مع بدء العمليات العسكرية الروسية الأوكرانية، اصطفت معظم الدول الأوروبية إلى جانب كييف، داعمة إياها بالسلاح والعتاد، بينما كان موقف برلين محل انتقادات سواء داخل ألمانيا أو خارجها، إلا أن الفترة الأخيرة شهدت دعما غير محدود.
وخلال الفترة الماضية، مارست أوكرانيا ضغوطا قوية على الحكومة الألمانية، للحصول على أسلحة دفاعية في مواجهة روسيا، ودفع برلين للعب دور أكثر قوة بالأزمة.
ومطلع مارس الماضي، أعلن المستشار الألماني، أولاف شولتز، أن "ألمانيا ليست طرفا في الصراع في أوكرانيا، ولن تنضم إليه"، إلا أنه بعد انتقادات واسعة تحول الموقف لدرجة أن وزيرة الخارجية الألمانية، أنالينا بيربوك، قالت إن "كييف تحتاج إلى الأسلحة الثقيلة، وهذا ليس وقتا لتقديم الأعذار".
وذكرت مصادر في الحكومة، لوكالة الأنباء الألمانية، أن الحكومة الاتحادية تعد حاليا لتبادل متعدد الأطراف لإتمام توريد أسلحة ثقيلة لأوكرانيا.
وأوضحت المصادر أنه من المقرر خلال ذلك أن تورد سلوفينيا عددا أكبر من الدبابات القتالية من طراز "تي-72" لأوكرانيا، على أن تحصل سلوفينيا في مقابل ذلك من ألمانيا على ناقلة جند مدرعة من طراز "ماردر" وكذلك على مدرعة من طراز "فوكس".
وتعود الدبابات "تي-72" للحقبة السوفياتية، ويتم استخدامها بالفعل من جانب الجيش الأوكراني، ولا تتطلب تدريبا إضافيا شاملا.
وحسب ما ذكرته الدوائر الحكومية، طلبت سلوفينيا مزيدا من المعدات الحديثة من ألمانيا كمقاصة، من بينها مثلا الدبابة القتالية الألمانية "ليوبارد 2" ومدرعة من طراز "بوكسر" وناقلة جند مدرعة من طراز "بوما" التي سيتم إدخالها الخدمة في الجيش الألماني خلفا للناقلة من طراز "ماردر" التي يتم استخدامها منذ 50 عاما.
من جانبها، أكدت وزيرة الدفاع الألمانية كريستيانه لامبرشت، الخميس، أن ألمانيا سوف تدرب جنودا أوكرانيين على المدفع الذاتي الحركة "بي زد إف".
3 أسباب
وعن موقف ألمانيا، قال المحلل التشيكي الكندي المتخصص في الشؤون الأمنية والسياسية الدولية، ميتشل بيلفر، إنه "في بداية الأزمة الأوكرانية، وعدت برلين بإرسال 3000 خوذة وبعض السترات إلى أوكرانيا، وعندما بدأت الحرب، غيرت برلين موقفها بسرعة ووعدت بإرسال معدات عسكرية أكثر تقدما وقاتلة إلى أوكرانيا، لكن هذا لم يتحقق بعد، ولم يتم الوفاء بالعديد من وعود برلين بمساعدة أوكرانيا عسكريا".
وأضاف بيلفر، وهو مدير مركز المعلومات الخليجي الأوروبي في روما، في تصريحات لـ"سكاي نيوز عربية"، أن هذا "يرجع جزئيا إلى السياسة الخارجية السلمية لألمانيا على المدى الطويل. تميل ألمانيا إلى عدم التورط في العديد من النزاعات، لكن الأمر الأكثر تشاؤما هو أن ألمانيا تبالغ في الاعتماد على الغاز الروسي وتقديرها أن روسيا مستعدة لتحقيق نصر سريع دفعها إلى مقاومة دعم تعزيز القدرات العسكرية لأوكراني، هذا التردد هو سبب عدم دعوة زيلينسكي شتاينماير لزيارة كييف".
وتابع: "يبدو أن هذه بالفعل نقطة تحول في العلاقة بين برلين وموسكو، حيث تتزايد الضغوط وتتصاعد سواء داخليا أو عبر الناتو والاتحاد الأوروبي لتغيير سلوكها بالأزمة. وسواء أكان بالإشارة إلى مشروع خط أنابيب نورد ستريم أو حرية حركة الأوليغاركية الروسية عبر ألمانيا والاتحاد الأوروبي الأوسع، فهناك دعوات متزايدة لإعادة تعريف العلاقة.
وتجدر الإشارة أيضا إلى أن هذا قد يكون نقطة تحول في علاقة ألمانيا بحلفائها الغربيين أيضا. ألمانيا ببساطة لم تأخذ زمام المبادرة في هذه الأزمة، ولا يمكن اعتبارها الزعيمة الاستراتيجية للاتحاد الأوروبي في أعقاب خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي".
وأوضح أنه "بدلا من ذلك، تتجه الأنظار إلى باريس لتلعب هذا الدور. أيضا، على الرغم من أن المملكة المتحدة لم تعد عضوا في الاتحاد الأوروبي فإنها تلعب دورا مهما للغاية كقائد لحلف شمال الأطلسي في هذه الأزمة. لذلك، تحتل ألمانيا الآن المقعد الخلفي لكل من فرنسا وبريطانيا عندما يتعلق الأمر بمساعدة أوكرانيا".
ماذا قدمت ألمانيا لأوكرانيا؟
كشفت وسائل إعلام ألمانية عن إجمالي الأسلحة والذخيرة التي تلقتها أوكرانيا من ألمانيا منذ بدء العمليات العسكرية الروسية في أوكرانيا.
وأوضحت أن أوكرانيا حصلت حتى الآن من ألمانيا على نحو 2500 صاروخ مضاد للطائرات و900 قاذف مضاد للدروع "بانزر فاوست" و100 رشاش و50 صاروخا.
وأضافت أنه تم الحصول أيضا على 100 ألف قنبلة يدوية و2000 لغم ونحو 5300 عبوة ناسفة، وكذلك أكثر من 16 مليون طلقة ذخيرة من عيارات مختلفة لأسلحة يدوية، بدءا من بنادق آلية وصولا إلى مدافع رشاشة ثقيلة.