تشهد الولايات المتحدة حالة من الانقسام وعدم الرضا حول سياسات ساكني البيت الأبيض، ترجمتها استطلاعات الرأي التي فتحت الباب على مصراعيه لأن يسكنه وافد جديد بعيدا عن الحزبين المتناحرين الديمقراطي والجمهوري، مما اعتبر محللون أنه "يعكس إحباطا يعيشه الأميركيون يهدد استقرار البلاد".
وكشف استطلاع جديد لشركة "هاريس" لاستطلاعات الرأي، أن 58 بالمئة من الناخبين "منفتحون على وجود شخصية معتدلة من خارج الحزبين في انتخابات 2024"، وهو ما أرجعته صحيفة "تايمز" إلى "انعكاسات الأوضاع على الأنصار التقليديين للحزبين الديمقراطي والجمهوري على حد سواء".
وشمل الاستطلاع أسئلة، من بينها: "هل تفكرون في مرشح مستقل معتدل للرئاسة إذا كانت المواجهة عام 2024 بين دونالد ترامب وجو بايدن؟". وتضمنت نسبة الـ58 بالمئة من الناخبين، 60 بالمئة من الديمقراطيين، و47 بالمئة من الجمهوريين، و71 بالمئة من الناخبين المستقلين.
وكان الشعور أقوى بين شباب الناخبين، حيث أجاب 66 بالمئة ممن تراوحت أعمارهم ما بين 18 و49 عاما، بالإيجاب حول الطرح.
تباين واسع
وتعقيبا على ذلك، قال المحلل المتخصص في الشؤون السياسية والاستراتيجية، ليون رادسيوسيني، إن "الولايات المتحدة تشهد حالة واسعة من التباين، ساعدت في اتساع هوتها فترة الرئيس السابق دونالد ترامب، التي أسهمت في تنامي الاستقطاب بالبلاد".
وأضاف رادسيوسيني، في تصريحات لموقع "سكاي نيوز عربية": "هناك مبالغة في العالم فيما يتعلق بالولايات المتحدة كنموذج للديمقراطية، وما حدث من اقتحامات للكابيتول أصبح يقلق الأميركيين من فوز أي من الحزبين، بأن يقوم الآخر بنفس ما حدث سابقا، مما قد يجر البلاد إلى إمكانية الانقسام".
وأشار إلى أنه "في حال ظهور مرشح قوي مستقل أو من أي من الحزبين وانشق عنهما وبات شبه مستقل، فسيفوز".
واستطرد: "الأميركيون سئموا من ساكني البيت الأبيض وأصبحوا يريدون التغيير وعدم الانحصار ما بين الزرق والحمر"، في إشارة إلى اللونين اللذين يرمزان للحزبين الديمقراطي والجمهوري.
ووفق صحيفة "تايمز"، فإن "آخر مرشح ترك مثل هذا الانطباع الكبير في سباق رئاسي هو روس بيرو، رجل الأعمال الملياردير الذي حصل على 18.9 بالمئة من الأصوات عام 1992، وهي أكبر نسبة بعدما حل تيودور روزفلت بالمرتبة الثانية عام 1912 عقب رحيله عن الحزب الجمهوري".
وتابعت: "لم يظهر حتى الآن أي مرشح بديل لانتخابات 2024، لكن هناك احتمالات مثيرة للاهتمام من جانبي الطيف السياسي، تتضمن رجل الأعمال أندرو يانغ، الذي شارك في الانتخابات التمهيدية عن الحزب الديمقراطي عام 2020، وأطلق حزب (إلى الأمام) العام الماضي، في حين قد تقرر محافظة مناهضة لترامب مثل ليز تشيني، معارضة الرئيس السابق إما داخل الحزب الجمهوري وإما خارجه".
وقال يانغ (47 عاما) إن حزبه "إلى الأمام"، "منفتح على كل من الديمقراطيين والجمهوريين، وهو في الأساس وسيلة ضغط لإصلاح سباق الانتخابات التمهيدية، حتى لا يدعموا مرشحين متشددين".
ويترك هذا احتمالا لإمكانية ترشحه للرئاسة، بالرغم من أنه في نظام عادة ما ينظر إلى المرشح الثالث على أنه يسحب الأصوات من جانب أو آخر، قد يتهم بتقسيم أصوات الديمقراطيين.
"أميركا على وشك الاشتعال"
وفي ذات السياق، نقلت مجلة "نيوزويك" الأميركية عن أستاذ القانون في جامعة كاليفورنيا، آدم وينكلر، أن هناك "حركة شراء أسلحة ضخمة في أميركا ومعظمها من الجمهوريين، مع الاعتقاد المتزايد بين العديد من الجمهوريين بأن الحكومة الفيدرالية هي طغيان غير شرعي يجب الإطاحة به بأية وسيلة ضرورية".
وأضاف وينكلر: "تثير هذه الصيغة القابلة للاشتعال خطر شن هجمات مسلحة واسعة النطاق في فترة قريبة من الانتخابات الرئاسية لعام 2024، وهي هجمات يمكن أن تجعل تمرد 6 يناير يبدو وكأنه حيلة بلا أسنان، بالمقارنة مع هذه الظاهرة المتزايدة".
ومطلع نوفمبر، كشف استطلاع رأي أجرته قناة "بي بي إس" الأميركية، أن "الديمقراطيين يشعرون بالقلق من أن قمع الناخبين والتدخل في الانتخابات من جانب مسؤولي الدولة الجمهوريين، حرما ملايين الأميركيين من آرائهم في مراكز الاقتراع، ويمثلان أكبر تهديد للانتخابات الأميركية".
فيما يزعم الجمهوريون أن "الديمقراطيين تلاعبوا بالفعل في فرز الأصوات، من خلال التزوير لسرقة الانتخابات الرئاسية"، وفق استطلاع لشبكة "سي إن إن" في أكتوبر الماضي، حيث كشف عن أن أكثر من 3 أرباع الجمهوريين يعتقدون أن فوز جو بايدن في انتخابات عام 2020 كان "مزورا".
وفي الانتخابات المقبلة، سيبلغ ترامب 78 عاما، بينما سيكون أمام بايدن أسبوعين على عيد ميلاده الـ82. وينظم ترامب حملة كما لو أنه سيترشح، بالرغم من عدم إعلانه عن ترشحه، فيما يؤكد بايدن أنه سيترشح مجددا.