يدلي الفرنسيون يوم الأحد، بأصواتهم في المرحلة الأولى للانتخابات التشريعية في اقتراع تواجه فيه غالبية الرئيس إيمانويل ماكرون ضغوطًا متزايدة، وسط مساع من المعارضة لحكومة مساكنة سياسية تشاكس الرئيس الذي أظهرت استطلاعات الرأي تراجعًا لائتلافه.
ويبرز تحدي ائتلاف يساري أمام ماكرون المنتشي بفوزه في الانتخابات الرئيسية الأخيرة، وكذلك حصوله على غالبية أصوات الفرنسيين بالخارج في المرحلة الأولى، بينما الاقتراع مهدد بنسبة امتناع كبيرة في صفوف الفرنسيين.
وعلى الفرنسيين تجديد جميع مقاعد الجمعية الوطنية، أي 577 نائبًا في هذه الانتخابات التي تتم على دورتين، اليوم الأحد وفي 19 يونيو، ولتشكيل حكومة أغلبية، يحتاج الحزب الفائز إلى تأمين 289 مقعدًا.
وكما في عام 2017، صوّتالناخبون الفرنسيون الذين يعيشون في الخارج بشكل كبير لمرشحي تيار الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، وجاء في المرتبة الثانية مباشرة مرشحو تحالف اليسار "الاتحاد الشعبي والإيكولوجي والاجتماعي الجديد" لجان لوك ميلانشون في أغلبية الدوائر الانتخابية.
ويأمل ماكرون في تجديد غالبيته المطلقة التي من شأنها أن تترك له مطلق الحرية لبدء سلسلة إصلاحات خلال ولايته الثانية من خمس سنوات، حيث كان يملك ائتلافه الوسطي أغلبية من 350 مقعدًا في البرلمان، فيما يواجه عقبات عديدة بينها تحالف غير مسبوق من الأحزاب اليسارية بقيادة ميلانشون.
عقبة تحالف اليسار
تعقيبًا على ذلك، يقول الأكاديمي والمحلل السياسي، آرثر ليديكبرك، إن نتائج انتخابات الخارج توضح أن التحدي الرئيسي سيأتي من تحالف "NUPES"، وهو ائتلاف يجمع بين الحزب الاشتراكي، وحزب الخضر، والشيوعيين، واليسار المتطرف، الذي جاء زعيمه جان لوك ميلينشون في المركز الثالث في الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية.
وأشار ليديكبرك لـ"سكاي نيوز عربية" إلى أن "استطلاعات الرأي أيضًا تظهر أن التحالف سيحصل على ما يصل إلى 27٪ من الأصوات. من غير المحتمل أن يترجم هذا الأداء القوي إلى أغلبية في البرلمان، يتركز دعم اليسار المتطرف في بعض الدوائر الانتخابية، ومع ذلك هذه المؤشرات تجعلها أكبر قوة معارضة، متقدمة على حزب التجمع الوطني اليميني المتطرف بقيادة مارين لوبان (21٪).
وفيما يختص بالحكومة الجديدة، يوضح ليديكبرك أن "ميلانشون سعى إلى الاستفادة من الإحباط المنتشر من ماكرون، وطلب من الناخبين الفرنسيين انتخابه رئيسًا للوزراء فيما أطلق عليه الجولة الثالثة من الانتخابات الرئاسية، وعلى الرغم من أن السيناريو غير مرجح إلى حد كبير، فإن خطته ستكون إجبار ماكرون على حكومة "التعايش"، وهو شكل يكون فيه الرئيس ورئيس الوزراء من أحزاب مختلفة. مع أو بدون منصب رئيس الوزراء، لن يخجل ميلانشون من إثارة احتجاجات الشوارع وإيجاد طرق لعرقلة أجندة ماكرون السياسية".
حراك انتخابي لماكرون
وبعدما اتهمته المعارضة بالجمود منذ إعادة انتخابه في 24 أبريل، قام ماكرون بزيارتين الثلاثاء والخميس وبمقابلة مع الصحافة المحلية، ليدعو الفرنسيين إلى اختيار "غالبية مستقرّة وجدّية".
وقال ماكرون إنه يريد أن يجمع بعد دورتيْ الانتخابات التشريعية في 12 و19 يونيو، القوى السياسية والاقتصادية والاجتماعية والنقابية في البلاد ومواطنين يتمّ اختيارهم بالقرعة، للبحث في إطلاق إصلاحات متعلّقة بالقدرة الشرائية والبيئة والمؤسسات العامة والتقاعد.
ودعا الفرنسيين إلى إعطائه "أغلبية واضحة" في الجمعية الوطنية، ملوحًا بخطر التشدد من جانب اليسار الراديكالي واليمين المتطرف الذي يشكل "اضطرابات" لفرنسا.
استطلاعات الرأي
أشارت استطلاعات للرأي نشرت نتائجها في الفترة الأخيرة، إلى تراجع في التأييد لائتلاف ماكرون، وأظهرت أنه سيتصدر فعلًا نتائج الانتخابات التشريعية، لكن بدون أن يضمن الاحتفاظ بالغالبية المطلقة في الجمعية الوطنية المقبلة التي تضم 289 مقعدًا.
وأظهر تحقيق أجراه معهد "إيفوب" أن ائتلاف ماكرون سيحصل على 275 مقعدًا إلى 310 مقاعد في مقابل 170 إلى 205 للائتلاف الجديد بقيادة ميلانشون أمام المعارضة اليمينية (الجمهوريون) وحزب مارين لوبن التجمع الوطني، وأكد معسكر الغالبية الرئاسية، أنه يتم التعامل "بجدية" مع صعود الائتلاف اليساري.
إلا أن استطلاعًا للرأي أجراه معهد BVA ونشرت نتائجه الجمعة أظهر أن 38% من الفرنسيين فقط قالوا إنهم تابعوا بانتظام الحملة الانتخابية، وتثير هذه الأجواء مخاوف من تسجيل نسبة امتناع عالية. فمن المرجح أن تسجل الدورة الأولى رقمًا قياسيًّا جديدًا لجهة المقاطعة بنسبة تراوح بين 52% و56% (مقابل 51,3% في 2017)، وفقًا لمعهد إيبسوس سوبرا ستيريا.
وعبّر الفرنسيون في استطلاعات الرأي الأخيرة عن قلقهم حيال تباطؤ العجلة الاقتصادية وارتفاع أسعار السلع الغذائية وموارد الطاقة بسبب العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا.