تتوالى المؤشرات وفق تقارير روسية وغربية وأوكرانية حول احتمال شن موسكو لهجوم عسكري واسع النطاق، شرق أوكرانيا، خلال الأيام القليلة القادمة.
وقال الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، في خطابه المسائي الأحد، إن الأسبوع المقبل سيكون "عصيبا"، محذرا من أن "القوات الروسية ستنتقل إلى عمليات أكبر في شرق أوكرانيا"، حسبما نقلت شبكة "سكاي نيوز" البريطانية.
وأشار إلى أن روسيا تحشد عشرات آلاف الجنود من أجل المرحلة المقبلة من المعركة.
وعن احتمالات الهجوم الروسي الواسع لإحكام السيطرة على شرق أوكرانيا، يقول حسن المومني، أستاذ العلاقات الدولية وفض النزاعات، في حديث لـ"سكاي نيوز عربية": "مسألة شرق أوكرانيا كانت حتى قبل هذه الحرب ومنذ العام 2014 هي الأولوية القصوى لروسيا في أوكرانيا، ولهذا ركزت جهودها عليها، فسابقا كان هناك أمل بتسويتها عبر المفاوضات والحوار وهو ما لم يحدث".
وتابع أنه "مع اندلاع الحرب، فلا شك أن روسيا رفعت سقف مطالبها بدءا من مسألة الإصرار على حيادية أوكرانيا ونزع سلاحها، وحسم مسألة الشرق والاعتراف بسيادة موسكو على شبه جزيرة القرم".
حسابات جديدة
يضيف المومني "مع محدودية قدرة روسيا على تحقيق جملة هذه الأهداف دفعة واحدة، لا سيما في الوقت الحاضر، فإن موسكو تنحو نحو مراجعة أهدافها حيث يبدو أن التركيز سينصب على منطقة الشرق وإظهارها كأولوية بالاستناد إلى التلاصق الجغرافي والتداخل الاجتماعي والترابط العرقي واللغوي بينها وبين مناطق شرق أوكرانيا، وبالتالي فموسكو تتحدث الآن عن مسألة الشرق كهدف أساسي".
بالنسبة لبقية الملفات كحيادية أوكرانيا ونزع سلاحها، يقول أستاذ العلاقات الدولية وفض النزاعات إن "روسيا توصلت لقناعة بأن تسوية هذه القضايا قد تطول وتحتاج لوقت طويل نسبيا، خاصة أننا لا نتحدث عن مواجهة روسية أوكرانية، بل مواجهة روسية غربية، في ظل الدعم الغربي الواسع لكييف والعقوبات الصارمة التي فرضت على موسكو".
وتابع أن موسكو باتت مقتنعة بأن تنفيذ أهدافها كافة في الملعب الأوكراني يبدو متعذرا، ولهذا فالبوصلة الروسية تتجه نحو شرق أوكرانيا والذي هو هدف حيوي واستراتيجي لروسيا ويمكن تحقيقه في المدى القصير أو المتوسط على أبعد تقدير".
ويتابع المومني :"أما باقي الأهداف فهي ليست في متناول مخالب الدب الروسي، وهي تتعلق بصراع طويل مع الغرب وبفعل الموقف الصقوري الغربي من الروس، ولهذا فروسيا الآن أمام إعادة ترتيب أولوياتها وأجنداتها الأوكرانية".
تعزيز ورقة التفاوض
ويضيف "السيطرة الروسية على كامل شرق أوكرانيا، قد تمنح موسكو أفضلية في الموقف التفاوضي على مجمل الملفات العالقة مع كييف، وربما تفرض واقعا في الشرق مثل ما قامت به في شبه جزيرة القرم، وبالتالي تقوم لاحقا بعملية الضم".
وتابع "ما يتم الآن هو إعادة تموضع روسية في الميدان الأوكراني بما يتلاءم مع قدرتها على تحقيق الممكن وهو السيطرة على الشرق. وما دون ذلك، أظهرت الأسابيع الطويلة الماضية منذ بدء الحرب صعوبة تحقيقه في ظل عدم قدرة موسكو على إنجاز كافة أهدافها التي أعلنتها مع بداية عمليتها العسكرية".
بدوره يقول مسلم شعيتو، رئيس مركز الحوار الروسي العربي، في لقاء مع سكاي نيوز عربية :"كما هو معروف فإن هدف العملية العسكرية الروسية الأول والمحدد في أوكرانيا، هو حماية جمهوريتي لوغانسك ودونيتسك في منطقة دونباس من الاعتداءات الأوكرانية التي استهدفتهما لأكثر من 8 سنوات وراح ضحيتها الآلاف، والتي وصلت لدرجة يمكن وصفها بتعرض سكانها من أصل روسي للإبادة".
مرحلة وشيكة
ويتابع الخبير في الشؤون الروسية "هذه العملية ستستكمل في مرحلتها الثانية الوشيكة لتحرير كافة مناطق دونباس الشرقية المحاذية لروسيا، وهي ستبدأ بعد اكتمال معركة مدينة ماريوبل الجنوبية، وهذه العملية المرتقبة الشاملة في الشرق ستتعرض حال تنفيذها لحملات البروباغاندا الغربية المناهضة لها، لكن ذلك لن يؤثر أبدا على إكمالها، وإنجاز المهمة التي وضعتها موسكو نصب عينيها هناك".
هذا وكان الجيش الروسي، قد أعلن نهاية مارس الماضي، أنه سيغير استراتيجيته وسيركز على "التحرير الكامل" لمنطقة دونباس في شرق أوكرانيا.
وذكر حينها نائب رئيس الأركان العامة الروسية، سيرغي رودسكوي أن "الأهداف الرئيسية للمرحلة الأولى للعملية أنجزت".
وأضاف "لقد تم خفض القدرات القتالية للقوات الأوكرانية بشكل كبير، مما يسمح، بتركيز الجزء الأكبر من الجهود على الهدف الرئيسي: تحرير دونباس".
وهذا الإعلان عده المراقبون والخبراء العسكريون علامة على أن موسكو، ربما في ظل استعصاء تحقيق سيناريو السيطرة على كامل أوكرانيا وخاصة العاصمة كييف وكلفتها الباهظة، يبدو أنها ستكتفي بتحقيق هدفها الأول والذي كان سببا لبدئها العمليات العسكرية، وهو حماية الروس في شرق أوكرانيا وضمان حقوقهم وخاصة في جمهوريتي لوغانسك ودونيتسك المعلنتين من جانب واحد في إقليم دونباس.
وقبل بدء العمليات العسكرية في 24 فبراير الماضي بأيام، اعترفت روسيا باستقلال "الجمهوريتين"، وأمرت بما وصفته بعملية لحفظ السلام في المنطقة.