فجر 24 فبراير الماضي، بدأ الجيش الروسي في توجيه ضربات صاروخية في شتى أرجاء أوكرانيا، قبل أن يبدأ اجتياحها من 3 جهات في أكبر هجوم من نوعه على دولة أوروبية منذ الحرب العالمية الثانية.
وبعد ترقب كبير، أطلقت روسيا حربها في أوكرانيا، التي قالت إنها مجرد "عملية عسكرية خاصة" من أجل حماية إقليم دونباس جنوب شرقي أوكرانيا، حيث يعيش ناطقون باللغة الروسية، حيث تقول موسكو إنهم يتعرضون للتمييز العنصري.
واليوم، أي في 24 أبريل، لا يبدو أن نهاية الحرب في أوكرانيا قريبة أو تلوح في الأفق، وربما تستمر لأشهر أو سنوات وفقا لبعض التقديرات الغربية، فيما قال الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، إنه لا يعرف متى ستنتهي الحرب.
وما بدا أنها حرب روسية سريعة طالت وامتدت بأكثر مما هو مقدر لها، ما أجبرها على تغيير أهدافها الرئيسية، فأعلنت في نهاية مارس تخفيض حجم نشاطها العسكري في محيط كييف وشمالي البلاد، وتركيزها جهودها على "تحرير" إقليم دونباس شرقي البلاد.
وقالت صحيفة "الغارديان" البريطانية، خلال الحرب، إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتن أبلغ مسؤولا أوروبيا قبل سنوات أن بوسعه احتلال كييف خلال أسبوعين، لكن الأسبوعين صارا شهرين، ولم تتمكن قواته من الاستيلاء على عاصمة الجارة الغربية.
بوتن: العملية ناجحة
في المقابل، يؤكد بوتن أن العملية العسكرية في أوكرانيا تسير بنجاح ووفق المخطط الزمني المحدد لها، وهنأ قبل أيام وزير دفاعه سيرغي شويغو على نجاح الجيش الروسي في السيطرة على مدينة ماريوبول الساحلية، باستثناء مصنع آزوفستال.
وبعد مرور 60 يوما على اندلاع القتال لم تسيطر القوات الروسية سوى على مدينتين كبيرتين هما ماريوبوبول وخيرسون.
ومن السابق لأوانه تحديد ما إذا كان بوتن قد نجح في تحقيق أهدافه في حرب أوكرانيا، لكن الأخيرة وعلى لسان رئيسها فولوديمير زيلينسكي، أصبحت تقول إنها غير معنية بالانضمام إلى حلف "الناتو"، وهذا من أبرز المطالب الروسية قبل الحرب وخلالها، فموسكو لا تريد وجود الحلف العسكري الغربي على حدودها.
أكبر تحول بالحرب
وفي نهاية مارس الماضي، حدث أكبر تحول في مسار الحرب حتى الآن، تقول أوكرانيا إنه جاء بفعل المقاومة الشرسة التي أبدتها قواتها، لكن روسيا تقول إنها انسحبت من أجل توفير أجواء إيجابية لمفاوضات إسطنبول، التي لم تتمكن إن إحداث تغيير كبير حتى الآن.
وتراكمت الإشارات على حشد القوات الروسية في شرقي أوكرانيا، تمهيدا لما بدا أنه هجوم يسعى للسيطرة على إقليم دونباس.
وفي 19 أبريل الجاري، أعلن زيلينسكي أن روسيا بدأت شن الهجوم الكبير في شرقي أوكرانيا.
وجاءت الحرب في أوكرانيا، بعدما حشدت روسيا على مدار أشهر قوات ضخمة على حدود جارتها الغربية، نفت في البداية أن تكون موجهة ضد أحد، وقالت إنها تمركزت هناك من أجل إجراء تدريبات، لكن كييف والغرب كانا يؤكدان أن الهجوم الروسي وشيك.
القتلى واللاجئون
وعلى صعيد الخسائر البشرية، تتفاوت الأرقام بين تلك التي أعلنتها الأمم المتحدة والسلطات الأوكرانية.
وقالت الأمم المتحدة في بيان لها يوم 20 أبريل إن 2224 مدنيا أوكرانيا قتلوا في الهجوم الروسي، فضلا عن إصابة نحو 3 آلاف،
لكن أوكرانيا تقول إن الرقم أكبر بكثير، فعلى سبيل المثال سقط نحو 20 ألف قتيل في معارك مدينة ماريوبول الساحلية المحاصرة.
ويصعب الوصول إلى رقم دقيق لحصيلة القتلى في البلاد، بسبب استمرار القصف وعدم تمكن فرق الإنقاذ من الوصول إلى مناطق القتال.
ومنذ اليوم للحرب، بدأ المدنيون الأوكرانيون يفرون من ديارهم، وقدر عددهم بعشرات الآلاف في ذلك اليوم، وبعد مرور شهرين تقول الأمم المتحدة إن العدد وصل إلى 5 ملايين أوكراني غادروا بلادهم، تشكل النساء والأطفال 90 بالمئة منهم.
وشكّل هؤلاء أكبر أزمة لاجئين في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية.
ومع انخفاض مستوى العمليات العسكرية الروسية في محيط كييف وشمالي أوكرانيا، أواخر مارس الماضي، بدأ الأوكرانيون يعودون إلى ديارهم، وقدرت الأمم المتحدة عددهم بنحو 1.1 مليون شخص.
وتقدر المفوضية السامية لشؤون اللاجئين عدد النازحين الأوكرانيين داخل بلادهم بنحو 7.1 مليون شخص.
خسائر بالمليارات
وعلى صعيد الخسائر المادية، تقول كييف إن الحرب ألحقت أضرارا كبيرة بنحو 30 بالمئة من البنية التحتية فيها، بخسائر قدرت بنحو 100 مليار دولار فيما ذهبت تقديرات أخرى أن الخسائر وصلت إلى 500 مليار دولار، على أن عملية إعادة الأعمار ستستغرق على الأقل عامين.
واتهمت أوكرانيا روسيا بتدمير ممنهج للبنية التحتية، مثل تدمير أكثر من 300 جسر في البلاد، فضلا عن تدمير أو تضرر أكثر من 8000 كيلومتر من الطرق تحتاج إلى إصلاحات أو إعادة بناء.