اتهم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون منافسته اليمينية المتطرفة مارين لوبان بأنها عبدة للرئيس الروسي فلاديمير بوتن بسبب حصول حزبها على قرض قبل أعوام من بنك روسي في مناظرة تلفزيونية حادة قبل الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية يوم الأحد.
وبينما اتهم ماكرون منافسته بأن لديها رغبة غير منقوصة في إخراج فرنسا من الاتحاد الأوروبي، ردت لوبان بتعهد بإعادة الأموال إلى جيوب ملايين الفرنسيين الذين زادوا فقرا خلال 5 سنوات من رئاسة ماكرون.
تخللت المناظرة، وهي الوحيدة بينهما في هذه الانتخابات، عبارات مثل "لا تقاطعني"، واتهامات من كل طرف إلى الآخر بأنه غير مؤهل لقيادة فرنسا التي تملك حق النقض (فيتو) في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة وثاني أكبر قوة اقتصادية في أوروبا.
وقال ماكرون للوبان "كفي عن خلط الأمور ببعضها"، وذلك خلال نقاش محتدم حول ديون فرنسا، التي تضخمت مثل ديون الدول الأخرى بسبب التدابير التي اتخذت للدعم بسبب الجائحة.
وردت لوبان، التي تجنبت الزلات التي وقعت فيها في مناظرة سابقة في انتخابات 2017، قائلة لماكرون "لا تعطني دروسا".
وبالنسبة إلى لوبان، التي تتأخر كثيرا عن ماكرون في استطلاعات آراء الناخبين، بفارق 56-44 بالمئة، فإن المناظرة فرصة لإقناع الناخبين بأنها تتمتع بالمكانة التي تجعلها رئيسة وبأنهم لا ينبغي لهم الخوف من رؤية اليمين المتطرف في السلطة.
وأظهر استطلاع سريع للرأي أجرته شركة إيلابي لصالح محطة بي.إف.إم التلفزيونية أن 59 بالمئة من المشاهدين الذين شملهم الاستطلاع يرون أن ماكرون أكثر إقناعا عن لوبان، لكن من غير الواضح كيف ستترجم هذه النتيجة في اتجاهات التصويت يوم الأحد.
وكانت أقوى نقاط الهجوم لدى ماكرون هو القرض الذي حصل عليه حزب لوبان لحملتها في انتخابات 2017 من بنك روسي.
وقال ماكرون لمنافسته "أنتِ تعتمدين على القوة الروسية، وتعتمدين على السيد بوتن".
وأضاف في هجوم على مواقف لوبان السياسية "يمكن تفسير الكثير من خياراتك من خلال هذا الاعتماد". وقال إنه لا يزال من بين تلك المواقف "مشروعا لا تجرؤ على الإفصاح عنه" بإخراج فرنسا من الاتحاد الأوروبي الذي يضم 27 دولة.
ونفت لوبان، التي خففت من نبرة خطابها الذي كان معارضا بشدة للاتحاد الأوروبي في محاولة لزيادة استمالة الناخبين، كلا من الاتهام بأنها تريد الانسحاب من الاتحاد الأوروبي وبأنها مهددة سياسيا بسبب قرض البنك الروسي.
وقالت "أنا امرأة حرة ومستقلة تماما".
اتفاق درجة حرارة الغرفة
مع انخفاض معدل البطالة إلى أدنى مستوى له في 13 عاما، قال ماكرون إنه فخور بخلق فرص عمل خلال فترة ولايته، وأضاف "أفضل طريقة لاكتساب القوة الشرائية هي محاربة البطالة".
وظل المرشحان يتبادلان الاتهامات بالفشل في التجاوب مع مخاوف الناخبين الحقيقية، إذ قالت لوبان إن مقترحاتها "في الحياة الواقعية".
وقالت "سأجعل الأولوية القصوى بالنسبة لي خلال السنوات الخمس القادمة هي أن أعيد للفرنسيين أموالهم" وأضافت أن الفرنسيين "عانوا" في فترة ولاية ماكرون.
وتقدم الانتخابات للفرنسيين رؤيتين متعارضتين لبلادهم، إذ يقدم ماكرون برنامجا ليبراليا مؤيدا لأوروبا، بينما تأسس برنامج لوبان القومي على شكوك عميقة تجاه أوروبا.
وجرى كثير من المساومات خلف الكواليس قبل المناظرة، بدءا بدرجة حرارة الغرفة إلى اللجوء إلى عملة لتحديد بأي موضوع ستبدأ المناظرة، تكاليف المعيشة، ومن الذي سيتحدث أولا، لوبان.
وأظهر استطلاع أجرته مؤسسة أوبنيان واي-كيا بارتنرز لصالح صحيفة ليزيكو أن حوالي 14 بالمئة من الناخبين كانوا ينتظرون المناظرة لتحديد من سيصوتون له، بينما قال 12 بالمئة إنهم سيحسمون أمرهم إذا كانوا سيصوتون من الأساس.
ويعني ذلك انه بعد تصويت أكثر من نصف الناخبين إما لمرشح اليمين المتطرف أو لمرشح اليسار المتشدد في الجولة الأولى التي جرت في العاشر من أبريل، فإن تقدم ماكرون في استطلاعات الرأي أقل بكثير عما كان عليه قبل خمس سنوات عندما هزم لوبان بنسبة 66.1 بالمئة من الأصوات.
حظر الحجاب
واتهم ماكرون منافسته لوبان بالمخاطرة بإشعال "حرب أهلية" في فرنسا في حال تم انتخابها رئيسة ونفذت تعهدها بحظر الحجاب في الأماكن العامة.
وأكدت لوبن خلال مناظرة رئاسية متلفزة تمسكها بفكرتها المثيرة للجدل بشأن حظر الحجاب الذي تعتبره "زيا موحدا فرضه الإسلاميون"، لكنها شددت على أنها "لا تحارب الإسلام".
ورد ماكرون عليها بالقول "سوف تتسببين بإشعال حرب أهلية. أقول ذلك بصدق"، وفقا لفرانس برس.
وقال ماكرون "إنك تدفعين الملايين من مواطنينا إلى خارج الفضاء العام"، معتبرا أن ذلك سيكون "قانون نبذ"، غير أن لوبان ردت قائلة إنه سيكون "قانونا للدفاع عن الحرية".
وأضاف "فرنسا، موطن التنوير والكونيّة، ستصبح أول دولة في العالم تحظر الرموز الدينية في الأماكن العامة. هذا ما تقترحينه، وهو غير منطقي"، وأردف ساخرا من منافسته "كم عدد الشرطيين الذي تقترحينه لملاحقة من يضع الحجاب أو الكيبا أو اي رمز ديني؟"