر نفسه حاليا.
ونظرا للتشابكات العالمية لن تكون العقوبات مكتملة بل ستبقي هناك سبل تستطيع عبرها روسيا المقاومة كصادرات الطاقة والحبوب، التي تعد ركنا رئيسا تعتمد عليه البلاد في ميزانيتها ومع تضاعف أسعارها فإنها تستطيع سد أي عجز في ركن آخر تأثر العقوبات.
وأوضح أن أوجه الهشاشة القائمة في الهيكل الاقتصادي والمالي للعالم تعني أن هذه العقوبات يمكن أن تسبب تداعيات سياسية ومادية خطيرة على الاقتصاد العالمي ككل وليس روسيا وحدها، فالآثار غير المباشرة تسببت بالفعل في اضطرابات في أسواق السلع الأساسية الدولية، وارتفاع أسعار النفط الخام والغاز الطبيعي.
وأشار إلى أنه إذا استمرت الحرب الاقتصادية بين الغرب وروسيا حتى عام 2022 بهذه الشدة، فمن المحتمل جدا أن ينزلق العالم إلى ركود ناجم عن العقوبات.
وأكد على أن إلحاق أضرار مادية على نطاق موجه ضد روسيا ببساطة لا يمكن متابعته من دون تحول في صنع السياسات الدولية يوسع نطاق الدعم الاقتصادي للمتضررين من العقوبات، وحتى مع تدابير الإنقاذ، قد يكون الضرر الاقتصادي خطيرا، وسوف تظل مخاطر التصعيد الاستراتيجي مرتفعة.
وتتوقع وزارة الاقتصاد الروسية أن ينكمش الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 8.8% خلال العام الجاري، نتيجة للعقوبات الغربية، لكنها تتوقع أن يعود إلى النمو بنسبة 1.3% في العام المقبل، و4.6% في عام 2024، و2.8% في عام 2025.