مع تكثيف الغرب حزم المساعدات العسكرية لأوكرانيا خاصة من الأسلحة الثقيلة، عمدت روسيا إلى استهداف محطات السكك الحديدية خلال الأيام الأخيرة، ما فسّره محللون على أنه "محاولة لمنع إيصال المساعدات العسكرية إلى شرق أوكرانيا، ومن ثم تسهيل مهمة الجيش الروسي وعدم تكرار الأخطاء السابقة في شمال البلاد".
وتقول قيادة الجيش الأوكراني إن "روسيا تتعمد قصف البنية التحتية للسكك الحديدية في أوكرانيا لتعطيل إمدادات الأسلحة من الدول الأجنبية.. إنهم يحاولون تدمير طرق الإمداد بالمساعدات العسكرية من الدول الشركاء.. للقيام بذلك، يركزون الضربات على خطوط السكك الحديدية".
ووفق صحيفة "بوليتيكو" الأميركية فإن "الهجمات الروسية على السكك الحديدية تأتي مع بدء وصول أنظمة المدفعية الثقيلة والدبابات والعربات المدرعة من الغرب لمساعدة أوكرانيا في الصمود بدونباس".
والثلاثاء الماضي، اجتمعت الولايات المتحدة في ألمانيا مع نحو 40 دولة حليفة بغية توفير مزيد من الأسلحة لأوكرانيا في مواجهة موسكو، وفي كلمته، قال وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن: "نريد إنهاك روسيا إلى درجة لا تتمكن فيها من الإقدام على خطوات مثل اجتياح أوكرانيا".
حماية خطوط الإمداد
وتعقيبًا على ذلك، قال المحلل المتخصص في الشؤون الأمنية والاستراتيجية، ليون رادسيوسيني، إن "روسيا بدأت تستفيد من الأخطاء التي وقعت بها في شمال البلاد حيث منيت بخسائر كبيرة، هي تحاول حاليًّا قطع كل الإمدادات العسكرية واللوجستية، خاصة في ظل دعم غربي واسع لأوكرانيا بأسلحة ثقيلة قد تجعل الكفة متقاربة، ومن ثم زيادة الخسائر بصفوفها".
وأضاف رادسيوسيني، في تصريحات لـ"سكاي نيوز عربية": "لقد جرى استخدام كل تقاطعات السكك الحديدية هذه لتسليم الأسلحة الثقيلة الغربية، والتي يتم نقلها بالطائرات إلى بولندا، ثم إرسالها بالقطارات إلى أوكرانيا".
وأشار إلى أن "حماية خطوط الإمداد الحيوية أو تغيير الخطط المستخدمة سيكون مهمة أساسية للدول الغربية في هذه المرحلة الجديدة من الصراع".
وحسب الكاتب والمحلل السياسي الروسي سيرغي فالتشينكو فإن "الجيش الروسي يحاول بهذه الطريقة منع إيصال المساعدات العسكرية الغربية إلى شرق أوكرانيا، حيث تتمركز القوات المسلحة الأوكرانية".
وأضاف فالتشينكو، في مقال بصحيفة "موسكوفسكي كومسوموليتس" اليومية، أن "مجموعة القوات الأوكرانية بدونباس، تتلقى دعمًا مستمرًّا بالذخائر، وهو ما يساعدها على مقاومة تقدم القوات الروسية، وقوات جمهوريتي دونيتسك ولوغانسك".
وحول أسباب عدم استهداف المحطات خلال المرحلة الأولى، قال إن "القيادة الروسية لم تدرج هذه الأشياء في قائمة الأهداف ذات الأولوية، لأن هذه الجسور قد تكون ضرورية لتقدم قواتنا؛ ومن ناحية أخرى، من الواضح أن القوات المسلحة الأوكرانية، في حال انسحابها، ستدمر هذه الجسور بنفسها.. هكذا تصرفوا في منطقتي كييف وجيتومير".
وتابع: "بطريقة أو بأخرى، تأتي مهمة تدمير طرق توريد الأسلحة والذخائر إلى مجموعة دونباس من الجيش الأوكراني في مقدمة الأهداف حاليًّا، فأي شحنة من المعدات العسكرية لا يتم تدميرها سوف تؤدي إلى تباطؤ في العملية الخاصة وخسائر إضافية لقواتنا".
سر الصمود
مثلت هذه الإمدادات الهائلة من الأسلحة المتطورة والفتاكة، بخلاف إمدادات الوقود ومعدات الحماية والخوذات والإسعافات الأولية، سر صمود الجيش الأوكراني حتى الآن ضد الهجوم الروسي.
وحسب تقارير غربية، فإن الأسلحة والمساعدات العسكرية تتدفق إلى جبهات القتال في أوكرانيا عبر فرق سرية ومتطوعين أوكرانيين وأجانب، وتنطلق شاحنات المساعدات الغربية بشكل يومي من الحدود البولندية إلى مستودع سري في مدينة لفيف غربي أوكرانيا، ومنه إلى مدن أخرى مثل كييف وسومي وخاركيف.
وتعمل فرق متطوعة في عمليات نقل المساعدات إلى جبهات الجيش الأوكراني، حيث تضم شبكات سرية مواطنين أوكرانيين من كل القطاعات، بدءًا من الجنود حتى الأشخاص العاملين في التصوير السينمائي ومنسقي الأغاني ومصممي الديكور وغيرهم، وفق تقرير لصحيفة "واشنطن بوست" الأميركية.
وعقب وصول الشاحنات عبر مسارات غير ممهدة، يفرغ المتطوعون الإمدادات، وبعد التوقف في لفيف لتغيير المركبات، تستمر الرحلة عبر كييف ثم توزع الأسلحة والمعدات على مواقع القتال.
ووفق جون كيربي، المتحدث باسم البنتاغون، فإن الشاحنات التي تحمل إمدادات الأسلحة الأميركية يستقبلها عسكريون أوكرانيون خارج حدود بلادهم، وعادة في بولندا، ثم يرجع الأمر للأوكرانيين ليقرروا وجهتها وكيفية تخصيصها داخل بلادهم.
وأوضح أنه "منذ أغسطس الماضي، منحت وزارة الدفاع أوكرانيا ما يكفي من المدفعية لتجهيز خمس كتائب لاستخدامها المحتمل في دونباس"، لافتًا إلى أن "الجيش الأميركي بدأ أيضًا في تدريب عشرات المقاتلين الأوكرانيين على المعدات الجديدة خارج أوكرانيا".