يثير طلب فنلندا والسويد الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو)، جدلًا بشأن تداعياته على مسار الحرب في أوكرانيا التي تقترب من دخول شهرها الرابع، تزامنًا مع تحذيرات روسية إزاء تلك الخطوة.
ودفعت العملية العسكرية التي شنتها روسيا في أوكرانيا، إلى تغيير تاريخي في موقف فنلندا والسويد بشأن الانضمام لحلف "الناتو"، بعدما بقيتا على الحياد خلال الحرب الباردة، في مقابل تأكيدات من موسكو بأن القوات السوفيتية لن تغزو أراضيهما.
وفي تجديد لرفضها انضمام هلسنكي وستوكهولم إلى الحلف العسكري، اعتبرت موسكو أن تلك الخطوة ستدفع بالمناطق الشمالية في أوروبا إلى أتون الحرب.
وأعرب نيكولاي كورشونوف، السفير بوزارة الخارجية الروسية، رئيس لجنة كبار المسؤولين في مجلس القطب الشمالي، عن قلق بلاده من تحول منطقة القطب الشمالي إلى ما وصفه بساحة حرب دولية، قائلًا إن "المنطقة تتحول إلى مسرح دولي للعمليات العسكرية وهذا اتجاه مقلق للغاية".
إشارات غاضبة
من جانبه، يعتقد مدير الاستراتيجيات والتسليح بالمعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية ومقره لندن، والمسؤول السابق في حلف شمال الأطلسي، وليام ألبيركي، أنَّ انضمام فنلندا والسويد للناتو لن يكون له تأثير كبير أو تبعات مباشرة على الحرب في أوكرانيا.
وقال ألبيركي في تصريحات لـ"سكاي نيوز عربية"، إن "السؤال المثير للاهتمام هو تأثير الحرب في أوكرانيا بشأن رد الفعل الروسي على التوسع، فمن المحتمل ألا يكون لدى روسيا الكثير من الصواريخ لإرسالها إلى منطقة الصراع، ولهذا السبب رأينا نظام الصواريخ المضاد للسفن "باستيون" في الصحافة الروسية، رغم أنه ليس شيئًا يحتاجون إليه في الحرب على أوكرانيا".
وأوضح المسؤول السابق في حلف الناتو، أنه "لن يكون لدى روسيا القوات الكافية لإرسالها إلى الحدود الفنلندية، أو للقيام بتدريبات تهديد أو إرسال الكثير من الطائرات بالقرب من المجال الجوي الفنلندي والسويدي، وهو ما تفعله عادة روسيا لإرسال إشارات غاضبة".
ومطلع هذا الشهر، أعلنت وزارة الدفاع الفنلندية أن طائرة هليكوبتر تابعة للجيش الروسي انتهكت المجال الجوي الفنلندي، وصرح متحدث أن الطائرة كانت من طراز "مي-17" وتراوح عمق توغلها "بين 4 و5 كيلو مترات".
ومع ذلك، أشار "ألبيركي" إلى أن خطوة فنلندا والسويد سوف تسبب بعض القلق لفترة، لكن في النهاية ستقلل من فرص الحرب.
رسائل نفسية
بدورها، أشارت الخبيرة الأميركية المختصة في الشؤون الاستراتيجية والقضايا الجيوسياسية، إيرينا تسوكرمان، إلى أنه رغم أن توسّع الناتو ودخول فنلندا والسويد لن يكون له تأثير مباشر في أوكرانيا؛ إذ أن الناتو لم يفعل شيئًا للحرب من البداية، ولكنه بشكل غير مباشر سيوسع قدراته ويحسن مستوى تعاون كل بلد مع أوكرانيا، عبر تبادل المعلومات الاستخبارية، والتعاون اللوجستي.
وأضافت توسكرمان في تصريحات لـ"سكاي نيوز عربية"، أن انضمام هلسنكي وستوكهولم للناتو، سيرسل رسائل نفسية إلى الكرملين وكذلك إلى الجيش الروسي، ويُنظر إليها على أنها ترفع الروح المعنوية للقوات الأوكرانية، كما أنه سيجعل من الصعب على الرئيس الروسي فلاديمير بوتن الإفلات من التهديدات الإضافية بالتصعيد عبر الحدود أو وضع أسلحة أو صواريخ نووية تكتيكية بالقرب من الحدود الأوروبية.
وأكدت أن هذا بدوره سيجعل من السهل على الحكومات الغربية تقديم مساعدة عسكرية إضافية لأوكرانيا دون خوف من الانتقام.
وأوضحت الخبيرة الأميركية أن توسع الناتو يجعل الأمر أكثر صعوبة على النظام الروسي لتوسيع المجهود الحربي خارج حدود أوكرانيا مع تكريس المزيد من الدول للدفاع المشترك في حالة وقوع هجوم.
وتنص المادة الخامسة من معاهدة واشنطن الخاصة بعضوية الناتو على أن أي اعتداء على دولة عضو في التحالف هو هجوم على كل الأعضاء.