بعد طول شد وجذب توصل رجل الأعمال الأميركي إيلون ماسك إلى اتفاق للاستحواذ على "تويتر"، سيحصل المساهمون بموجبه على 54.20 دولار للسهم الواحد.
وأحدث الإعلان عن الاستحواذ ردود فعل متباينة في الولايات المتحدة وخارجها، خاصة وأن العملية وفق مراقبين تنطوي على أبعاد سياسية وليست فقط مجرد صفقة تجارية.
وفيما تبدو وفق محللين أوساط الجمهوريون بشكل عام مرحبة أو غير مستاءة من استحواذ ماسك على العصفور الأزرق، خاصة وأن الانتخابات النصفية الأميركية ستجري خلال شهر نوفمبر القادم، ينتاب الأوساط الديمقراطية قلق من ذلك وهو ما عبرت عنه بشكل غير مباشر تعليقات المتحدثة باسم البيت الأبيض على الصفقة، وفقهم .
حيث رفضت المتحدثة باسم البيت الأبيض جين ساكي التعليق مباشرة على نبأ توصل إيلون ماسك، إلى اتفاق لشراء موقع تويتر، لكنها دعت الكونغرس لتشديد القواعد المفروضة على منصات وسائل التواصل الاجتماعي مثل تويتر.
وذلك خلال مؤتمر صحفي في البيت الأبيض عندما سألها أحد الصحفيين عن تعليق البيت الأبيض على صفقة شراء ماسك لتويتر وعما إذا كان هناك أي قلق من إمكانية عودة الرئيس السابق دونالد ترامب إلى منصة تويتر.
وقالت ساكي: "لن أعلق على صفقة معينة. ما يمكنني قوله، بشكل عام، بصرف النظر عمن يمتلك أو يدير تويتر، هو أنه لطالما كان الرئيس (جو بايدن) قلقًا بشأن قوة منصات التواصل الاجتماعي الكبيرة، وما لديها، القوة التي يتمتعون بها على حياتنا اليومية، ويجادل منذ فترة طويلة بأن منصات التكنولوجيا يجب أن تخضع للمساءلة عن الأضرار التي تسببها".
وأضافت: "لقد كان مؤيدا قويا للإصلاحات الأساسية لتحقيق هذا الهدف، بما في ذلك إصلاحات المادة 230، وسن إصلاحات مكافحة الاحتكار، والتي تتطلب مزيدا من الشفافية وأكثر من ذلك".
والمادة 230 هي قانون يحمي قدرة الشركات على إدارة المحتوى، وقد قال البيت الأبيض في الماضي إنه يقوم بمراجعتها.
وقال ماسك في بيان أعلن خلاله شراء تويتر: "حرية التعبير هي حجر الأساس لديمقراطية فاعلة، وتويتر هو ساحة المدينة الرقمية حيث تتم مناقشة الأمور الحيوية لمستقبل البشرية".
مشددا على أنه: "يريد تطوير تويتر ليصبح أفضل من أي وقت مضى من خلال تحسين المنتج بميزات جديدة، وجعل الخوارزميات مفتوحة المصدر لزيادة الثقة، وهزيمة روبوتات التغريد العشوائي".
وختم بالقول: "يتمتع تويتر بإمكانيات هائلة، أتطلع إلى العمل مع الشركة ومجتمع المستخدمين لفك قفلها".
وذهبت تحليلات وتوقعات في الأوساط الإعلامية الأميركية، إلى أن ماسك ربما من خلال الاستحواذ على موقع تويتر، يسعى لترجمة طموحاته في لعب دور سياسي مؤثر، والذهاب بها بعيدا لحد التفكير في الوصول للبيت الأبيض رئيسا في المستقبل، سيما وأن تويتر هو من أبرز ميادين السباق نحو البيت الأبيض.
وتعليقا على ذلك، يقول عامر الشوبكي، الخبير والمستشار الاقتصادي، في حديث مع سكاي نيوز عربية: "تويتر سيكون على عتبة مرحلة جديدة ولا شك، حيث أعلن ماسك عزمه إجراء تغييرات جوهرية عليه، وهو أمر يثير مخاوف لدى كثيرين، حيث أعلن البيت الأبيض أن لدى الإدارة الأميركية خشية في هذا الإطار، مردها أن منصات التواصل الاجتماعي تملك تأثيرا كبيرا جدا في الرأي العام، بغض النظر عن مالكيها، وهي تسهم حتى في تغيير اتجاهات الشارع الأميركي وتلعب دورا محوريا في الانتخابات الأميركية".
ذلك أن استحواذ شركة خاصة على موقع كبير وعالمي وليس فقط أميركي كتويتر، كما يوضح الشوبكي، متابعا :"ربما يخلق قلقا مشروعا على مستقبله، حيث يخشى من فقدان الموقع للشفافية ما قد ينجم عنه تضعضع الثقة به من قبل المتعاملين ومن قبل أوساط كثيرة داخل الرأي العام في الموقع، الذي بات بذلك ملكا لشخص بعينه وهو ما قد يجعله رهينة توجهات ماسك ومطامحه الشخصية".
ويضيف الخبير الاقتصادي: "تصريحات البيت الأبيض بعيد إعلان الاستحواذ، تحمل ما بين سطورها احتمالا للتوجه نحو تفعيل قوانين لمنع الاحتكار في وسائل التواصل الاجتماعي كما هي الحال في منع الاحتكار للتجارة، وهو ما سيتضح خلال أيام، وفي حال عدم اتخاذ الإدارة لإجراءات في هذا الإطار فإن تويتر غالبا سيتحول لموقع يطغى عليه طابع مالكه".
وتساءل الشوبكي فيما إذا الإقبال سيزيد على الموقع أم العكس؟ ليجيب: "في الواقع لا نعلم تماما، خاصة وأن الموقع في ظل الحرب الروسية الأوكرانية شهد تضاعفا في عدد مستخدميه، لكنه تضاعف ربما يكون مؤقتا ومرتبطا بأزمة سياسية عالمية قد يتبدد مع حلها أو طول أمدها، وقد تبادر في هذا السياق المنصات الاجتماعية الأخرى الكبيرة كفيسبوك وإنستغرام وغيرهما، لإعداد خطط لمنافسة ومواجهة تطلعات ماسك بعد استحواذه على تويتر".
ويختم الشوبكي بالقول: "إجمالا سيفقد تويتر الكثير من مصداقيته لدى العديد من المثقفين والاعتباريين في الولايات المتحدة وحول العالم ككل، مع تحوله لأداة خاصة مملوكة لرجل أعمال، كونه المنصة الاجتماعية الأكثر نخبوية دون أن يقلل ذلك من شعبيته وانتشاره بين عامة المستخدمين".
أما الخبير الرقمي، محمد عبد الله، فيقول في حديث مع سكاي نيوز عربية: "الخبر نزل كالصاعقة على العديد من أوساط الفضاء الافتراضي والأوساط الاقتصادية والمالية الأميركية، لدرجة أن ثمة تحفظا شديدا حتى عن إبداء الرأي والموقف والتعليق على الصفقة من قبل مستثمرين ومحللين".
حيث أن ماسك بنجاحه في الاستحواذ على تويتر، كما يقول الخبير الرقمي: "قلب الطاولة والتوقعات بعد أن كان الاعتقاد السائد بعد رفض طلبه لشراء تويتر، والإعلان فيما بعد عن اعتماد خطة حبة السم من قبل مجلس إدارته لمنع ماسك من الاستحواذ على الموقع، هو فشله لكنه في النهاية تمكن من تحقيق هدفه".
وكانت مصادر مطلعة قد كشفت أن تويتر بصدد الموافقة على صفقة بيعه إلى الملياردير الأميركي مقابل 54.20 دولار نقدا للسهم، متوقعة حدوث الصفقة "خلال ساعات".
والسعر المذكور وصفه ماسك الرئيس التنفيذي لشركة تسلا، بأنه عرضه "الأفضل والأخير" لشراء منصة التواصل الاجتماعي.
وكان ماسك، أغنى شخص في العالم وفقا لمجلة "فوربس"، يتفاوض من أجل شراء "تويتر" بصفته الشخصية، ولا تشارك "تسلا" في الصفقة.
وارتفعت أسهم تويتر بنسبة 4.5 بالمئة في تعاملات ما قبل السوق في نيويورك، الاثنين، إلى 51.15 دولار.
وفي وقت سابق، قال ماسك إن "تويتر" بحاجة لأن يصبح شركة خاصة لكي ينمو ويصبح منصة حقيقية لحرية التعبير، وتأتي الصفقة بعد 4 أيام فقط من كشف ماسك النقاب عن حزمة تمويل لدعم عملية الاستحواذ.