بعد أيام من جولة آسيوية للرئيس الأميركي، جو بايدن، دشن خلالها تحالفا وشراكة اقتصادية جديدة في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، تضم 13 دولة من دون الصين، جاءت جولة وزير الخارجية الصيني إلى 8 دول في المنطقة وسط أنباء عن إبرام اتفاق أمني اقتصادي واسع.
وخلال زيارته قال بايدن: "ستطلق الولايات المتحدة واليابان معا مع 11 دولة أخرى الإطار الاقتصادي لمنطقة المحيطين الهندي والهادئ (فويب). إنه التزام بالعمل مع أصدقائنا المقربين وشركائنا في المنطقة على التحديات الأكثر أهمية لضمان القدرة التنافسية الاقتصادية في القرن الحادي والعشرين".
ووفق محللين، فإن المبادرة الأميركية تهدف بوضوح إلى تقديم بديل في منطقة آسيا والمحيط الهادي للصين، القوة الاقتصادية الثانية في العالم ذات النفوذ المتزايد في المنطقة.
وتشعر بكين بأنها مستبعدة عمدا، وسبق أن أعلنت ذلك بالفعل، حيث قال وزير الخارجية الصيني إن الولايات المتحدة تعمل على "تشكيل تكتلات صغيرة باسم الحرية والانفتاح"، مشيرا إلى أن "هدفها هو احتواء الصين ومصيرها الفشل".
والجمعة، كشفت صحيفة "الغارديان" البريطانية النقاب عن وثيقة لمسودة تظهر سعي الصين لمزيد من التعاون مع دول المحيط الهادئ من حلفائها، لافتة إلى أن بكين تسعى إلى إبرام اتفاق أمني اقتصادي إقليمي شامل مع دول المحيط الهادئ من شأنه توسيع نفوذها بشكل كبير في هذه المنطقة.
وتغطي مسودة الاتفاقية مجموعة كبيرة من المجالات، بما في ذلك التجارة والتمويل والاستثمار والسياحة والصحة العامة والدعم الصحي في مواجهة "كوفيد-19"، فضلا عن التبادل الثقافي ودمج اللغة الصينية والتدريب والمنح الدراسية وكذلك الوقاية من الكوارث والإغاثة.
ووفق الصحيفة البريطانية، سيشهد الوضع الإقليمي الجديد بعد توقيع الاتفاق توسعا كبيرا في مشاركة الصين مع الأجهزة الأمنية في المنطقة، حيث يقترح مشروع الاتفاق "توسيع التعاون في مجال إنفاذ القانون، ومكافحة الجريمة العابرة للحدود بشكل مشترك، وإنشاء آلية حوار حول قدرة إنفاذ القانون والتعاون الشرطي".
ووسط صراع نفوذ، نسجت الولايات المتحدة على مدار الشهور الماضية، عدة تحالفات وأنعشت أخرى كانت في طي النسيان (أوكوس - كواد - فويب)، في محاولة لتحجيم الصعود الصيني، حيث تضع واشنطن مواجهة بكين في قلب سياستها للأمن القومي، وتصف المنافسة معها بأنها "أكبر اختبار جيوسياسي".
محاولات لكسر الحصار
وتعقيبا على ذلك، قال الخبير في الشؤون الدولية والاستراتيجية أنس القصاص، إن الصين تسعى إلى فك الحصار الأميركي عليها في الباسيفيك عبر الانطلاق من خلف خط الحصار عبر استراتيجية "حصار الحصار" ممتدة منذ نحو عقد من الزمان.
وأضاف القصاص، لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن "والولايات المتحدة تفرض حصارا على الصين من الشمال، بداية من يوكوسوكا اليابانية والميناء البحري للأسطول السابع الأميركي، وجنوبا هناك كوريا الجنوبية وتايوان والفلبين التي يوجد بها أكبر قاعدة للقوات البرية في الباسيفيك، وغوام التي توجد بها القوات الاستراتيجية الأميركية مرورا بدارون شمال أستراليا".
وأوضح أن كل هذه المناطق تمثل قوسا أمنيا لحصار الصين، وبكين تبني خطتها حاليا عبر فكرة كسر الحصار المفروض عليها، وهو سعي مستمر من أكثر من 10 أعوام عبر اتفاقيات أمنية صينية مع الفلبين ومشاورات مع ماليزيا، ومؤخرا اتفاقية أمنية مع جزر سليمان.
وأشار إلى أن "الجدل المصاحب لزيارة وزير الخارجية الصيني للمنطقة طبيعي، كونها (المنطقة) تمثل قواعد محتملة، وهناك قاعدة هاواي التي تعد مركز الانتشار الأميركي في المحيط الهادئ"، مؤكدا أن "أي محاولة صينية لتغيير استراتيجية المنطقة على عجلٍ ستدفع نحو صراعات كبيرة في المنطقة، وبكين تعلم ذلك، ولهذا تعمل على خطتها بشكل تدريجي".
واعتبر أن تحالف "فويب" الأميركي الذي يؤكّد على أن منطقة المحيطين الهندي والهادئ حرة ومفتوحة، معلن عنه منذ 4 سنوات، لكن لم يكن له أي نشاط بارز، وسعى بايدن إلى إحيائه خلال جولته الآسيوية بعد خطوة بكين في جزر سليمان.
ولفت إلى أن "أميركا لديها القدرة على امتصاص الصدمات والالتفاف وراء المحاولات الصينية"، مؤكدا أن "طبيعة المكان حساسة واستراتيجية لكونها أرخبيل جزر ممتدا حتى تيمور الشرقية، ولو تمكنوا من السيطرة عليها، ونجحوا في اتفاقيات أخرى مع بلاد أخرى سيكون هناك ضرر أميركي".
وأكد على أن "الولايات المتحدة لها وضع كبير في المنطقة عبر علاقات مع الدول وجيش قوامه أكثر من 200 ألف جندي وغواصات نووية وغيره تفوق الصين، في المقابل تتجه بكين إلى جزر ضعيفة مثل جزر الأوكيانوس وفيجي لا يعول عليها، لكن هي محاولات لكسب أرض وغرس قواعد عسكرية، لكن كسر التحالف الأميركي شبه مستحيل رغم المحاولات الصينية".