رغم الدعوات والمناشدات المتكررة من قبل كييف، للاتحاد الأوروبي القبول بضم أوكرانيا له، ولا سيما بعد اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية منذ نحو 4 أشهر، لكن الرياح الأوروبية تجري كما يبدو بما لا تشتهي السفن الأوكرانية كما يرى المراقبون في هذا الصدد.
ففي أحدث المواقف الأوروبية المتحفظة على الانضمام السريع لأوكرانيا للاتحاد الأوروبي، قال الوزير الفرنسي المنتدب للشؤون الأوروبية، كليمان بون، الأحد، أن انضمام أوكرانيا إلى الاتحاد الأوروبي "سيستغرق على الأرجح 15 أو 20 عاما"، مقترحا أن تنخرط كييف في الأثناء في المنظمة السياسية الأوروبية التي اقترح الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، إنشاءها.
وأضاف المسؤول الفرنسي: "لا أريد أن نبيع الأوكرانيين أوهاما وأكاذيب، إذا قلنا للأوكرانيين أهلا بكم في الاتحاد الأوروبي، لكن لم تقرأوا في الحاشية السفلية من العقد أنه مكتوب أهلا بكم بعد 15 عاما، أعتقد أننا نحضّر خيبات أمل لجيل كامل من الشعب الأوكراني".
ويرى مراقبون وخبراء، أن التكتل الأوروبي ليس أبدا في وارد استفزاز "الدب الروسي" عبر الإقدام على خطوة كبيرة بحجم قبول طلب العضوية الأوكرانية في الاتحاد الأوروبي، والذي من شأنه وفقهم تحويل الحرب الدائرة الآن لحرب روسية مع المنظومة الأوروبية ككل.
منوهين إلى أن الأوروبيين لم يقدموا أية وعود قاطعة ولا ملموسة لكييف بقبول عضويتها سريعا، لا قبل هذه الأزمة ولا بعدها، وأن الجانب الأوكراني يحاول على وقع الحرب والتعاطف الأوروبي معه، ممارسة ضغوط على العواصم الأوروبية للقبول بضم أوكرانيا لتكتلها.
وتعليقا على ذلك، يقول عامر السبايلة، الخبير الاستراتيجي، والزميل غير المقيم في ستيمسون الأميركي للأبحاث، في لقاء مع سكاي نيوز عربية: "انضمام أوكرانيا للاتحاد الأوروبي هي مسألة شائكة ومعقدة جدا حتى قبل اندلاع الحرب الحالية بينها وبين روسيا، وهي بعد هذه الأزمة العالمية الحادة تعقدت أكثر حيث لا يمكن لأوروبا المجازفة بهكذا خطوة، ووضع نفسها في مواجهة مباشرة مع روسيا هي بغنى عنها".
مضيفا: "حيث أن أسلوب المواجهة الحالية في الساحة الأوكرانية، هو أسلوب قائم على الحرب بالوكالة، وبالتالي فأي خطوة كهذه ستفسر بهذا الاتجاه من قبل روسيا وستجر الاتحاد الأوروبي مباشرة للمعترك الأوكراني، خاصة وأنه يتم الآن الحديث عن إعادة اللحمة الأوروبية والتوافق داخل بيت الاتحاد الأوروبي، وتاليا فإن مختلف المسائل والملفات المثيرة للخلافات والانقسامات يتم طيها وتأجيلها وعدم البت فيها".
من جهته، يقول ماهر الحمداني، الباحث والخبير في الشؤون الأوروبية: "وفق كافة المعطيات والحقائق الجيوسياسية والاستراتيجية والأمنية ليس بمقدور كييف دخول الاتحاد الأوروبي، فالحرب الضروس التي أدخلت العالم كله في خضم أزمة دولية حادة، قامت بها موسكو من الأساس لوقف زحف حلف الناتو شرقا نحو الحدود الروسية، ووقف تمدد النفوذ الغربي عبر البوابة الأوكرانية، ولهذا فضم كييف للاتحاد الأوروبي، لا يقل خطورة وحساسية بالنسبة للروس عن ضمها للحلف الأطلسي".
ويضيف الحمداني: "ليس فقط الروس بل والأوروبيون كذلك يعون مدى حساسية هذا الملف، كصاعق تفجيري لا بد من التعامل معه بحكمة وعدم اثارته بطريقة مستفزة، ومن هذا الإطار تحديدا يمكن فهم مغزى وخلفيات الموقف الفرنسي هذا الذي يؤكد على أن الانضمام الأوكراني للاتحاد الأوروبي قد يستغرق أقله 20 عاما، وهو موقف صريح وموضوعي تتفق عليه مع باريس كبريات العواصم الأوروبية كبرلين وروما".
هذا وقد استنكر وزير الخارجية الأوكراني دميترو كوليبا، الخميس، "معاملة من الدرجة الثانية" من "عواصم معينة" بشأن ترشّح أوكرانيا للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي.
وكان المستشار الألماني، أولاف شولتز، صرح في وقت سابق بأنه لا يؤيد منح أوكرانيا "طريقا مختصرا" لعضوية الاتحاد الأوروبي.
أما الرئيس الفرنسي، ماكرون فقد قدّر في خطاب بمناسبة يوم أوروبا في 9 مايو أن مسار انضمام أوكرانيا إلى الاتحاد الأوروبي "سيستغرق عدة سنوات، في الواقع عدة عقود".