تشهد العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا منذ بدايتها في فبراير الماضي، تطورات واسعة على محورين؛ الأول دبلوماسي وحديث مستمر عن هدنة وممرات إنسانية للإجلاء، فيما يتعلق المحور الآخر بالمواجهة العسكرية بين القوات الروسية ونظيرتها الأوكرانية.
ففي فجر اليوم الأربعاء، أعلن حاكم منطقة بيلغورود الروسية فياتشيسلاف غلادكوف، أن سلسلة انفجارات دوت في الساعات الأولى من الصباح في المدينة القريبة من الحدود مع أوكرانيا، وأن حريقًا اندلع في مستودع ذخيرة بالمنطقة.
واتهمت روسيا أوكرانيا هذا الشهر بمهاجمة مستودع وقود في بيلغورود بطائرات هليكوبتر، وإطلاق النار على عدة قرى في المنطقة.
أزمة تتصاعد ومواجهات تحتدم في ظل مطالب أوكرانية مستمرة على لسان رئيسها فولوديمير زيلينسكي، لأسلحة غربية متطورة حصلت عليها بالفعل، بينما تعزز روسيا ضرباتها، آخرها في مدينة ماريوبول وحصار مصنع آزوفستال للصناعات المعدنية واستهداف القطارات والسكك الحديدية الأوكرانية لتعطيل إمدادات الأسلحة، بينما خففت قواتها في محيط العاصمة كييف؛ وأصبح السؤال: إلى أين تسير العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا؟
محاصرة الدعم الغربي
"موسكو لم تقف مكتوفة الأيدي بعد نحو 3 أشهر من عمليتها العسكرية المستمرة في أوكرانيا، وهي ترصد إمدادات وذخائر أوروبية وأميركية تغذي الجيش الأوكراني والعناصر المقاتلة ضد الجيش الروسي"، هكذا أوضح الخبير الروسي العسكري، شاتيلوف مينيكايف.
يقول الخبير الروسي العسكري، في تصريحاته لـ"سكاي نيوز عربية": "بالنظر للتحركات الروسية خلال الأيام الأخيرة تؤكد أن هناك وتيرة استهدافات متتالية، حيث قصفت، مطلع الأسبوع الجاري، بصواريخ بالغة الدقة مخزنًا كبيرًا قرب أوديسا يحوي أسلحة تسلمتها كييف من واشنطن، واختارت لأهداف استراتيجية تعديل الخطط مؤخرًا وسحب القوات من مناطق شمال أوكرانيا، للتركيز على إقليم دونباس والسيطرة على ميناء ماريوبول الحيوي لربط منطقة دونباس الشرقية بشبه جزيرة القرم".
ونشرت روسيا، حسب ما أعلنت هيئة الأركان الأوكرانية، قاذفات صواريخ "إسكندر-إم" المتنقلة (نظام صاروخي باليستي متحرك مداه 500 كيلومتر) على بعد 60 كيلومترا من حدود أوكرانيا.
وتعتبر روسيا توريد حلف الناتو الأسلحة لكييف حربًا بالوكالة، لذا تستهدف القطارات بالصواريخ التي تعد شريان نقل الأسلحة إلى جيش أوكرانيا.
وحسب تصريحات لوزير الخارجية سيرغي لافروف، فإن القوات الروسية ستعتبر مخازن الأسلحة والإمدادات الغربية أهدافًا مشروعة لها، وكلها تطورات عسكرية تصب في طريق استمرار الحرب وسط حديث مستمر عن هدنة قريبة وممرات آمنة للمدنيين.
في السياق، يقول الخبير الروسي العسكري شاتيلوف مينيكايف، إن أوكرانيا حاولت استغلال الأزمة للضغط على الاتحاد الأوروبي للانضمام إليه، وتحاول جاهدة استغلال المساعدات الغربية من بعض الدول وكسب الوقت، لعل الأزمة تنفرج والاستفادة من الوعود الأميركية لمساعدتها في أزمتها.
وفي الأول من أبريل الجاري، تعرضت منشأة تخزين وقود في بيلغورود لهجوم شنته مروحيات عسكرية أوكرانية، كان هو الأول من نوعه لقوات حكومة كييف داخل الأراضي الروسية. وقال حاكم منطقة بيلغورود حينها إن طائرتي هليكوبتر حربيتين أوكرانيتين قصفتا منشأة لتخزين الوقود في مدينة بيلغورود الروسية بعدما عبرتا الحدود على ارتفاع منخفض.
تحركات دبلوماسية
وعلى وقع العملية العسكرية، تقود الأمم المتحدة جهودا جديدة على الأرض من أجل التوصل لحلول دبلوماسية وفتح ممرات إنسانية، آخرها لقاء الأمين العام أنطونيو غوتيرش بالرئيس الروسي فلاديمير بوتن، والتحرك للقاء الرئيس الأوكراني في كييف غدا الخميس.
على الجانب الآخر، برز الدور الأميركي من خلال زيارة وزيري الخارجية والدفاع أنتوني بلينكن ولويد أوستن إلى كييف، ولقاء الرئيس زيلينسكي لأكثر من 3 ساعات للتأكيد على دعم الولايات المتحدة لأوكرانيا في الحرب، واختيار السفيرة لدى سلوفاكيا بريدجيت برينك في منصب سفيرة للولايات المتحدة لدى أوكرانيا (المنصب الشاغر لعامين).
وهنا يقول الباحث في الشؤون الدولية عبد الله المختار، إنه من المتوقع أن يحدث تقارب ولقاء مباشر بين بوتن وزيلينسكي، لكن وفق شروط ترضي الطرف الروسي في المقام الأول لأنه "الأقوى والمسيطر"، وهي تحييد أوكرانيا نهائيًّا بحيث لا تكون تابعة للاتحاد الأوروبي وحلف الناتو، لأنه تهديد مباشر لروسيا من وجهة نظرها.
وتابع، خلال تصريحاته لـ"سكاي نيوز عربية": "كذلك أخذ الاعتراف باستقلال جمهوريتي لوغانسك ودونيتسك داخل أوكرانيا اللتين اعترف باستقلالهما الرئيس الروسي بوتن خاصة أنهما مواليتان له، كما حدث مع شبه جزيرة القرم من قبل، وفي المقابل ربما تكون هناك مقاطعة شبه اقتصادية لروسيا، لكن آثارها ستخف رويدًا رويدًا، وستكون روسيا في النهاية هي المنتصر فهي على الأقل حققت ما كانت تسعى إليه ولو لم يكن كاملًا بنسبة 100في المئة".